أصدرت وزارة الداخلية الكينية أمراً توجيهياً جديداً فرضت بموجبه جمع معلومات حول المستأجرين، مما يعرّض المالكين لخطر فقدان عقاراتهم وإيرادات الإيجار مؤقتاً ويخلق وضعاً قد تقع فيه معلومات الناس الشخصية في الأيدي الخاطئة.
وذكر وزير الداخلية والتنسيق في الحكومة الوطنية، جوزيف أولي لنكو، أن الأمر التوجيهي الجديد الذي سيسري مفعوله ابتداءً من الأول من أيار/مايو المقبل، سيسمح للحكومة بالاستيلاء على المباني التجارية والسكنية التي يُشتبه أنها شكّلت مأوى للمجرمين.
وأعلن لنكو لصباحي "يجب أن يكون الأمن مسؤولية مشتركة. ولجعل الجميع يتحملون هذه المسؤولية، بدأنا بمطالبة المالكين بجمع معلومات عن كل مستأجر يسمحون له بالإقامة في منازلهم".
وذكر أن الشرطة واجهت مشاكل أثناء تفتيش المباني التي يُشتبه أنها تأوي مجرمين. وعلى سبيل المثال عند هرب المشتبه بهم، غالباً ما يعجز المالكون عن توفير تفاصيل مفيدة تسمح بتعقب هؤلاء المطلوبين.
وأضاف "ولكن لن يحصل ذلك مجدداً إذ أننا لن نسمح للمالكين بالاستمرار بأخذ رسم الإيجار فقط، إذا لم يهتموا بالأنشطة التي تجري في مبانيهم".
وبموجب النظام الجديد الذي أُعلن عنه في 7 نيسان/أبريل، سيُطلب من المالكين جمع معلومات شخصية مفصلة عن المستأجرين لديهم، مثل نسخ وثائق التعريف عن النفس ومعلومات الاتصال الخاصة بأقرب أقربائهم ومعلومات ترتبط بمكان عملهم.
وشرح لنكو قائلاً "سيكون ذلك إجبارياً ولا مجال للتهرب. وبالنسبة لمن سيحاولون تجاهله، [فليتأملوا] بألا يحصل أي نشاط مشبوه في ملكياتهم. كذلك، سنطلب من المستأجرين أن يحصلوا على مزيد من المعلومات عن المالكين الذين يتعاملون معهم".
وتابع قائلاً إنه ما أن يتم الكشف عن صلة وصل بين مشتبه به ومبنى معيّن، حتى تعلن الشرطة ذلك المبنى مسرح جريمة ويوضع العقار تحت سيطرة الحكومة إلى أن يُعتقل كل المشتبه بهم الذين كانوا في المبنى المذكور.
وأضاف أن الحكومة ستدير وتجمع خلال فترة مؤقتة الإيجارات من المستأجرين إلى أن يُعتقل المشتبه بهم وتُكتمل التحقيقات.
تحديات في تطبيق النظام
وفي حين رحّب بعض المستأجرين والمالكين بالمبادرة معتبرينها طريقة لتعزيز الأمن، عبّر آخرون عن مخاوف حيال صعوبة تطبيق النظام الجديد وإمكانية انتهاك هذا الأخير للخصوصية.
في هذا السياق، قال المدير التنفيذي في الاتحاد الكيني لجمعيات المقيمين، ستيفن موتورو، إنه كان من الأفضل لو صاغت الحكومة قانوناً أجبرت فيه المالكين على جمع مثل هذه المعلومات من المستأجرين قبل محاولة إنفاذه.
وأوضح لصباحي "من الناحية الأمنية، يريد كل كيني حلاً للوضع الأمني المتردي. [ولكن] تطبيق مثل هذه القرارات لن يكون سهلاً. فسيواجه [القرار الكثير] من الانتقادات، أحدها أن [القرار] لا يستند إلى أي قانون".
من جهته، رحّب الأمين العام لاتحاد المستأجرين المدنيين، إفرام موروغو، بالفكرة قائلاً إنها ستعزز التفاعل والتعارف بين المستأجرين والمالكين.
