اتهمت الامم المتحدة الاثنين قوات النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار التي تتواجه منذ منتصف كانون الاول/ديسمبر مع القوات الحكومية بقتل مئات المدنيين على اساس الانتماء القبلي او العرقي عند سيطرتهم على مدينة بنتيو الاسبوع الماضي.
وهي من اكبر المجازر التي تستهدف المدنيين منذ بدء المعارك التي اندلعت في 15 كانون الاول/ديسمبر في جوبا داخل جيش جنوب السودان بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير والموالية لمشار قبل ان تمتد لباقي البلاد وتتخللها العديد من التجاوزات ضد المدنيين على اساس عرقي.
وصرح توني لانزر المسؤول عن العمليات الانسانية في الامم المتحدة لجنوب السودان لفرانس برس لدى عودته من بنتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية “هناك جثث ملقاة في الشوارع حيث تم اعدامهم امام اماكن العبادة او في داخلها — الكنيسة او المسجد — واخرى على الطرقات ومعظمها باللباس المدني”.
واضاف ان الضحايا “استهدفوا عمدا” مشيرا الى ان “المشهد فظيع″.
وفي بنيتو التي سيطر عليها المتمردون في 15 نيسان/ابريل الماضي، ذكرت الامم المتحدة ان القوات الموالية لمشار قتلت اكثر من 200 شخص داخل مسجد وعددا آخر داخل كنيسة وفي مركز مهجور للامم المتحدة وفي مستشفى بنتيو.
واوضحت المنظمة الاممية في بيان انه حين “سيطر (المتمردون) على بنتيو… قاموا بتفتيش مناطق عدة اتخذها مئات المدنيين من ابناء جنوب السودان والاجانب ملجأ لهم، وقتلوا المئات من هؤلاء المدنيين بعد التحقق من انتمائهم القبلي او جنسيتهم”.
وتتواجه في الحرب الدائرة في جنوب السودان منذ حوالي اربعة اشهر القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير من قبيلة الدينكا، والمتمردون الموالون لنائبه السابق رياك مشار من قبيلة النوير.
ويعود العداء بين القبيلتين الى الحرب الاهلية السودانية (1983-2005)، والتي ادت في نهاية المطاف الى استقلال جنوب السودان في 2011.
هذا الاقتتال الدائر منذ 15 كانون الاول/ديسمبر تصاحبه مجازر وفظاعات على خلفيات قبلية.
وطرد اكثر من مليون سوداني جنوبي من ديارهم منذ اندلاع المعارك المستمرة في مختلف انحاء البلاد رغم اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في 23 كانون الثاني/يناير الماضي في اديس ابابا.
ووفق بيان بعثة الامم المتحدة فان “اكثر من 200 مدني قتلوا واكثر من 400 آخرين اصيبوا داخل مسجد” بنتيو الذي احتمى به المئات.
واكد البيان ان القوات الموالية لمشار “فصلت افراد جنسيات ومجموعات قبلية معينة عن الباقين ووضعتهم في مامن، فيما قتل الآخرون”.
وتابعت بعثة الامم المتحدة انه “في مستشفى بنتيو، قتل رجال ونساء واطفال من النوير لانهم اختبأوا ورفضوا الانضمام الى باقي افراد النوير الذين كانوا يحتفلون بدخول” المتمردين الى المدينة.
واوضح البيان ان “افراد مجموعات جنوب سودانية اخرى، وآخرين من ابناء منطقة دارفور (غرب السودان) استهدفوا تحديدا وقتلوا في المستشفى”.
ويتهم فريق مشار فصائل من متمردي دارفور، الذين يحاربون قوات الخرطوم، بمساعدة قوات الرئيس كير.
واضافت الامم المتحدة ان قوات مشار طلبت ايضا من المدنيين اللاجئين الى الكنيسة الكاثوليكية ومركز مهجور لبرنامج الاغذية العالمي كشف انتمائهم القبلي او جنسياتهم، وقتلوا الكثيرين من بينهم. ونددت بعثة الامم المتحدة ايضا بالدعوات الى الكراهية التي يوجهها عبر اذاعة بنتيو سادة المدينة الجدد واكدت ان “بعض زعماء التمرد بثوا رسائل تدعو الى الوحدة والى انهاء النزاعات القبلية الا ان اخرين دعوا الى الكراهية” وخاصة الى طرد بعض المجموعات من بنتيو والى اغتصاب نسائهم.
وزاد عدد اللاجئين في قاعدة الامم المتحدة في بنتيو ثلاثة اضعاف منذ الاستيلاء على المدينة من ثمانية الى 22 الف شخص حسب ما قال لانزر. واوضح انه بات يخصص لكل لاجىء “ليتر من المياه يوميا وهذا غير كاف نظرا الى الطقس الحار في جنوب السودان”.
وهناك اليوم 80 الف شخص موزعين على قواعد الامم المتحدة الثمانية في البلاد. ويتكدس اكثر من 30 الف شخص في ظروف ماساوية في قاعدتين للامم المتحدة في جوبا خوفا من ان يتم استهدافهم بسبب انتمائهم القبلي او العرقي.
وفي 18 من الشهر الجاري هاجم نحو 350 شابا مسلحا يرتدون ملابس مدنية قاعدة الامم المتحدة في بور، التي تبعد 200 كلم عن جوبا والتي لجأ اليها نحو خمسة الاف مدني معظمهم من النوير، وقتلوا نحو 50 منهم.
القدس العربي