مديرية الوظيفة العمومية “تجر” وزراء التربية والصحة إلى مفترق الطرق قررت نقابات الوظيف العمومي، تدشين الدخول الاجتماعي، بإضرابات من شأنها شل قطاعات حساسة كالصحة والتربية والتعليم العالي، إضافة إلى أسلاك منتمية إلى الجماعات المحلية على رأسها البلديات، بسبب “عجز” مسؤوليها عن تجسيد مطالب عالقة منذ سنوات، وستواجه حكومة سلال، أصعب امتحان على الإطلاق، لن يتمكن خلاله، حسب المتتبعين، الوزراء من إخماد “نيران” قطاعاتهم.
رغم محاولات “الاستمالة” التي شرعت فيها وزيرة التربية نورية بن غبريط، منذ أسبوع، إلا أن نقابات القطاع عازمة أكثر من أي وقت مضى على الضرب بقوة خلال الدخول المدرسي المقبل، ووقف الهدنة التي أعلنت عنها بعد آخر موجة إضرابات عصفت بالمؤسسات التربية من مختلف الأطوار بداية العام.
ويأتي قرار الشركاء الاجتماعيين، تحديا لـ”تعنت” مصالح الوظيف العمومي ووقوفها دوما حجر عثرة في طريق تجسيد مختلف المطالب المرفوعة، باعتبار أن مسؤولي الوصاية يحمّلونها في كل مرة تعثّر المفاوضات بين الطرفين مسؤولية الانسداد، الأمر الذي سيزيد من متاعب الوافدة الجديدة إلى القطاع التي استقبلت ممثلي مستخدميها، للمرة الثانية على التوالي منذ تعيينها، لاحتواء غضبهم واللعب على عامل الوقت تحسبا للدخول المدرسي.
هي لقاءات أكدت مرة أخرى، حسب النقابيين الذين تحدثوا لـ«الخبر”، بأن معالجة الملفات الحساسة، تتجاوز حقيقة صلاحيات الوزيرة، ما دامت الوزارة الأولى فصلت فيها، وأمرت مصالح الوظيفة العمومية بتوقيع محاضر اتفاق مشتركة بين جميع الأطراف، تجسد المطالب المرفوعة منذ سنوات، ويبقى على بن غبريط “استمالة” مديرية الوظيف العمومي، بدل شركائها الاجتماعيين لإنقاذ الموسم المقبل من طبول الإضرابات التي بدأت تقرع مع بداية العد التنازلي للدخول. أما بالنسبة للصحة، فإن الأمر يختلف مادامت نقابات القطاع تعيب على الوزير بوضياف تجميد المفاوضات التي شرع فيها مباشرة بعد مجيئه على رأس القطاع.
وبناء على ذلك، تعتزم كل من التنظيمات الممثلة للأسلاك المشتركة ونقابات الصحة التي تكتلت في تنسيقية وطنية لمهنيي القطاع، عقد دورات لمجلسها الوطني، لمناقشة حالة “الجمود” التي تميز العلاقة مع الوصاية، وما نتج عنها من تعليق لأهم الملفات التي عرفت تقدما ملحوظا في المفاوضات، وتخص مطالب اجتماعية ومهنية لم تجد طريقها إلى الحل، رغم اعتراف الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع بشرعيتها، وتحميلهم السلطات العمومية وعلى رأسها الوظيف العمومي مسؤولية عدم معالجتها، على غرار القوانين الأساسية الذي يطالب كل سلك بمراجعتها.
وأعلنت النقابات صراحة، بأنها لن تتردد في استئناف برامجها الاحتجاجية بداية الدخول الاجتماعي المقبل، وهي وسيلة من أساليب الضغط القانونية حسبها، للضغط على الوزارة وتحميلها مسؤولية إقناع السلطات العمومية بضرورة التحرك، لاحتواء غضب مستخدمي القطاع، وتجنب دخول “أسود” على جميع الأصعدة.
أما قطاع التعليم العالي، الذي يعيش فترة جمود منذ مجيء الوزير مباركي، فقد عرف في الفترة الأخيرة “انتعاشا” في العلاقة بين الوصاية والشركاء الاجتماعيين، من خلال اللقاءات الثنائية التي جمعت الوزير بممثلي النقابات، بطلب منهم، بالنظر إلى حالة الغليان التي يشهدها القطاع منذ مدة.
وعادت ملفات سوء التسيير على مستوى المؤسسات الجامعية و”التضييق” الممارس على المندوبين النقابيين، إضافة الى المشاكل البيداغوجية المتراكمة لنظام الـ«ال.ام.دي”، والدعوة إلى ضرورة تقييمه للوقوف على أسباب “فشله”، لتطفو على السطح من جديد، يضاف إليها ملف السكنات الوظيفية التي تعرف عملية إنجازها وتوزيع الجاهزة منها، تأخرا مفضوحا، ومطالبة ممثلي “الكناس” بالتحقيق في تسيير السكنات الموجهة لأساتذة الجامعة بشكل خاص، وهي كلها ملفات تلغم الدخول الجامعي المقبل.
من جهته، خرج قطاع البلديات المنضوي تحت لواء نقابة “السناباب”، عن صمته، ليعلن القطيعة مع الهدنة التي كان قد أعلن عنها منذ أكثر من سنة، حيث قرر رسميا استئناف الاحتجاجات والتصعيد من وتيرتها، من خلال تنظيم وقفات أمام البلديات في انتظار مناقشة أساليب أكثر “نجاعة” للضغط على الوصاية وإجبارها على تلبية ملفات ظلت عالقة، على رأسها إعادة النظر في القانون الأساسي وسلم الأجور والمنح والعلاوات، وكذا إدماج المتعاقدين وتوقيف المضايقات والتهديدات ضد النقابيين.
الخبر