أعلنت السلطات الأمنية في مقاطعة غاريسا عن قلقها بشأن امتداد النزاع القائم بين الحكومة الأثيوبية والجبهة الوطنية لتحرير أوغادين التي تعتبر خارجة عن القانون، إلى كينيا متخوفةً من احتمال أن يتسبب ذلك بعواقب وخيمة.
يُذكر أن الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين هي جماعة متمردة تقاتل الحكومة الأثيوبية منذ عام 1984 لتحقيق إستقلال منطقة أوغادين التي تم التنازع عليها مع الصومال خلال حرب أوغادين عام 1977 و1978 وتسكنها غالبية من الصوماليين.
وقال مدير قسم التحقيقات الجنائية في مقاطعة غاريسا، موسى ييغو، إن السلطات المحلية متخوفة من أن تكون رقعة النزاع قد امتدت إلى كينيا بعد سلسلة الإغتيالات التي جرت في غاريسا والتي طالت مواطنين أثيوبيين يُشتبه بأنهم من أعضاء الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين.
ففي الأول من حزيران/يونيو، قُتل رجل الدين المسلم الشيخ عبد الرشيد محمد "جيلاني" بإطلاق نار بعد مغادرته مسجد خليفة في مدينة غاريسا.
وبعدها في 17 حزيران/يونيو، أطلق مسلحون النار على رجلين هما عبد الرشيد جييل قائد ودييك محمد أحمد الذي هو شقيق جيلاني، فأصيبا بجروح خطيرة.
وبعدها بعشرة أيام أي في 27 حزيران/يونيو، أطلق مسلحون النار على عبد الرشيد علي بشير البالغ من العمر 36 عاماً قريباً من منطقة جوليد في مدينة غاريسا.
واستمرت الإغتيالات مع خطار اسماعيل، 28 عاماً، الذي قتل بإطلاق نار في أحد مقاهي غاريسا في الأول من تموز/يوليو، وتلا ذلك في 9 تموز/يوليو مقتل قريبه محمد حسن عبدي البالغ من العمر 48 عاماً وهو صاحب محل على طريق جوليد.
وأوضح ييغو أن الشرطة اعتقلت خمسة مشتبه بهم بينهم ثلاثة أثيوبيين على خلفية تورطهم في عمليات القتل. وأشار إلى أن الضحايا جميعهم من الجنسية الأثيوبية ويحملون بطاقة لاجئ وهم مقيمون في كينيا منذ سنوات عديدة.
وذكر لصباحي "نحن متأكدون من أنهم جزء من فرقة اغتيال خططت لعدد من الاغتيالات التي حصلت في غاريسا"، واصفاً الاعتقالات بالإنجاز الكبير. وتابع قائلاً "هم يرتكبون عمليات القتل تحت غطاء هجمات الشباب المتكررة. نأمل بتنفيذ المزيد من الإعتقالات ووضع حد للاغتيالات غير المبررة".
وقال ييغو إن بحوزة قسم التحقيقات تقارير تشير إلى أن المجرمين هم من مرتزقة الحكومة الأثيوبية وإلى أن المواطنين المقتولين تابعون للجبهة الوطنية لتحرير أوغادين.
وأوضح لصباحي "اكتشفنا من خلال التحقيقات التي أجريناها أن [للضحايا] علاقة بالجبهة الوطنية لتحرير أوغادين ولكننا لم نحدد بعد المناصب التي شغلوها في الجماعة".
وأعطى أسماء المشتبه بهم الأثيوبيين الذين سيمثلون أمام المحكمة وهم عبد الرحمن محمد هجير وخالف حسن وعبد الرحمن عبدي. أما المشتبه بهم الكينيين، فهم حسين عثمان عبدي وهو سائق سيارة أجرة متهم بنقل القَتَلَى لمواجهة أهدافهم وعبد شاكر محمد حسن وهو صاحب عقارات قيل إنه وفّر للمجرمين محلاً للإقامة.
وذكر ييغو أن فحص السلاح الذي كان بحوزة هجير أكّد حتى الآن ارتباطه بخمسة إغتيالات حصلت مؤخراً أحدها إغتيال جيلاني.
من جهته، أمل مفوض مقاطعة غاريسا، رشيد خاطر، أن تساعد عملية اعتقال ومحاكمة المشتبه بهم على تهدئة السكان بعض الشيء.
وقال لصباحي "لا نريد التورط في ما يحصل في أثيوبيا ولكننا سنحرص بالطبع على منع امتداد رقعة النزاع القائم في دول أخرى إلى كينيا. وسيتم التعامل مع من يقاتلون على الأراضي الكينية بحسب ما تنص عليه القوانين الكينية".
استغلال حالة الغياب الأمني
في هذا السياق، ذكر أحمد فارح محمود، رئيس مجلس لاجئي أوغادين في كينيا، أن منظمته قدمت العديد من التقارير الرسمية المرتبطة بالاغتيالات للسلطات الكينية.
وقال لصباحي "قدمنا حتى أسماء الأشخاص الذين نشتبه بأنهم من القَتَلى. ولكن لم يتم حتى الآن اتخاذ أي إجراء كما أنه لم يتم القبض على المشتبه بهم".
وأضاف محمود أن عمليات إغتيال أعضاء الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين المشتبه بهم مستمرة منذ العام 2011 وتوقفت لفترة قصيرة عام 2013. وتابع "حصلت غالبية الاغتيالات عام 2011 في مجمع داداب للاجئين بينما حصلت اغتيالات 2012 في نيروبي. أما هذه السنة، فحصلت غالبية الاغتيالات في مدينة غاريسا".
وأضاف "نشعر أن القوات الأثيوبية تستغل الهجمات التي تنفذها حركة الشباب في كينيا لشن هجمات مماثلة ضد لاجئي أوغادين السياسيين في كينيا كما حصل عام 2011 وعام 2012"، مشيراً إلى أن هدف الإغتيالات يتمثل في إسكات المعارضين المزعومين.
من جانبه، قال سفير أثيوبيا في كينيا، شمس الدين أحمد، إنه يتعاون مع السلطات الكينية على مستوى التحقيقات "من أجل اكتشاف تفاصيل هذه المسألة الخطيرة".
وأضاف لصباحي "لست على علم بوجود أي مرتزقة أثيوبية في كينيا. ولكننا نتابع المسألة من أجل الكشف عن الهويات والحوافز الصحيحة للقَتَلى المزعومين".
وبدورها، شددت المتحدثة باسم نساء غاريسا، شكران حسين غورو، على ضرورة أن تكون الأجهزة الأمنية الكينية دؤوبة في ملاحقتها لمرتكبي أعمال العنف بالمقاطعة.
وذكرت "إذا كان لدى اللاجئين في بلادنا مشاكل فعليهم أن يقوموا بتسويتها في بلدهم وليس هنا".
وأشادت غورو بتعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية للقبض على هجير بعدما أطلق النار على الضحية.
وشرحت لصباحي "في السابق اشتكى السكان قائلين إنه يتم إطلاق سراح المشتبه بهم بشكل غامض بعد اعتقالهم. نأمل بألا يحصل الأمر نفسه مع المجرمين المشتبه بهم الذين يُسلمون إلى الشرطة، إذ أن ذلك سيؤدي إلى إحباط السكان الذين يوفرون المعلومات الاستخبارية للمسؤولين الأمنيين وتعريضهم للخطر".
الصباحي