في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الداخلية المغربية تفكيك خلايا "إرهابية" مختصة في تجنيد وإرسال مقاتلين مغاربة إلى سوريا، يجري بين الفينة والأخرى اعتقال العشرات من المغاربة العائدين من أرض الشام المشتعلة بنيران الحرب الطاحنة، حيث يتم رصدهم فور نزولهم إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء قادمين من تركيا.
وتعرف المحكمة المختصة في قضايا مكافحة الإرهاب بسلا عرض قضايا المغاربة العائدين من جبهات القتال في سوريا، آخرها جرى الخميس الماضي، حيث الحكم على كل من ياسين أمغان، المنسق المحلي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بالدار البيضاء، وزميله صفوان شيكو، بخمس سنوات سجناً نافذاً لكل واحد منهما.
وكانت السلطات التركية قد قامت بترحيل أمغان وزميله شيكو وزوجتيهما إلى ماليزيا أواخر يناير المنصرم، ثم إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، قبل أن يتم اعتقالهما وإحالتهما على قاضي التحقيق وإيداعهما بسجن سلا2، فيما تم الإفراج عن زوجتيهما بعد ساعات من التحقيق.
وفي الحين الذي وصلت فيها أعداد العائدين المغاربة من القتال في سوريا إلى وطنهم، لأ?ثر من خمسين شخصاً، لا تزال أضعاف هذا العدد مشتّتة في تركيا، التي تعد بلد العبور الآمن لجل المهاجرين العرب والأجانب المجندين للقتال في أرض سوريا، حيث يعيش العشرات من المغاربة أوضاعاً مادية اجتماعية صعبة هناك، بعد أن كانوا يعيشون تحت نفقة الفصائل التكفيرية.
وأوضح خليل الإدريسي، الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط، في تصريح لموقع "هسبريس" أن المعتقلين المغاربة في حالة عودتهم من سوريا أو التخطيط للذهاب لها، توجه لهم تهمة "تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية المنصوص عليها في الفصل 218-1 الفقرة التاسعة".
وأشار الناشط بقضايا تتعلق بالإرهاب إلى توجه وزارة العدل والحريات المغربیة مؤخراً نحو إصدار نص يجرم التوجه إلى البلدان التي تعرف نزاعات مسلحة، مضيفاً "لولا الفراغ التشريعي الحالي لما تم التفكير في مثل هكذا قانون".
واعتبر الإدريسي أن الأحكام التي تصدر في هذا النوع من القضايا، تتراوح في عمومها بين سنتَيْن سجناً نافذاً وخمس سنوات.
ويرى مقربون من ملف المعتقلين المغاربة العائدين من سوريا أن رجوعهم من القتال ضمن كتائب تكفيرية منتمية لتنظيم القاعدة جاء بعد أن "تبخر" حلمهم في "جهاد واضح المعالم"، حيث وجدوا أنفسهم مُقحَمين في معركة خاطئة "سمتها الرئيسية ذبح المسلمين"، فيما تؤكد مصادر أخرى أن بعض المغاربة هناك اعتزلوا القتال وتوجهوا إلى العمل الإغاثي الإنساني على الحدود السورية التركية.
وتستمر المصادر المذكورة شرحها بالقول إن "التائبين" المغاربة صدموا بواقع "الفتنة" بين الفصائل الإسلامية المقاتلة، "وجدوا أنفسهم مضطرين لحمل السلاح في وجه مقاتلين آخرين جاؤوا للغرض ذاته وهو إسقاط نظام بشار الأسد"، مشيرة أن عدداً منهم يخافون العودة للمغرب مخافة اعتقالهم والحكم عليهم بالسجن بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
العالم