خلال الشهر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 19 شخصاً وعدد كبير من رؤوس الماشية بسبب العطش بعد أن جفّت الآبار في منطقتي هيران وجلجادود بالصومال.
وقال فارح علي، 50 عاماً وهو من سكان ماتابان في محافظة هيران، إن عشرة أشخاص غالبيتهم من الأولاد ماتوا في ماتابان وفي القرى المجاورة منذ بداية شهر آذار/مارس.
وأضاف لصباحي "مع ذلك، لا يزال الناس ينزحون إلى المدينة من المناطق البعيدة [بسبب شح المياه فيها] ولكنهم يموتون من العطش فور وصولهم".
وتابع قائلاً "إن الحيوانات حتى تموت بسبب عدم توفر الماء في الآبار. تلقينا صهريجين من المياه تبرّع بهما رجال الأعمال في بلدوين منذ أسبوع، ولكنهما ليسا كافيين ويتقاتل الناس عليهما. وبالتالي، فإن الوضع يزداد سوءاً".
وأعلن علي أن الوضع 'دقيق'، داعياً الحكومة الفيدرالية والهيئات الدولية إلى التعاون من أجل إنقاذ حياة المواطنين الذين يموتون عطشاً.
وقال بعض السكان لصباحي يوم الاربعاء، 7 ايار/مايو، إن بعض المياه هطلت في المناطق المنكوبة خلال الـ48 ساعة الماضية في جنوب ووسط الصومال، ألا أنهم ما زالوا يعانون من الجفاف.
"كارثة حلّت بعائلتنا"
وقال بعض المصادر لصباحي أن هنالك 9 اشخاص توفوا منذوا شهر ايار/مايو اثر العطش الشديد.
وقال حاكم جلجادود، حسين علي ويهيليي إيرفو، في حديث لصباحي إن "المشكلة تتمثل في شح المياه الذي تفاقم مع تأخر هطول الأمطار. من بين الضحايا أربعة أشخاص ماتوا في نيسان/أبريل وثلاثة أشخاص ماتوا في آذار/مارس". وأوضح أن من بين الضحايا أربعة أشخاص وامرأة حامل كانوا في قرية غلجير، وآخرين من القرى التابعة لدائرة بالانبال وغورييل والبور.
وذكر "مات [أيضاً] عدد من الحيوانات، ولكن لم يتم تحديد هذا العدد. والوضع سيء للغاية".
وأعلن إيرفو "طلبنا مساعدة الحكومة الصومالية والمنظمات المحلية والدولية ولا نزال ننتظر رداً". وأضاف أن رجال أعمال جلجادود بدأوا بتوفير بعض المساعدات عبر إرسال صهاريج مياه إلى المناطق الأكثر تأثراً بالجفاف.
ومريان موسى، 37 عاماً، هي من الأشخاص الذين هربوا من غلجير إلى غورييل وقد غادرت قريتها مع أولادها الخمسة بعد أن مات اثنان منهم بسبب غياب المياه.
وقالت لصباحي "كارثة حلّت بعائلتنا. توفي اثنان من أولادي، الأول في السابعة والثاني في الرابعة من العمر، بسبب العطش. كذلك مات كل القطيع الذي كنت أملكه ويتألف من حوالي 20 عنزة".
وأضافت "لحسن الحظ، أرسل إلينا أقاربنا سيارة عندما علموا بمعاناتنا وأنقذوني أنا وأولادي. وحمداً لله، تحسّن وضعنا عندما حصلنا على الماء والطعام ولكني لا أزال قلقة على العديد من سكان الحيّ الذي كنا نسكنه وقد تركناهم في الوضع نفسه الذي كنا فيه".
سكان بونتلاند يصلون لتساقط المطر
شهدت بونتلاند أيضاً مظاهر جفاف، مع أنه لم يتم تسجيل أي وفيات حتى اليوم.
