بدأت قوات الأمن التونسية مدعومة بطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر عملية كبيرة لاستئصال متشددين على صلة بتنظيم القاعدة من مخبأ في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر.
وانتشر آلاف الجنود في المنطقة النائية لتمشيط الجبل الذي يتحصن به متشددون بعضهم منذ أن طردت عملية عسكرية فرنسية مقاتلين مرتبطين بالقاعدة من مالي العام الماضي.
وقال محللون إن العملية التي تدعمها الجزائر من جانبها من الحدود هي تحول إلى أسلوب استباقي بدرجة أكبر من جانب تونس حيث يهدد عنف الإسلاميين بتقويض عملية الانتقال إلى الديمقراطية بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
وقال رئيس الوزراء مهدي جمعة للصحفيين في مطلع الأسبوع “نحن نحقق تقدما على الإرهاب.. نحن نهاجمه في معقله في الشعانبي.. ونحن نتقدم لأعلى الجبل.”
ويتسم جبل الشعانبي بتضاريسه الوعرة ويمتد إلى الجزائر. ونفذت القوات التونسية عدة مداهمات هناك وقصفت في بعض الأحيان الكهوف الجبلية بعد مقتل ثمانية جنود وذبحهم العام الماضي.
وأقرت تونس دستورا جديدا وتولت حكومة تصريف للأعمال السلطة في البلاد كسبيل لتخفيف التوتر بين حزب إسلامي رئيسي ومعارضين علمانيين لحين اجراء الانتخابات المقررة في وقت لاحق هذا العام.
ويقدر مسؤولو الأمن التونسيون أعداد المتشددين في الجبل بالعشرات فقط لكن خطر عنف الإسلاميين يبدو واضحا.
وصنفت واشنطن إحدى الجماعات المتشددة هناك وهي أنصار الشريعة كمنظمة إرهابية. واشتبكت هذه الجماعة مرارا مع قوات الأمن. وبعض المتحصنين في جبل الشعانبي على صلة بجناح تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
وكان انتحاري قد فجر نفسه في منتجع ساحلي العام الماضي في أول هجوم من نوعه خلال عشر سنوات وهو ما أحدث صدمة في بلد يعتمد بشدة على السياحة الخارجية لتوفير العملة الأجنبية.
وقال توفيق الرحموني المتحدث باسم الجيش للاذاعة المحلية إن العملية في جبل الشعانبي هي الأكبر في تاريخ الجيش لأنها تضم وحدات كثيرة بما في ذلك من مشاة البحرية والجيش والطائرات الحربية والطائرات الهليكوبتر.
وأضاف الرحموني أن الجيش لن ينهي العملية إلا بالسيطرة على السلسلة الجبلية التي أعلنت منطقة عسكرية مغلقة هذا الشهر للحد من دخول المواطنين إليها.
ويقوم الجيش الجزائري بالتنسيق من على جانبه من الحدود لا سيما في مجال تبادل المعلومات.
وقال مصدر أمني جزائري طلب عدم الكشف عن اسمه “الجزائر ستضع بالتأكيد حاجزا لمنع أي تسلل محتمل للإرهابيين إلى أراضيها لكنها لن تتجاوز حدودها أبدا.”
والجزائر لديها بواعث قلق أمنية خاصة بها فقد نصب متشددون كمينا لدورية عسكرية الأسبوع الماضي في شرق الجزائر مما أدى إلى مقتل 14 جنديا في واحدة من أعنف الهجمات على قوات الأمن بالبلاد منذ سنوات. وألقى المسؤولون باللوم في الهجوم على جناح تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
وتراجعت هجمات المسلحين في الجزائر منذ حربها في التسعينات مع الإسلاميين المسلحين. لكن المسؤولين الجزائريين والتونسيين يشعرون بالقلق من امتداد الاضطرابات من ليبيا حيث اتخذ مقاتلون على صلة بالقاعدة ملاذا لهم في الصحراء الجنوبية.
ويقول محللون إن القوات التونسية قد تواجه صعوبة في السيطرة سريعا على جبل الشعانبي حتى في ظل تعزيز التعاون على الحدود والمساندة الجوية. وتزيد الألغام الأرضية البدائية وسهولة اختراق الحدود من صعوبة ملاحقة المتشددين الذين يستخدمون المنطقة ساحة للتدريب.
وقال نصر بن سلطانة المتخصص في الشؤون الأمنية التونسية إن المعركة في جبل الشعانبي لن تكون خطوة نهائية لكنها ستكون مهمة للغاية لأنها تستهدف معقل المتشددين.
وأضاف أن المعركة لن تنتهي خلال بضعة أسابيع بل قد تمتد لشهور.
القدس العربي