ومن أولئك الذين وجدوا أنفسهم فجأة عاطلين عن العمل، ثمانية أصدقاء كانوا يعملون في صالون لينتونز بيوتي وورلد للتجميل في الطابق الأرضي من المركز التجاري.

وقالت إيميلي ماكينا، 30 عاماً وهي إحدى الموظفين الثمانية، "صُدمنا طبعاً بالهجوم الإرهابي ودمّرنا فقدان وظائفنا. أُصبنا بالذعر في البداية لأننا لم نكن نعرف من أين نبدأ. فهل نبحث عن وظائف جديدة علماً أنها نادرة، أو [نفكر في] إطلاق مشروعنا الخاص عندما لم يكن لدينا رأس مال كاف".

وأضافت أنه مع أن المستقبل لم يكن واضحاً، إلا أنهم قرروا التحرك باعتبار أن "التذمر لن يساعد في حل الأمور".

من هنا، تعاون الزملاء جو ثو وجوان كيماني وجوديث موانجي وماري مبورو وبولين كاروجي ونعيمة وانجيكو وإستر وانغي وإيميلي ماكينا في شراكة لافتتاح صالون تجميل جديد باسم بريميير بيوتي لاونج في منطقة ويستلاندز التجارية في نيروبي.

وكانت المجموعة قد بدأت منذ نيسان/أبريل 2013 بالتطلع إلى المستقبل عبر تشكيل شركة محدودة المسؤولية باسم بريميوم فنتشرز ساهم كل عضو فيها بمبلغ 10 ألاف (115 دولاراً) شهرياً، وذلك بهدف التمكن في وقت لاحق من شراء قطعة أرض وبناء شقق للإيجار فيها.

وتحوّل هذا المبلغ بصورة غير متوقعة إلى أساس لخطتهم البديلة. وأوضحت ماكينا، "مع نهاية تشرين الثاني/يناير 2013، بلغت مدخراتنا 400 ألف شلن (4600 دولار) ولكن هذا المبلغ كان صغيراً جداً لافتتاح صالون تجميل عصري في منطقة محترمة. ولكن لم يثبط ذلك عزيمتنا".

وبعد فترة قصيرة، طورّ الزملاء خطة عمل وحصلوا على قرض بقيمة 3 ملايين شلن (34 الف و600 دولار) من مصرف رفيكي للتمويلات الصغيرة.
التغلب على المصائب

وفور الحصول على المال، اتخذوا مساحة عمل في قلب منطقة ويستلاندز واستوردوا المعدات والزينة من دبي.

وقالت ماكينا "أثناء انتظار وصول المعدات إلى كينيا، أطلقنا حملة تسويق شاملة لصالون التجميل الجديد عبر توزيع منشورات في المدينة. كنا أيضاً ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي واعتمدنا على تناقل الأخبار واتصلنا بالزبائن عبر الهاتف الخلوي لإعلامهم بافتتاح الصالون".

وتم افتتاح صالون التجميل في 20 آذار/مارس بحضور حاكم مقاطعة نيروبي، إيفان كيديرو، الذي عبّر عن إعجابه بتصميم الموظفين السابقين في مركز وستغيت التجاري.

وقال كيديرو خلال حفل الافتتاح "عند سماع قصة هؤلاء الشبان والشابات، أشعر بالفخر والشرف كوني ضيفهم اليوم للاحتفال بتغلبهم على المصيبة. قصتهم هي مصدر وحي لفئة الشباب التي تسعى إلى تحقيق النجاح".

وأشارت ماكينا التي تهتم أيضاً بحسابات المجموعة إلى أن مشروع العمل يشهد ازدهاراً، فتصل الإيرادات في الأيام التي تشهد حركة كثيرة وفي أيام العطل إلى 100 ألف شلن (1200 دولار).

وقالت "نحن سعداء بالنتيجة التي توصلنا إليها. فإننا قادرون على تحمل نفقاتنا براحة، كما أننا قادرون على تسديد القرض الذي حصلنا عليه ودفع الرواتب وادخار بعض المال لتوسيع نطاق عملنا في المستقبل".

