تظاهرت منسقية أحزاب المعارضة الموريتانية أمس الأربعاء في العاصمة نواكشوط ضد ما تصفه "بانهيار الأمن، وطغيان النظام الحاكم، وارتفاع الأسعار في البلاد"، وذلك بعد أيام قليلة على إعلان المعارضة عن تنظيم صفوفها وتشكيل منسقية تضم تسعة أحزاب سياسية للبدء في سلسلة نشاطات ضد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وتعتبر هذه المظاهرة هي أول نزول للشارع تقوم به المعارضة منذ الانتخابات الرئاسية التي نظمت في 18 يوليو/تموز الماضي وفاز فيها ولد عبد العزيز، رغم أن بعض قوى المعارضة شككت في النتائج وطالبت بتحقيق محايد، ورفضت الاعتراف بشرعية الرئيس الجديد.ويأتي تحرك المعارضة بعد حادثتي اختطاف خمسة رعايا أوروبيين (ثلاثة إسبان وإيطالييْن) في الأسابيع الماضية في حادثتين منفصلتين خلال أقل من شهر.
كما يأتي أيضا بعد إقرار البرلمان الموريتاني موازنة العام القادم 2010 التي تضمنت زيادات ضريبية على بعض المواد الاستهلاكية مثل الأرز، وعلى المحروقات والاتصالات.ونددت المعارضة بقوة -خلال مسيرتها وخلال المهرجان الذي عقدته عقب المسيرة- بما وصفته بالانهيار الأمني في البلاد، واعتبرت أن البلد يعيش اليوم أسوأ وأخطر فتراته بطغيان النظام الحاكم الذي جاء عبر انتخابات رفضت المعارضة نتائجها ابتداء، وإن أبدت مرونة في التعاطي مع نتائجها في الفترة الأخيرة.
كما رفعت خلال المسيرة لافتات وشعارات تندد بحبس ثلاثة رجال أعمال من أبناء عمومة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، واعتبر المتظاهرون أن ذلك يمثل تمييزا وتصفية حسابات سياسة وقبلية ضد جهات معروفة اجتماعيا وسياسيا، مما يعرض استقرار البلد الاجتماعي للخطر. وقال رئيس مجلس النواب ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير إن وضعية الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد باتت تهدد وجودها.
ونبه إلى أن من أكثر المبررات التي قدمها ولد عبد العزيز للانقلاب على الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عدم قدرة الأخير على السيطرة على أمن البلاد، متسائلاً عما إن كانت الأوضاع الأمنية تحسنت بمجيء ولد عبد العزيز للسلطة. ويضيف ولد بلخير أن الواقع اليوم يثبت عكس ذلك، مشيراً إلى أنه في عهد الرئيس المخلوع "يمكن أن نعدد الاختلالات الأمنية، أما اليوم فإن الانفلات الأمني وصل درجة من التنوع والخطورة لم يسبق لها مثيل".
ويوضح ولد بلخير أنه في عهد الرئيس الحالي "قطعت رؤوس أفراد الجيش، وفخخت أبدانهم، وقد قتل أميركي في وضح النهار بوسط العاصمة نواكشوط، واختطف الإسبان قرب العاصمة وأخرجهم خاطفوهم من الأراضي الموريتانية كلها بسرعة البرق، وأخيرا جاء خطف الإيطاليَين ليتوج حالة الانهيار الأمني". كما انتقد زعيم المعارضة أحمد ولد داداه الوضع القائم، وقال إن الزج بعدد من رجال الأعمال في غياهب السجون يمثل نذير سوء للبلد، ويكرس حالة الظلم والطغيان التي يسيّر بها النظام القائم شؤون الدولة.
سياسة ظالمة
واعتبر رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود أن حالة "عدم الأمن" التي تعيشها البلاد بالتزامن مع غلاء المعيشة وطغيان النظام القائم، تمثل كلها أوجها لسياسة ظالمة ومرفوضة وغير قابلة للاستمرار، على حد تعبيره.
وبدوره اعتبر الناطق باسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم صالح ولد دهماش في حديثه للجزيرة نت أن المعارضة تفتعل أزمات لا وجود لها، وتطعن في شرعية نظام لا شبهة فيه، وأن ما تعتبره المعارضة تدهورا أمنيا يمثل حالات فردية معزولة تم التعاطي بجدية معها، وتم اتخاذ إجراءات صارمة من أجل عدم تكرارها. ويرفض دهماش ما سمته المعارضة طغيانا للنظام القائم، وقال إنه "على العكس من ذلك فالحريات مكفولة ومصانة"، واستدل على ذلك بالمسيرة التي نظمتها المعارضة، مشيراً إلى أنه تم الترخيص لها والترويج لها أيضا في التلفزيون الرسمي للدولة.