يواصل سكان نهر لامو وتانا مغادرة منازلهم هربا من الاعتداءات التي شهدتها المنطقة خلال عطلة الأسبوع وأدت إلى مقتل 21 شخصا على الأقل وإحراق منازل ومتاجر، وأبدى الكثيرون بينهم تعجبهم من عدم استعداد قوات الأمن لمواجهة هكذا حادث.
وقامت مجموعة من نحو 40 إلى 50 مسلحا بأسلحة ثقيلة بشن هجوم على بلدة هيندي بمقاطعة لامو يشبه الهجمات التي شهدتها مبيكيتوني وبلدات مجاورة، يوم السبت، 5 حزيران/يونيو، حوالي الساعة 11 مساءا، قبل أن يستقلوا زورقا إلى بلدة غامبا في مقاطعة نهر تانا.
وتقع بلدة هيندي حوالي 15 كلم من مبيكيتوني بينما تبعد غامبا حوالي 70 كيلومترا من البلدة التي كانت هدفا للهجمات في 15 و16 حزيران/يونيو وتركت 65 قتيلا. وفي 24 حزيران/يونيو أيضا، قتل مسلحون 11 شخصا على الأقل في بلدة ويتو بمقاطعة لامو.
وتسود حالة من الفوضى حول من يقف خلف تلك الاعتداءات وقد ادعت حركة الشباب مسؤوليتها بينما أعلنت الحكومة الكينية أن التحقيقات لا تزال جارية.
وقالت الشرطة الكينية إن الاعتداءت خلفت 21 قتيلا على الأقل وأكد الصليب الأحمر الكيني وجود 22 قتيلا. وزعمت حركة الشباب أنها قتلت أكثر من 43 شخصا.
وقال المتحدث باسم الحركة علي محمد راجي "لقد شن المجاهدون خطط هجوم في كينيا حيث ألحق الله سبحانه وتعالى هزائم كبيرة بالعدو"، مضيفا أن الاعتداء جاء ردا على الوجود العسكري المتواصل لكينيا في الصومال ومقتل رجال دين مسلمين في مومباسا.
وأوضح مفوض مقاطعة لامو مييري نجينغا لصباحي "لا يمكننا أن نجزم ما إذا كانت الشباب متورطة في العملية، أو ميليشيات مجلس مومباسا الجمهوري أو مجرمين محليين"، وأكد أن "التحقيقات جارية".
ورأى أن "الناس الذين قابلناهم يقولون إنهم كانوا بين 40 و50 مسلحا. وأطلقوا النار على عنصر شرطة يحرس مركز شرطة في غامبا ولامو قبل أن يقوموا بتحرير مشتبه بهم".
وأكد نجينغا أن القتلى الذي سقطوا هم من الرجال وهو نمط قتل يشبه نمط القتل الذي تم في اعتداء مبيكيتوني، وأشار إلى إحراق مكاتب رسمية وإحدى الكنائس وشاحنة.
’قتلة مجهولون يضربون متى شاءوا‘
ومن جانبها، ذكرت روز نجيلاني، وتبلغ 55 عاما وهي صاحبة متجر في هيندي، كيف اقترب أربعة مهاجمين من منزلها المسقوف بالقش ليل السبت وسألوها عن زوجها، فقالت لهم إنها أرملة.
وبعد أن تحققوا من أنها وحدها أضرموا النار بالقش وصرخوا أن معاناة كينيا ستستمر حتى تنسحب من الصومال، وفقا لنجيلاني.
وأضافت لصباحي، "لا أحد بأمان في لامو. ويبدو أن هؤلاء هم قتلة مجهولون يضربون متى ما شاءوا ويتركون أثرا من الموت والدمار خلفهم أينما حلوا".
وتساءلت نجيلاني حول كيفية إمكان المهاجمين الضرب والهرب من دون أن يلقى القبض عليهم أو يقتلوا.
وقالت جارتها رودا كاروكي، وتبلغ 42 عاما وهي بائعة سمك، إنها كانت تتوقع أن ينتشر رجال الأمن بكثرة في مقاطعة لامو بحثا عن القتلة الذين ارتكبوا المجازر في المنطقة الشهر الماضي.
وسألت "كيف يمكن لرجال مدججين بالسلاح والرشاشات والمناجل أن ينشروا الرعب في مقاطعتين مختلفتين ولا يقتل منهم أحد أو حتى يقبض عليه؟"
وقالت كاروكي إنها تخشى أن يتجه الوضع في المقاطعة إلى ما هو أخطر، متساءلة في الوقت ذاته كيف تمكن المهاجمون من التغلب بسهولة على رجال الأمن في مركز شرطة غامبا.
وذكر قائد شرطة لامو إيفانتوس كيورا عن مركز شرطة غامبا حيث قتل شرطي وثمانية مدنيين "بعض السجناء لا يمكننا الكشف عن أسمائهم أو طبيعة جرائمهم أو رقمهم لأسباب أمنية قد أطلق سراحهم".
