افريقيا الشمالية

Open in new windowحصلت "العربي الجديد" على عشرين وثيقة مصنفة "سرية جداً" مكونة من ثلاثة أقسام رئيسية وقعها كلها عن الجانب المصري، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في الجيش، لواء أركان حرب، محمد محسن الشاذلي، الأول منها اتفاق عام يشبه اتفاقيات الدفاع المشترك بين الدول، وهو عبارة عن ديباجة وثلاث عشرة مادة.

أهم ما جاء في "اتفاقية التعاون العسكري الاستراتيجي المشترك بين جمهورية مصر العربية ودولة ليبيا"، تختصرها المادة الخامسة التي أكدت أن "كل تهديد أو اعتداء مسلح يقع على أي منهما أو أي من قواتهما المسلحة على نحو مباشر أو غير مباشر يعد اعتداء على الطرف الآخر، ومن ثم يلتزم كل منهما بمعاونة الآخر المعتدى عليه، بما في ذلك القوة المسلحة لرد الاعتداء مع إخطار المنظمات الدولية والإقليمية بطبيعة ونوع التهديد أو الاعتداء وما اتخذ في شأنها من تدابير وإجراءات".

ويرى المراقبون خطورة في هذه المادة، تنبع من أن تفسير نوع التهديد متروك للنظام السياسي الأقوى في هذا الاتفاق، وهو الطرف المصري طبعاً، وبالتالي يمكن للنظام المصري تحريك قوات برية أو جوية أو بحرية في حالة تفسيره أن تهديداً ما قد يقع عليه من داخل ليبيا، وهي مسألة ليست مضبوطة وفق تعريفات قانونية جامعة، بل متروكة للاجتهاد. أما المادة السادسة من الاتفاق العام فتنص على أن "يتشاور الطرفان في ما بينهما، بناء على طلب أحدهما، كلما هددت سلامة أراضي أي منهما، أو استقلاله أو أمنه". ويرى عسكريون أن الجانب الليبي أوفى بالتزامه في هذه المادة بالمطالبات المتكررة لرئيس الحكومة المستقيلة عبد الله الثني ووزير خارجيته محمد عبد العزيز، ورئيس مجلس النواب الليبي المنعقد بمدينة طبرق شرقي ليبيا عقيله صالح، إذ إنهم في كل المناسبات الدولية والإقليمية طالبوا بضرورة التدخل العاجل لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبره الجانب المصري في الاتفاقية التزاماً عليه بضرورة التدخل تطبيقاً لنص المادة السابقة.

القسم الثاني من وثائق الاتفاقية السرية المصرية الليبية، والمكون من ديباجة وسبع مواد، نص في مادته الأولى على أن مدة هذه الاتفاقية خمس سنوات قابلة للتجديد باتفاق الطرفين، وحددت المادة الثالثة مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين في 13 بنداً كلها ذات طبيعة تبادلية للمعلومات والتدريب وتطوير القدرات العسكرية. أما المادة الخامسة، فقد أكدت على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة حُددت أهدافها الأساسية بالإشراف والمتابعة لتنفيذ مجالات التعاون العسكري وتحديد الأخطار المحتملة التي قد يتعرض لها طرفا الاتفاق. أما القسم الأخير من الاتفاقية، فهو عبارة عن ملحق إضافي لاتفاق التعاون العسكري المصري الليبي، مكون من 15 بنداً تفصيلياً حول التزامات الطرف المرسل لقوات عسكرية برية أو جوية أو بحرية إلى البلد الآخر، والتزامات الطرف المستقبل لهذه القوات، فضلاً عن تفاصيل دقيقة من لحظة انتقال القوات وحتى عودتها من ناحية التأمين والانتشار واللوجستيات للعمليات العسكرية المزمع القيام بها. وقد تم اعتباره جزءاً لا يتجزأ من اتفاق التعاون العسكري المشترك.