وقال حسين جوليد وهو من سكان البوه في منطقة ساناغ، إن المنطقة تشهد أمطاراً يقل مستواها عما كان متوقعاً منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
وأضاف "وخلال موسم الدير [أي بين أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر] طالت الأمطار فقط منطقة نوغال، فيما لا يزال الناس بانتظار هطول أمطار موسم غو [أي بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو] التي كان من المتوقع أن تهطل منذ فترة طويلة. مع ذلك، يبقى الناس متأملون ومؤمنين برحمة الله".
وأشار إلى أن شح المياه سُجل في سلسلة جبال كركار بمنطقة باري في بونتلاند، وفي غابات منطقة نوغال وفي مناطق سول وساناغ حيث يعيش الرعاة.
ونتيجة لذلك، ارتفع سعر خزان المياه بسعة 200 لتر من 50 ألف شلن (2.5 دولار) إلى 190 ألف شلن (9.5 دولار) خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وعبّر الزعماء الدينيون عن قلقهم بشأن شح المياه المتواصل، ونظموا اجتماعات لرفع صلوات الاستسقاء في الأول من أيار/مايو في عدة مدن في بونتلاند، ولا سيما في غاروي وقاردو وجلكاعيو.
من جانبها، أكدت إدارة بونتلاند على أنها تعمل على دراسة الوضع وتوفير المساعدة للأشخاص الذين هم بحاجة إليها.
وذكر المدير العام لوكالة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث في بونتلاند، عبدالله عبدالرحمن أحمد، في حديث لصباحي إن "الإدارة طلبت مساعدة الوكالات الدولية وأطلعناها على حالات نقص المياه في المناطق المتأثرة. وإننا نعمل على وضع خطة لتوفير المساعدة العاجلة للناس والماشية المتأثرة بشح المياه".
هيئات الإغاثة تشدد على ضرورة اتخاذ تدابير استباقية
حذرت هيئات الإغاثة يوم الأربعاء من خطر مواجهة الصومال لأزمة حادة بعد مرور أقل من ثلاث سنوات على موجة مجاعة كاسحة، وذلك في ظل غياب الأمطار وتصاعد النزاعات وغياب التمويل والمساعدات اللازمة.
وجاء في التحذير الذي أصدره ائتلاف ضم 22 هيئة إغاثة دولية وصومالية إن "شبح الموت يدق باب" أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية في الصومال، وتطال الأزمة حوالي ثلاثة ملايين شخص فيما أُجبر أكثر من مليون آخرين على مغادرة منازلهم.
وأوضح إيد بومفريت، مدير السياسات والحملات الإقليمية لمنطقة القرن الأفريقي وشرق ووسط أفريقيا في منظمة أوكسفام، للصحافيين "إذا لم نتحرك اليوم، فإننا نخاطر بتحويل الأزمة الراهنة إلى كارثة".
وكانت الصومال أكثر الدول تأثراً بموجة الجفاف الحادة التي ضربت أكثر من 13 مليون شخص عام 2011 في مختلف أنحاء القرن الأفريقي.
فمات حوالي 260 ألف شخص نصفهم من الأولاد من الجوع خلال مجاعة 2011-2012، حسبما نقلت الأمم المتحدة التي أقرّت بأنها فشلت وبأنه كان عليها بذل جهود إضافية لتجنب الكارثة.
وقال بومفريت "ما تعلمناه من موجة المجاعة هو أننا لم نستجب في الوقت المناسب للتحذيرات"، وأضاف أن المساعدات ممولة بنسبة 12 في المائة فقط وتعاني من عجز بقيمة 822 مليون دولار.
وأشار بومفريت إلى أن الوضع لا يزال سيئاً مع أن الإحصائيات المرفقة بالتحذير أفضل من تلك التي سبقت مجاعة العام 2011.
وقال إن "الوضع أفضل مما كان عليه في السابق ولكنه أسوأ بكثير مما يُفترض أن يكون عليه".
أما أندرو لانيون، مدير برنامج قدرة الصومال على مواجهة الطوارئ لدى المنظمة الدولية للرؤية العالمي، فقال "تلقينا اليوم تحذير مبكر مع عوارض أزمة إنسانية حادة".
"علينا أن نتحرك وأن نتخذ تدابير استباقية".
الصباحي