وقال كيورا إن الشرطة تحقق في صحة رسائل باللغة السواحيلية والانجليزية كتبت على ألواح في مركز الشرطة.
وقرأت بعض الرسائل التي تركها المهاجمون "مجلس مومباسا الجمهوري - أنتم نيام. أيها المسلمون، أرضكم تغتصب. أفيقوا وقاتلوا"، وتضمنت مشاعر تناصر رئيس المعارضة رايلا أودينغا وتقول "ليسقط أوهورو".
ومن جانبها، أكدت نائبة المفتشة العامة في الشرطة غرايس كيندي للصحافيين يوم الأحد أن الإعتداء شنه أعضاء ميليشيات مجلس مومباسا الجمهوري التي انقسمت إلى مجموعتين. ورفضت الإجابة عما إذا كانت الشباب متورطة في الاعتداء.
وقال عبد القاسم النائب عن بلدة هيندي في جمعية مقاطعة لامو المحلية إنه من غير المقبول أن تتعرض بلدته للحصار لثلاث ساعات على الرغم من أنها تبعد 15 كلم فقط من ثكنة شرطة نيانغورو.
وقال "لماذا لم يستجيبوا لنداء الاستغاثة؟ هذه الثكنة قائمة للتصدي لكل ما ينتهك الأمن في هذه المنطقة التي تشهد أوضاعا غير مستقرة. إذا كانت من دون فائدة فيجب النظر بجدوى أعمالها، وإلا فإنها تعطي إحساسا زائفا بالأمن".
تزايد التوتر والمواطنون يهربون من منازلهم خوفا
وأشار جورج نجيريني، ويبلغ 35 عاما، إلى أن جوا من التوتر يسود في غامبا وأن المواطنين يفرون من البلدة بعد انتشار شائعات باحتمال وقوع المزيد من الاعتداءات.
وأضاف لصباحي أن "المركز التجاري مهجور سوى من عناصر من الشرطة الذين أرسلوا إليه صباح الأحد"، معتبرا أنه لا يظن أن تعزيز الوجود الأمني سيستمر لفترة طويلة.
وتابع قائلا "أغادر [الاثنين] وسأقيم عند أسرة أخي في ليكوني بمومباسا. وسأراقب الوضع في لامو ولن أعود إلى منزلي إذا لم أتأكد من أنه تم اعتقال المهاجمين".
ومن ناحيتها، أوضحت ليديا مورا، وتبلغ 57 عاما، وتملك متجرا في هيندي إن الطريقة التي يداهم بها المهاجمون مراكز الشرطة بدقائق تشير إلى أنه أجروا عملية استطلاع وأن الشرطة لم تتخذ أي إجراءات أمنية إضافية منذ اعتداءات مبيكيتوني.
وطرحت تساؤلات كثيرة وقالت، "ما الهدف من البقاء هنا؟ إن هذه الاعتداءات لم تؤثر فقط على النشاط الاقتصادي، بل أدت أيضا إلى انتشار اليأس بين السكان".
وحثت الحكومة على توخي الحذر حين تتهم جهة ما في الوقوف خلف الاعتداءات تفاديا لزيادة التوتر بين الناس.
وأردفت قائلة لصباحي "حين يقولون إنها ميليشيات مجلس مومباسا الجمهوري من دون أن يقدموا دليلا ملموسا أو يعتقلوا أيا من عناصرها في حين تدعي الشباب مسؤوليتها عن الاعتدءا، فإن ذلك يدخل الناس بحال من الفوضى والتكهن".
تراجع الوضع الإقتصادي في لامو
واعتبر جون مواكا، ويبلغ 40 عاما وهو صياد في شرق لامو، أنه ومنذ بدء الاعتداءات الشهر الماضي وهو يخاف على سلامته ولا ينزل للصيد سوى خلال النهار.
وأضاف "كنت أصطاد 500 كغم من السمك [كل ليلة] أبيعها إلى الفنادق أو محلات بيع السمك المحلية، لكن معظم الفنادق الآن مقفلة أو لا تعمل بكامل طاقتها، بينما تصرف المحال التجارية النظر عنها لضيق السوق".
وقال إن اقتصاد المنطقة بخطر الانهيار إذا ما حسنت الحكومة الوضع الأمني حالا، معتبرا أن العناصر الأمنية زادت من صعوبة الحياة بعد فرض حظر التجول.
وأكد أن "قطاع صيد الأسماك يشكل فرص عمل للكثير من السكان المحليين كمنظفي أسماك أو مسؤولين عن التوضيب أو موزعين، وإن انعدام الأمن أفقدهم هذه الفرصة الذهبية بجني الرزق".
أما أغاثا كادزو، وتبلغ 26 عاما وهي عاملة تنظيف في جزيرة كيوايو بمنطقة لامو فأشارت إلى أنها عاطلة عن العمل منذ أيار/مايو.
وقالت "ما عاد السواح يقصدون المنطقة، وذلك يعني أن لا فرص عمل لنا".
الصباحي