رأى كاتب بريطاني أن منع السلطات المصرية لقافلة شريان الحياة الأخيرة من دخول قطاع غزة "عرا تماما مشاركة الحكومة المصرية في جريمة الحصار الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا على غزة والعقاب الجماعي على مليون ونصف مليون من سكانها".
وقال الكاتب سيوماس مايلن في مقال بصحيفة غارديان البريطانية، إنه إذا أضرب ناج من الهولوكوست عمره 85 عاما عن الطعام دعما لأناس محاصرين بجزء آخر من العالم وضرب محتجون معظمهم غربيون وقمعوا بواسطة الشرطة فإننا حتما سنسمع بكل شيء عن ذلك.وأضاف " ولكن لأن ذلك حصل في مصر المدعومة بواسطة الغرب وليس في إيران، ولأن المحتجين يساندون الفلسطينيين في غزة وليس طالبان على سبيل المثال، فإن معظم الناس في أوروبا وأميركا الشمالية لا يعملون شيئا عن ذلك".
وأشار الكاتب إلى أنه طيلة الأسبوعين الماضيين ظلت مجموعتان من مئات النشطاء في صراع مع الشرطة والمسؤولين المصريين من أجل العبور إلى قطاع غزة لإظهار تضامنهم مع مواطنيها المحاصرين بمناسبة الذكرى الأولى للاعتداء الإسرائيلي المدمر على غزة. وأوضح أنه تم أخيرا السماح لجورج غلاوي و150 سيارة من قافلته المكونة من مائتي سيارة محملة بالأدوية والمساعدات الطبية بالدخول إلى غزة بعد أن منعت وتم التعرض لها والتحرش بها مرارا من قبل الأمن المصري بما في ذلك الاعتداء العنيف في ميناء العريش مساء الثلاثاء والذي أدى إلى جرح العشرات بالرغم من مشاركة نائب بريطاني وعشرة نواب أتراك بالقافلة.
وتناول مايلن التظاهرات الفلسطينية التي حدثت الأربعاء على الجانب الفلسطيني من معبر رفح احتجاجا على منع القافلة من الدخول، والتي أدت إلى صدامات مع قوات الأمن المصرية وقتل خلالها جندي مصري وأصيب عشرات الفلسطينيين.
تعرية مصر
وقال الكاتب إنه رغم أن هذه المواجهات تم تجاهلها بالغرب لكنها كانت حدثا رئيسيا لأجهزة الإعلام بالشرق الأوسط أضر بمصر، وفي الوقت الذي قالت فيه الحكومة المصرية إنها ببساطة تدعم سيادتها الوطنية، فإن قصة البطولة هذه عرت تماما مشاركتها في جريمة الحصار الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا على غزة والعقاب الجماعي على مليون ونصف مليون من سكانها.
وأوضح أن إسرائيل المتزعم الرئيسي لعملية الحصار تسيطر فقط على ثلاثة جوانب من القطاع، وبدون مصر التي تسيطر على الجانب الرابع من القطاع، فإن الحصار سيكون غير فعال.وأضاف مايلن أن النظام المصري بسبب عدم احتماله تلك الأنفاق التي أنقذت الغزيين من التسول التام، فإنه يقوم الآن ببناء "جدار العار" كما يسميه العديد من المصريين، تحت إشراف أميركي لصيق من أجل إكمال عملية حصار غزة. وعزا ذلك جزئيا إلى "خوف ديكتاتور مصر المسن حسني مبارك من التلوث الذي يمكن أن يأتي من قبل حكومة حماس المنتخبة في غزة والتي يمكن أن يفوز حلفاؤها الأيديولوجيون جماعة الإخوان المسلمون إذا أجريت انتخابات حرة في مصر".
عاملان
وأشار الكاتب إلى أن هناك عاملين آخرين يبدو أنهما حاسمان في إقناع مصر بالخضوع للضغط الأميركي والإسرائيلي وإغلاق الباب أمام فلسطينيي غزة ومناصريهم، الأول هو تهديد واشنطن بقطع المعونات عن مصر إذا لم توقف تهريب الأسلحة والمواد الأخرى إلى غزة. أما العامل الثاني –يقول الكاتب- فهو الحاجة إلى قبول الولايات المتحدة مسألة خلافة جمال مبارك لوالده في رئاسة البلاد. وأشار الكاتب إلى أن الحكومة المصرية باعت حماية سيادتها أراضيها مقابل استمرار الدعم المالي الأجنبي واستمرار دورها الاستبدادي، مضحية بدورها التاريخي في زعامة العرب في عملية السلام.
وأكد الكاتب أن تبني واحتضان الغرب للأنظمة القمعية مثل النظام المصري إضافة إلى الدعم اللا محدود لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، هو قلب المأساة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وأشار إلى أن عقودا من الدعم المتعطش للنفط للأنظمة المستبدة من إيران إلى عمان ومصر والسعودية إضافة إلى فشل القومية العربية في إكمال عملية تخليص المنطقة من الاستعمار، أدت بداية إلى صعود الإسلاميين ومن ثم انفجار الإرهاب على طريقة تنظيم القاعدة منذ أكثر من عقد مضى.
وأوضح الكاتب أنه بدلا من أن تتجه الولايات المتحدة إلى معالجة أسباب العداء للسيطرة الأجنبية على المنطقة، فإنها قامت بالمزيد من عمليات توسيع الوجود الأجنبي ونفذت العديد من التدخلات المدمرة كغزو العراق والحرب بأفغانستان وغيرها. وختم بالقول إنه بدلا من تقليل الدعم الغربي للديكتاتوريات وعمليات الاحتلال التي تؤدي للمزيد من إرهاب تنظيم القاعدة وتركيز موارده على دعم قوات الأمن لمواجهته، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها اندفعت بعناد إلى تكرار وتوسيع الفظاعات التي أوقدت شرارتها هي بالمقام الأول معتبرا ذلك "وصفة لحرب ضد الإرهاب بلا نهاية".