إن الأعمال الإرهابية المتزايدة والتهديدات الأمنية الأخرى تعيق الجهود التي تبذلها الحكومة الكينية لتحقيق أهدافها الإنمائية للألفية، حسبما جاء في تقرير مرحلي أصدره مؤخراً برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وعلى غرار الدول الأخرى في المنطقة، كانت كينيا متأخرةً أصلاً في تحقيق أهدافها الإنمائية المذكورة نظراً للركود الإقتصادي على مستوى العالم، ولكن الوضع الأمني الراهن زاد الأمر سوءاً، وفق ما ذكره ويلموت ريفز وهو مستشار إقتصادي لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقال ريفز لصباحي بعد فترة قصيرة من صدور التقرير المرحلي الخاص بالأهداف الإنمائية للألفية للعام 2014 والمتعلق بالمنطقة الأفريقية جنوب الصحراء في 7 تموز/يوليو، "أدت عقبات الركود الإقتصادي العالمي والاحتباس الحراري إلى عرقلة النمو في الدول النامية وبينها كينيا، ولكن الآن يشكل الإرهاب وغياب الأمن المتفاقم الحاجزين التاليين اللذين يهددان القدرة على تحقيق تلك الأهداف".
يُذكر أنه تم تحديد الأهداف الإنمائية في العام 2000 عندما توعدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالعمل على القضاء على الفقر المدقع ووقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/الأيدز وتوفير العلم للجميع وتخفيض معدل الوفيات بين الأطفال وتحسين صحة الأمهات وضمان الاستدامة البيئية والنهوض بقضية المساواة بين الجنسين وتطوير شراكة عامة للتنمية العالمية مع حلول العام 2015.
وأشار ريفز إلى أن كينيا أظهرت أداءً جيداً قبل حلول الموعد النهائي على صعيد ضمان الاستدامة البيئية والتعليم الإبتدائي للجميع والمساواة بين الجنسين وتمكين النساء.
تقدم غير كافٍ مع إقتراب الموعد النهائي
ولكن تابع ريفر قائلاً إنه قبل سنة من حلول الموعد النهائي، لا تزال جهود البلاد الرامية إلى خفض معدل الوفيات بين الأطفال ومحاربة الفقر والجوع وتحسين صحة الأمهات ومحاربة فيروس نقص المناعة البشرية/الأيدز والملاريا وغيرها من الأمراض غير كافية. وتوقع أن يتدهور الأداء المرتبط بهذه الأهداف بسبب الهجمات الإرهابية المتتالية التي تشهدها البلاد.
وقال "مع أنه تم تسجيل نجاح على مستوى بعض الأهداف، إلا أننا متخوفون من الوضع الأمني الحالي المتوتر، وقد تحقق الجهات الإرهابية مكاسب وتعيق بذلك أي تقدم حاصل في تحقيق الأهداف التي لا تزال متأخرة".
وذكر ريفز أن كينيا والمنطقة ككل تفقد تركيزها على الأجندة الإنمائية وتركز أكثر على معالجة التحديات الأمنية. وأضاف أن تركيز الحكومة والجهات المانحة تحوّل إلى معالجة المسائل الأمنية على حساب الأهداف المتأخرة، بدل أن يكون منصباً على تعزيز مخصصات الميزانية لضمان الصحة والقضاء على الفقر.
وأضاف "وبغض النظر عن الدول التي أصبحت أكثر صرامةً في التعامل مع هذه التهديدات، يتطلب [تحقيق الأهداف] جهوداً تبذلها الجهات السياسية المحلية الفاعلية إضافةً إلى المجتمع الدولي وذلك للمساعدة في مواجهة تلك التحديات والتقدم في تحقيق تلك الأهداف". ودعا الحكومة إلى الإستثمار بشكل أكبر في استراتيجيات أكثر فعالية لمواجهة مسألة انعدام الأمن، وإلى الاستمرار في تمويل مشاريع أخرى لتحقيق الأهداف.
من جهته، قال ديفيد كوان، مدير عام سيتي وهو مسؤول عن الأبحاث المصرفية الخاصة بأفريقيا، إن التأثير السلبي للإرهاب هو تعطيل النمو الإقتصادي، الأمر الذي يعيق قدرة الحكومة على محاربة الفقر.
وأوضح لصباحي "حالياً وبسبب الأنشطة الإرهابية المتزايدة في كينيا، إن القطاع السياحي في حالة شلل. المستثمرون قلقون حيال الاستثمار في مشاريع بالبلاد، وهذا الأمر واضح من خلال الإقبال الخفيف على أخذ قروض في مشاريع البنى التحتية. وإن كل هذه العوامل تعيق نمو مختلف القطاعات".
كذلك، طالب كوين الحكومة بالتحرك من أجل معالجة قضيتي انعدام الأمن والفقر المتفاقمتين.
وأشار إلى أن تحسين الوضع الأمني في البلاد سيساعد في تفعيل بيئة الأعمال وإستقطاب المستثمرين لإنشاء فرص عمل جديد، مما سيؤمن للأفراد مصدر دخل.
وايغورو: كينيا ملتزمة بتحقيق الأهداف الإنمائية
من جهتها، أقرّت وزيرة تفويض السلطات والتخطيط آن وايغورو بأن الإرهاب يشكل تحدياً كبيراً في كينيا ويهدد قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. ولكنها أكدت أن الحكومة تبقى ملتزمة ببذل الجهود اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
وللمساعدة في تحقيق الأهداف التي تأخرت كينيا في التوصل إليها، اعتمدت الحكومة إطار التعجيل بإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية الذي يسمح للدول "بتطوير خطط عمل خاصة بها تستند إلى خطط وعمليات موجودة أصلاً لملاحقة أولويات الأهداف الإنمائية للألفية"، حسبما ذكره برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
وقالت وايغورو إنه لمحاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة، عمدت الحكومة إلى تخصيص 15 مليار شلن (171 مليون دولار) سيتم إنفاقها خلال العام المالي الجاري لتقديم منح وقروض للشباب والنساء والمعوّقين لدعم إطلاق المشاريع.
وأوضحت لصباحي "وضعنا أيضاً سياسة توظيف وطنية يُنتظر حالياً إقرارها في مجلس النواب. وإن هذه السياسة ستساعدنا عندما يتم إقرارها في التعامل مع معدلات البطالة المرتفعة التي قيل إن سببها تفاقم الوضع الأمني والإحباط الذي يعرّض شبابنا للتطرف".
وأضافت وايغورو أن السياسة تتطلب من كل المستثمرين أن يُظهروا قدرتهم على خلق فرص عمل للشباب قبل أن يُسمح لهم بإطلاق مشروع أو قبل أن يُبرم معهم عقداً للعمل في كينيا.
وذكرت وايغورو أن الحكومة تعمل أيضاً على زيادة الإستثمار في القطاع الزراعي، وعلى تخفيض الرسوم وغيرها من العراقيل على إيرادات الزراعة من أجل محاربة إنعدام الأمن الغذائي.
وبالاعتماد على صندوق التعويض في كينيا، تنوي الحكومة إعادة توزيع مواردها على أكثر المقاطعات فقراً من أجل المساعدة في معالجة مسألة التفاوت في الدخل بمختلف أنحاء البلاد، ولا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، حسبما قالته وايغورو.
وأضافت أن السيدة الأولى لكينيا، مارغاريت كينياتا، أطلقت مبادرة العام الماضي بعنوان حملة ما وراء الصفر هدفها معالجة المسائل الصحية وتخفيض معدل الوفيات بين الأمهات والأطفال.
وتابعت أنه يتم ضمن المبادرة جمع التبرعات وتحفيز المجتمع المحلي والدولي من أجل تسريع خفض معدل الوفيات لدى الأطفال وتحسين صحة الأمهات ومحاربة فيروس نقص المناعة البشرية/الأيدز والملاريا وغيرها من الأمراض.
الصحة والتعليم مسألتان أساسيتان
في هذا السياق، عبّرت أنجيلا نغوكو، مؤسِسة وايت ريبن ألاينس، وهي مؤسسة غير حكومية تعمل على تحسين صحة النساء، عن شكها في تمكن البلاد من تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ضمن المهلة المحددة.
وقالت في حديث لصباحي "المشاكل التي تمنعنا من تحقيقها تتراوح بين إهمال قطاع الصحة وغياب النية السياسية لتحقيق تلك الأهداف، ونخشى حتى أن يتم القضاء على المكاسب التي حُققت في بعض المناطق".
وشددت على ضرورة أن تتمتع البلاد بنظام صحي متكامل وفعال لتتمكن كينيا من الوفاء بإلتزاماتها المتعلقة بصحة الأم ومعدل الوفيات بين الأطفال.
وأضافت "ثمة حاجة إلى بذل جهود متضافرة حيث يستثمر كل من الحكومة والقطاع الخاص في إنظمة الإحالة [للمستشفيات]. ونريد أن نشهد بناء طرقات والحفاظ على الأمن في مختلف أنحاء البلاد لتتمكن النساء الحوامل والمريضات من الوصول إلى المستشفيات بسهولة وفي بيئة آمنة".
وأضافت نغوكو أن تعليم الفتيات يتأثر أيضاً بغياب الفوط الصحية المستعملة خلال فترة الحيض، إضافة إلى تقبل بعض العادات الإجتماعية كختان النساء وزواج القاسرات والحمل المبكر.
وأكدت على أن هذه العوامل تمنع الفتيات من الحضور إلى المدرسة ومن تقديم أداء جيد، وإذ لم يتم تصحيح هذا الوضع، فقد يؤثر سلباً على التقدم الذي أُحرز لتحقيق المساواة بين الجنسين في المدارس.
الصباحي