كشفت تقارير أمنية وإعلامية النقاب عن أن الإدارة الأميركية كثفت من تحركاتها العسكرية في مُحيط ليبيا، وسط تواتر أنباء عن قرب شن عملية عسكرية أميركية داخل التراب الليبي، بالتزامن مع تحركات سياسية ودبلوماسية بحثا عن حل للأزمة الليبية.
وبحسب هذه التقارير، فإن أجهزة الاستخبارات في عدد من الدول المجاورة لليبيا رصدت تحركات لقوات أميركية في عدد من القواعد في جنوب أوروبا، وبالتحديد في إيطاليا، وأخرى في تشاد، وذلك استعدادا لشن عملية عسكرية داخل التراب الليبي. ولفتت إلى أنه تم تعزيز تلك القواعد بأكثر من 3 آلاف من ضباط وجنود “المارينز” في خطوة تزامنت مع تكثيف البوارج الحربية التابعة للأسطول السادس الأميركي من تحركاتها في البحر الأبيض المتوسط، غير بعيد عن السواحل الليبية بحجة حماية الممرات البحرية. ولا يستبعد المراقبون أن تكون هذه التحركات مُرتبطة بتدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا المتفاقم خلال الأسابيع القليلة الماضية، مما دفع دول الجوار الليبي إلى المسارعة في عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في مسعى للتوصل إلى حل للأزمة الليبية، يُبعد شبح الانفجار، ويقطع الطريق أمام التدخل الخارجي.
وتعيش ليبيا منذ مدة على وقع تزايد الاحتقان الذي يُنبئ بانفجار الوضع الأمني على خلفية القرارات التي اتخذتها حكومة عبدالله الثني والمتعلقة بمحاولة إخراج لواء “القعقاع”، وكتيبة”الصواعق”، وبعض التشكيلات الأخرى الموالية لعملية “كرامة ليبيا” التي يقودها اللواء خليفة حفتر، من العاصمة طرابلس بحجة فرض الأمن فيها ضمن إطار خطة تستهدف الحد من سطوة الميليشيات المُسلحة على العاصمة. غير أن هذه الحجة لم تُقنع غالبية الأطراف السياسية، وقادة التشكيلات العسكرية، وخاصة منها الموالية للواء خليفة حفتر، التي اعتبرت أن الحكومة الليبية “تسعى من وراء ذلك إلى التخلص من القوى المؤيدة لحفتر، والإبقاء على العاصمة طرابلس تحت سيطرة الميليشيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الأخرى الدائرة في فلكها. وكانت غرفة عمليات لواء القعقاع قد هددت في وقت سابق الحكومة الليبية بأنها “ستُسمع صوتها من فوهات البنادق إن سعت إلى طرد “القعقاع”، و”الصواعق” من طرابلس. ووصفت في بيان لها ما تُخطط له الحكومة الليبية بأنه”حلم إبليس في الجنة”، وأشارت إلى أن لواء “القعقاع” لن يخرج من العاصمة إلا بعد خروج جميع الميليشيات المسلحة منها، وخاصة ميليشيات “كارة” و”النواصي” و”معيتيقة” و”غنيوة” و”التاجوري”، وعودة درع الوسطي من حيث أتت”.
وتتوقع الأوساط السياسية المعنية بتطورات الأزمة الليبية، أن يتسبب هذا الخلاف الجديد في انفجار الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، خاصة بعد رصد تحرك عناصر محسوبة على كتيبة “المرسى الكبرى” الموالية لميليشيات مصراتة في اتجاه طرابلس لدعم الخطة الحكومية. وأشاع هذا التحرك أجواء من الحذر المشوب بالقلق لاسيما وأن تلك العناصر بدأت تتحرك بمعدات وتجهيزات عسكرية كأنها تستعد لمعركة قد تستغرق عدة أيام، مما تسبب في موجة من النزوح عن بعض أحياء العاصمة طرابلس. وربط مراقبون هذه التحركات الميدانية مع تزايد الاتصالات والمشاورات العربية-العربية، وبين دول الجوار الليبي بحثا عن تسوية سلمية للأزمة الليبية، حيث زار ناصر القدوة المبعوث العربي إلى ليبيا، العاصمة طرابلس قبل يومين، فيما يعقد وزراء خارجية دول الجوار الليبي غدا اجتماعا في تونس لمناقشة تداعيات الأزمة الليبية على المنطقة. وسيُشارك في هذا الاجتماع وزراء خارجية تونس ومصر والجزائر وتشاد والنيجر والسودان، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وناصر القدوة مبعوث الجامعة العربية إلى ليبيا، ومفوض السلم بالاتحاد الأفريقي. بالتوازي، تتولى مجموعات متشددة تنفيذ خطة لاغتيال كوادر وقيادات الجيش الليبي السابق الذين انحاز الكثير منهم إلى التحرك العسكري الذي قاده اللواء حفتر. وقتل أمس ضابط برتبة عالية بالجيش الليبي برصاص مسلحين مجهولين، في مدينة بنغازي، شرقي ليبيا، حسب مصدر عسكري.
ليبيا المستقبل