أجاز البرلمان الموريتاني أمس قانونا جديدا مثيرا للجدل حول الإرهاب بعد قرابة 24 ساعة من النقاش المتواصل، في وقت نددت فيه المعارضة بالقانون ووصفته بالأسوأ في تاريخ البلاد، وطالبت برفضه وتأجيل المصادقة عليه، وفتح حوار وتشاور وطني معمق حوله.
يأتي القانون الجديد في سياق عمليات قتل خطف وعنف استهدفت أجانب وعسكريين موريتانيين منذ نحو خمس سنوات، وراح ضحيتها موريتانيون وعدد من الأجانب، وكان آخر هذه العمليات خطف خمسة أوروبيين في عمليتين منفصلتين على يد قاعدة المغرب الإسلامي. وقال زعيم المعارضة أحمد ولد داداه في مؤتمر صحفي إن القانون يمثل نكسة للحريات العامة في موريتانيا، واستنساخا غريبا ومرفوضا لفترة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وهي الفترة التي كانت الأسوأ في تاريخ العالم خلال العصر الحديث.
اعتقال القاصرين
ويسمح القانون الجديد بالتنصت على هواتف واتصالات ومراسلات المشتبه بهم، كما يسمح بمداهمة البيوت والمنازل في أي وقت، وهو ما كان محظورا في قانون الإرهاب السابق، ويعطي أيضا حصانة لمحاضر الشرطة، ويمنع الطعن فيها في أي مرحلة من مراحل التقاضي، كما يسمح أيضا باعتقال وملاحقة القاصرين ومحاكمتهم، ويعفى "المتعاونون" أثناء التحقيق من المتابعة الجنائية، وهو ما اعتبرته المعارضة تشجيعا وتكريما لأعمال التجسس.
وانتقد زعيم المعارضة بشدة القانون الجديد وقال إنه يكرس الدكتاتورية وإرهاب الدولة والحكم الفردي، وبالمجمل فهو يتعارض في عدد من مواده مع الشريعة الإسلامية والقيم والأخلاق الموريتانية ومبادئ الحرية الديمقراطية حسب تعبيره.أما رئيس اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود فنوه إلى أن إقرار القانون الجديد جاء من أجل التغطية على فشل النظام في توفير الأمن ومحاربة الإرهاب، ومحاولة لاسترضاء الغربيين بعد خطف خمسة منهم الشهر الماضي، لكنه مع ذلك شدد على أن القوانين مهما قست لن تستطيع توفير الأمن.
ورأت البرلمانية المعارضة فرفورة بنت باب في حديث لها مع الجزيرة نت أن القانون الجديد لن يوفر الأمن بل على عكس ذلك سيكرس الإرهاب، ويجسده أكثر بما يحويه من كبت خطير للحريات، وبما يتضمنه من تعسف وقسوة على من يوصفون بالإرهابيين، وهو بذلك يعتبر قانونا إجراميا، يخالف الشريعة والقانون وحتى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها موريتانيا ومن بينها اتفاقية الطفل التي تحرم المتابعة الجنائية للقصر.وألقت البرلمانية المعارضة المعلومة بنت الميداح في حديث للجزيرة نت باللائمة على برلمانيي الأغلبية الحاكمة، ورأت أن تمريرهم لقانون يسمح بالتنصت ويعطي حصانة مطلقة لأجهزة الأمن ومحاضرها، ويسمح بمداهمة البيوت ليلا لا يمكن فهمه أو قبوله في دولة تحترم كرامة مواطنيها، وتصف نفسها بدولة القانون والحريات.
عناصر تعسف
ورغم أن برلمانيين من الأغلبية صوتوا لهذا القانون إلا أنهم مع ذلك أبدوا تحفظا شديدا على بعض مواده، ومن هؤلاء البرلماني المصطفى ولد سيدات الذي قال للجزيرة نت إن القانون تضمن مواد فيها تعسف، خصوصا ما يتعلق بمنع الطعن في محاضر الشرطة التي يجوز في حقها أن تلفق وتتهم دون مبررات، كما أبدى تخوفه من أن يكون التنصت واقعا في الحال وجاء القانون الجديد لتشريعه فقط. بيد أن النائب ورئيس لجنة العدل في مجلس النواب اسلامة ولد عبد الله رفض كل الاتهامات السابقة وقال إن القانون الجديد يأتي لتعديل قانون سابق، بإضافة مواد ترفع العقوبات، وتنشئ هيئات تحقيق خاصة بالإرهاب، وتبيح تفتيش البيوت ولكن تحت رقابة قضائية.