وأوضح لصباحي "سيؤدي هذا التفاعل إلى مشاركة معلومات قد تكون أساسية في الكشف عن الجرائم وردعها، الأمر الذي سيعزز الجهود المبذولة لمحاربة انعدام الأمان في البلاد".
مع ذلك، رجّح موريغو أن تواجه الحكومة تحديات على مستوى تطبيق الأمر التوجيهي.
وقال "قد يُفسّر هذا الأمر كتدخل مباشر في حقوق الملكية والخصوصية، الأمر الذي سينعكس سلباً على تملكّ المنازل والاستثمار".
وشرح أن المستأجرين "سيرغبون في معرفة أين سيحفظ المالكون تلك المعلومات ومع من سيشاركونها. وسيُحارب [هذا القرار] على أساس أنه قد يكشف عن التفاصيل الشخصية للناس بسبب إهمال المالكين، إلا إذا وُضعت قواعد واضحة بشأن كيفية حفظ المعلومات والوصول إليه".
ودعت مغدالين أوماري، وهي تملك شقق إيماني في لانغاتا، الحكومة إلى إطلاق حملة توعية عامة لضمان مشاركة الجميع في تطبيق النظام.
وقالت أوماري لصباحي "على الحكومة توعية الشعب على ضرورة اعتماد هذا النظام قبل مطالبتنا بالبدء بجمع المعلومات الخاصة بمستأجرينا. فالمجتمع المطلّع سيستجيب للأمر، مما يلغي أي مواجهة غير ضرورية بيننا وبينهم".
واشتكت أوماري أيضاً من المهلة المعطاة للمالكين للامتثال، موضحةً أنهم بحاجة إلى شهرين على الأقل لجمع كل التفاصيل من المستأجرين.
ردات فعل متضاربة بين المستأجرين
في هذا الإطار، قال موسى أوموندي، 40 عاماً ويدير محطة لغسل السيارات في أونغاتا رونغاي في ضواحي نيروبي، إنه بالرغم من أن النظام الجديد قد ينتهك خصوصية المستأجرين، إلا أن الأمر يستحق العناء.
وأضاف "حان الوقت لأن نضحي من أجل أمن بلدنا. ليس من المنطقي أن نتمسّك بخصوصيتنا بينما يهاجمنا يومياً مجرمون يجوبون الشوارع بحرية".
وقال "على كل المستأجرين والمالكين دعم هذه المبادرة. ولا بد أن من يعارضها يخفي أمراً مشبوهاً. فهذا الأمر التوجيهي هو لمصلحتنا كأمة".
وذكر أموندي الذي يستأجر حالياً شقة بثلاث غرف نوم، أن مالك الشقة بدأ بجمع المعلومات من كل المستأجرين في المبنى.
ولكنه بالرغم من أنه رحّب بالمبادرة، إلا أنه دعا في الوقت نفسه إلى صياغة قوانين تحمي معلومات المستأجرين الشخصية، كاعتبار مشاركة المالكين لهذه المعلومات جرماً.
من جانبه، وصف بيتر كاماو، وهو سائق سيارة أجرة في حي هورلينغهام في نيروبي، الخطة بأنها تهرب من المسؤولية من جهة الحكومة التي قال إنها تلقي بعبء توفير الأمن على مالكي العقارات.
وشرح لصباحي "يستحيل أن تستيقظ الحكومة فجأة وتستولي على مبنى لمجرد أن مالكه لم يساعد الشرطة في اعتقال المجرمين الذين كانوا يعملون ضمن العقار المذكور. وستواجه معارك قضائية ضخمة عند محاولة الاستيلاء على المباني ونحن نرفض ذلك".
وقال كاماو الذي يستأجر شقة في كيليليشوا ويقيم فيها مع زوجته وولديه، إن الأمر التوجيهي سيُجبر المستأجرين على توفير قدر كبير جداً من المعلومات الشخصية.
وأضاف قائلاً "العناوين وأرقام الهواتف وعنوان البريد الإلكتروني ومعلومات التوظيف أو العمل هي من المعلومات الشخصية الأهم التي سيمانع كثيرون وأنا بينهم، الكشف عنها بسهولة إذ أن ذلك يُعد انتهاكاً للخصوصية".
الصباحي