ويرى عسكريون أنه سلفاً بهذا الملحق، يتم تحديد الطرف المرسل وهو مصر، باعتبار أن ليبيا ستكون هي البلد المستقبل، لأنه ليس لديها قوات برية أو جوية أو بحرية قادرة على تقديم المساعدة لمصر حال تعرضها لأية أخطار. وترتّب بنود هذا الملحق، التزامات دقيقة على البلد المستضيف للقوات العسكرية، تؤمن سير أداءها العملياتي داخل الأراضي وفي المجال الجوي. ونص البند الثاني من المحلق الإضافي للاتفاقية على أن يوفر الطرف المرسل، أي مصر، وسائل الانتقال من وإلى المكان السابق تحديده، وهو قد يكون، بحسب خبراء، مناطق الشرق الليبي حتى مدينة سرت. ونص في البند الثالث على وجوب توفير الطرف المستقبل، وهو ليبيا، وسائل الانتقال من نقطة وصول القوات إلى الأهداف المحددة.

ويفصّل البند الخامس التدخل الجوي من قبل الطرف المرسل في المجال الجوي الليبي، من توفير المطارات، وأغلبها بالشرق الليبي كمطاري الأبرق شرقي مدينة البيضاء، وقاعدة جمال عبد الناصر الجوية بمدينة طبرق، أو بعض المهابط بقاعدة الوطية والزنتان ومطار غدامس جنوبي البلاد. لكن خبراء عسكريين ليبيين شككوا في صلاحية هذه المهابط حتى تنزل بها الطائرات الحربية المصرية. بينما أشار البند السادس إلى الالتزامات التفصيلية التي تقع على الطرف المستقبل، وهي ليبيا، التي تركزت بالدرجة الأولى في تزويد العسكريين المصريين بالمواصلات والوقود والزيوت والتزود في الجو وتقديم موانئه ومطاراته ومركباته الآلية وشبكات اتصالاته للقوات الآتية من مصر إلى ليبيا في حال تنفيذ هذه الاتفاقية.

وتشير المواد السابعة حتى الرابعة عشرة، إلى مسائل عسكرية لوجستية، واتفاقات حول الطرف الذي يتحمل تكاليف العمليات العسكرية، وهو الطرف المستقبل لتلك القوات، وتنسيق الإجراءات الأمنية وحماية المعلومات بين الجانبين، وتراخيص المركبات الآلية والولاية القضائية ومطالبات التعويض، وقيادة القوات وحرية التنقل والزي العسكري. تفاصيل يرى فيها خبراء تمهيداً من السلطات المصرية السياسية والعسكرية لتدخلها في ليبيا. ودليل هؤلاء على الطبيعة التدخلية لهذه الاتفاقية، هو أن الحكومة الليبية، أي الطرف المستقبل، لم تعرضها على مجلس النواب، المخوَّل قانونياً بالتصديق على هذه الاتفاقية، واعتبارها بمثابة قانون ليبي.

ويتبين من مراجعة تاريخ هذه الوثائق أنها حررت في 14 سبتمبر/أيلول الجاري في القاهرة، وهو ما اعتبره المراقبون توقيتاً مهما لحكومة عبد الله الثني المستقيلة ولمجلس النواب الليبي الذي دعم عمليات اللواء المنشق خليفة حفتر، بعد تصنيف قوات "فجر ليبيا" كـ"منظمة إرهابية" بعد خسارة الكتائب الحليفة لحفتر العاصمة طرابلس، وتراجعها في بنغازي. وجاء الكشف عن هذه الوثائق السرية بعد تسريبات أميركية عن تورط مصر والإمارات في توجيه ضربة جوية عسكرية لمواقع في العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما يشير، بحسب كثيرين، إلى أن النظام المصري أراد من خلال هذه الاتفاقية أن يشرعن عملياته العسكرية في شرق ليبيا، مع احتمال تصديق مجلس النواب الليبي في طبرق عليها، من دون الإعلان عنها.
العربي الجديد


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو