تدور الأن عملية تنسيق تونسي جزائري لتفادي توسع رقعة القتال الليبي وزارة الداخلية التونسية تحبط عشرات العمليات الإرهابية وتوقف عناصر مصنفة "خطيرة جداً" متسللة برا وبحرا من ليبيا لتنفيذ عمليات في تونس.
ويقترب الخطر من تونس التي تستعد للانتخابات التشريعية والرئاسية خلال أسابيع قليلة، مع ازدياد وتيرة العنف المسلح في ليبيا. فخطر الجماعات المتطرفة التي تعمد إلى زعزعة الاستقرار تجلى من خلال سعيها إلى ضرب التحول الديمقراطي والاقتصادي في تونس. وهذا ما أعلنته الحكومة التونسية في أكثر من مناسبة إثر إحباط وزارة الداخلية لعشرات العمليات الإرهابية وإيقافها لعناصر مصنفة "خطيرة جداً" متسللة خلسة برا وبحرا من ليبيا لتنفيذ عمليات في تونس. وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كيلومتر، ويوجد على طول هذه الحدود معبران حدوديان هما "راس جدير" و"ذهيبة". وتواجه المنظومة الحدودية التونسية منذ سقوط نظام بن علي صعوبات في رصد تسلل الإرهابيين وإيقاف السلاح المتدفق إلى أراضيها. وقد أكد الناطق الرسمي لوزارة الداخلية التونسي، محمد علي العروي، أن وحدات الحرس الوطني تمكنت من إلقاء القبض على مجموعة ضالعة في نقل الأسلحة. وأفاد العروي أن الإرهابي محمد علي الغربي اعترف بمسؤوليته في تهريب الأسلحة من ليبيا إلى جبل الشعابني مرورا بسيدي وزيد، كما كشف عن الشبكة التي تتعامل معه. واتضح أن الغربي يعمل مساعدا للجزائري لقمان أبو صخر المسؤول عن الجماعة الإرهابية في جبل الشعانبي .
وتستشعر تونس مخاطر حقيقية من اتساع رقعة القتال على أراضيها الذي تعيشه ليبيا منذ أكثر من شهرين بين المليشيات المسلحة التي تعززت منذ فترة بمليشيات سودانية و"بدواعش" تونسية وسورية وعراقية. كما يثير تواجد الفرقاء الليبيين على الأراضي التونسية تخوفات كبيرة إذا ما تعمق الخلاف فالمعركة ستنتقل إلى تونس والمواجهة بينهم واردة. ومنذ تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا يتدفق الآلاف من الليبيين يوميا إلى تونس على اختلاف مشاربهم، وينام في المصحات جرحى من عناصر الجيش النظامي والمليشيات الإسلامية. وفي أكثر من مناسبة أكدت السلطات التونسية أنها لن تمارس أية قيود على دخول المواطنين الليبيين إلى تونس بل ستتبع فقط الإجراءات اللازمة لحماية حدودها من محاولات تهريب السلاح والممنوعات. وقال رئيس مجلس القبائل الليبية : "ما يحدث في ليبيا سينتقل إلى تونس والجزائر إذا ما لم يتم احتوائه لأن حراسة الحدود لا تكفي". وفي ذات السياق تعمل الجزائر على مواصلة ما بدأته تونس قبل سنة وهو تجميع الفرقاء الليبيين حول طاولة الحوار وترك السلاح وصولا إلى مصالحة وطنية وبناء مؤسسات منتخبة وحكومة تضمن استقرار ليبيا.
وتفيد بعض المصادر الدبلوماسية أن الجزائر تتعرض إلى ضغوط كبيرة من طرف باريس وواشنطن من أجل الموافقة على التدخّل العسكري في ليبيا لمحاربة الإرهاب. غير أن المادة 26 من الدستور الجزائري تقول: "الجزائر تمتنع عن اللجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحريتها، وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية". ونفى وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن بلاده قدمت تسهيلات من أجل التدخل الأجنبي في الأراضي الليبية. وقال: "ليس هنالك تدخُّل عسكري في ليبيا، المطروح حاليا هو جمع شمل الليبيين من خلال حوار وطني". وتسعى الجزائر بالتنسيق مع الجانب التونسي إلى تفادي التدخل الغربي بتكثيف اتصالاتها مع أطراف الأزمة الليبية. غير أن الجزائر اصطدمت بطلب البرلمان الليبي في طبرق بطلب تأخير موعد أول جلسة حوار كانت مبرمجة في النصف الثاني من أيلول/سبتمبر الجاري بالجزائر العاصمة إلى موعد لاحق. ومن المنتظر أن يتوجه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر قريبا للتباحث مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة حول الأزمة الليبية ولتأسيس تحالف مغربي ضد داعش.
الشروق