رجّح قانونيون اعتماد الرئاسة على نفس اللجنة التقنية التي أعدت مسودة الدستور، في صياغة المقترحات التي قدمها المشاركون في المشاورات التي أطلقتها الرئاسة.
وتسبق العملية، قيام مجموعة الخبراء الذين يعملون تحت إدارة أويحيى بتلخيص المقترحات محل إجماع، لجعلها أساس التعديل المنتظر.
تقاطعت آراء مختصين في القانون بشأن المسار الذي ستقطعه حوصلة المشاورات التي شرع مدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحيى في إجرائها مع زعماء الأحزاب السياسية، وممثلي تنظيمات المجتمع المدني بداية شهر جوان المنصرم، وأفاد المختص في القانون الدستوري، صويلح بوجمعة، بأن صياغة المقترحات ستتولاها لجنة من الخبراء ذوي الكفاءة القانونية، التي ستقوم بتحرير وثيقة حول المشاورات متعددة الأطراف، في حين أن السلطة هي من تقرر وتفصل في حوصلة الأفكار، ثم محاولة إيجاد القالب الذي يناسبها، بدعوى أن اللجنة التقنية تخضع لتوجيهات، وعملها تقني بحت، في حين أن الجانب السياسي للمقترحات أضفته مساهمات الطبقة السياسية، ويصر المتحدث على أن ما ستقوم به اللجنة التقنية هو عمل أولي، لأن السلطة هي من تقرر إن كانت ستعتمد على تلك المقترحات أو تتبنى أفكارا أخرى، ويعتقد "صويلح بوجمعة" بأن معظم المقترحات التقت عند نقاط معينة، منها إعادة تنظيم السلطات تحت نظام شبه رئاسي، والتركيز في دباجة الدستور على القضايا الجوهرية، مذكرا بالوثيقة التي أعدها الأفالان قبل ست سنوات، والتي يعتبرها المصدر وثيقة مرجعية شاملة، أدخلت عليها القيادة الحالية للحزب تحيينات، تم ووصفها بالتصويب المتدرج بما يتماشى مع الوضع.
ويؤكد حسين خلدون، مختص في القانون، بأن معالجة مقترحات تعديل الدستور لا تخضع لإطار قانوني محدد، في ظل غياب نص ينظم العملية، لكن الأرجح في تقديره أن تخضع مقترحات المشاركين في المشاورات إلى تمحيص من طرف نفس اللجنة التقنية أو ما يصطلح عليها بلجنة "كردون" التي صاغت المسودة، حيث ستتولى صياغتها ثم إحالتها على الرئيس مرة أخرى، الذي يعود له القرار النهائي بخصوص مدى ملاءمة المواد، وكذا الفصل في نقاط الخلاف، ويصر المتحدث على ضرورة مراعاة الأغلبية في تنبي المقترحات، من خلال تجميع العدد الأكبر من الآراء التي اتفقت على تعديلات معينة، فضلا عن الاعتماد على الشفافية بإعطاء الأولوية للأحزاب التي لها انتشار واسع في الساحة السياسية عند دراسة المقترحات، ليحال بعدها المشروع على مجلس الوزراء ليدرسه مادة بمادة، مع إعطائه صلاحية إضافة بعض الرتوشات، ليحال في الأخير إما على البرلمان لدراسة الدستور الجديد والمصادقة عليه بعد إدراج تعديلات أخرى، أو للاستفتاء الشعبي.
ومعلوم أن مشاورات أحمد أويحيى شارك فيها 36 شخصية وطنية و64 حزبا معتمدا، ورئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة، و10 منظمات وطنية، و27 جمعية وطنية و12 أستاذا جامعيا، في حين التقت مجمل المقترحات عند إثارة ملف ترسيم الأمازيغية، وأن يكون الوزير الأول من الأغلبية، إلى جانب تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين، وضمان استقلالية العدالة، وهي نقاط من المزمع أن تفصل فيها السلطة، على اعتبار أن اللجنة التقنية لا تتدخل في هذه التفاصيل، لأن مشروع التعديل هو من اقتراح الرئيس، وفق رأي عامر رخيلة العضو السابق بالمجلس الدستوري، في حين أن أويحيى يمثل صندوقا لجمع المقترحات فقط، بالتنسيق مع مجموعة من الخبراء الذي يعملون تحت إدارته، ليتم إحالة المقترحات على اللجنة التقنية التي تعمل وفق ما يقدم لها من توجيهات، متسائلا عما إذا كان أويحيى سيكتفي بالمقترحات التي تم جمعها، أم سيتم إدراج تعديلات أخرى عليها، معتقدا بأن الأمر مرهون بمدى توفر الإرادة السياسية لدى السلطة فيما يتعلق بتعديل القانون الأساسي للبلاد.
الشروق