وأكدت ماكينا أيضاً على أن الموظفين السابقين لا يخشون العودة إلى مركز وستغيت للتسوق ما أن يعاد افتتاحه.

وأضافت "قد نفتح فرعاً لنا هناك في حال حالفنا الحظ بالحصول على مساحة فيه. وستكون هذه طريقتنا في مواجهة الترهيب الذي يمارسه الإرهابيون".

يُذكر أنه قبل الهجوم، كانت الإيرادات السنوية لمركز وستغيت تتجاوز المائة مليار شلن (مليار ومليوني دولار) وكان المركز يؤمن وظائف لألفي شخص.

وقد بدأت أعمال إعادة إعمار المركز التجاري في 3 آذار/مارس، علماً أن توقعات أشارت إلى أن إعادة افتتاح المركز لن تتم قبل سنتين على الأقل.
الزبائن القدامى يدعمون مشروع العمل الجديد

في هذا الإطار، قالت مرسي ماتانو، 43 عاماً وهي مسؤولة في مجال العقارات تنتظر الحصول على علاج للوجه في صالون التجميل، إن المجموعة أظهرت أنه "عندما يصبح المرء جاهزاً للمضي قدماً في حياته، يكون من الممكن ومن المهم أن يستند إلى خطة عمل".

وتابعت قائلةً "إني أثق بمهاراتهم في تنظيم مشاريع الأعمال، وهذا ما سمح لهم بالانطلاق والتحضير لفرصة العمل الجديدة هذه".

وأعلنت "هذه المجموعة تشكل مصدر وحي إذ أن معظم الناس يفقدون وظائفهم أو أعمالهم بسبب مصائب تحل عليهم، فهذا أمر مدمر وغالبيتهم لا تملك القوة الكافية للمضي قدماً. أنا معجبة جداً بهم كونه كانت لديهم خطة واستراتجية لتطبيقها".

وسكولا موثاميا، 39 عاماً، هي أيضاً من الزبائن القدامى وقالت إنها علمت بافتتاح صالون بريميير بيوتي لاونج عبر رسالة نصية قصيرة أرسلتها إستر وانغي وهي إحدى أصحاب المشروع وكانت تعتني بأظافر موثاميا قبل وقوع الهجوم.

وشرحت قائلة "مع أن شبح الإرهاب يمكن أن يخيّم على بعض الناس لفترة طويلة من الوقت، إلا أن وانغي وزملائها أثبتوا للعالم أنه من خلال التفكير الإيجابي يمكن التغلّب على المصائب".

وقالت موثاميا إنها حجزت جلسة تدليك للجسم على الطريقة السويدية إضافةً إلى جلسة لتقليم وتجميل الأظافر لدى بريميير بيوتي لاونج. وذكرت "هذه مساهمة رمزية مني أُظهر من خلالها أن الصفحة السوداء قد قلبت وأنه من الممكن تحويل الحسرة إلى أمل".
الحياة تستمر

من جهته، أعرب مستشار مقاطعة مدينة نيروبي، جون أسوغو، الذي شارك في حفل افتتاح صالون التجميل عن إعجابه بالتفكير السبّاق لأعضاء المجموعة.

وقال لصباحي "يمكن أن تزج الهجمات الإرهابية بالناس في حقبة من الخوف والشك، ولكن الشركات والموظفون الذين يملكون خطة بديلة لحالات الطوارئ يتخطون الأزمات".

ودعا أوسورو الأشخاص الآخرين الذين فقدوا وظائفهم على أثر هجوم وستغيت إلى عدم الاستسلام وعلى تكوين مصادر دخل خاصة بهم. وقال "اليأس والاستسلام يسمحان للإرهاب بالسيطرة على الوضع، ولكن الإنسان يتمتع بقدرة على التحمل والصمود ضد الشدائد".

وأضاف "ما حصل مؤسف للغاية ولكن الحياة تستمر. وإن عدم الاستسلام لليأس هو الجواب المناسب الذي يمكن توجيهه للإرهابيين [لإعلامهم بأنهم] يستطيعون تعطيل الحياة بصورة مؤقتة فقط وليس أبدية".
الصباحي

---