على استحياء وبمظهر حزين فرشت الخرطوم جزءا من ردائها للمحتفلين والمحتفين بمرور خمسة أعوام على اتفاقية السلام وإنهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي امتدت لأكثر من عشرين عاما.
ولم تجد العاصمة السودانية ما يذكرها ما نسيت، رغم تزامن المناسبة مع احتفالات البلاد بعيد استقلالها الـ54.فبينما بدا الشارع السوداني غير عابئ بخلافات شريكي الحكم التي امتدت طيلة فترة حكمهما، اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن الشريكين فشلا حتى الآن في إزاحة عقبة عدم الثقة بينهما وبالتالي الاتجاه نحو تنفيذ كل متطلبات اتفاق السلام من تنمية وتحول ديمقراطي.
تبدل الأجندة
رئيس مركز الدراسات السودانية حيدر إبراهيم اعتبر أن شريكي الحكم في السودان لم يحسا بالسلام في الفترة الماضية، "وبالتالي اختفت من أجندتهما كل مظاهر الاحتفال بمناسبة تحقيق السلام".وقال للجزيرة نت إنه رغم انقضاء خمس سنوات من الاتفاق علي وقف الحرب والاقتتال في البلاد لم يدفعهما ذلك لتنفيذ متطلبات السلام الحقيقية، "بل إنهما لم يتمكنا من إجازة قوانينه إلا مع نهاية السنة الخامسة التي تعني قرب نهاية الفترة الانتقالية".
وأكد أن الطرفين يعتقدان كما يعتقد الجميع أن هناك مخاطر تواجه عملية السلام في السودان لعدم تحقيق التنمية والاتجاه نحو التحول الديمقراطي، وأشار إلى أن اتفاق السلام لم يوقف الأزمات التي تمر بها البلاد في جميع مناحيها.
مستقبل السلام
أما الخبير السياسي أتيم قرنق فاعتبر أن اتفاق السلام لم يحقق مطالب الشعب السوداني المشروعة في التنمية والديمقراطية ووقف الحرب في الأقاليم الأخرى، وبالتالي لا يزال محل تجاذب بين أطرافه المختلفة. وأكد أن الاتفاق جاء بمطلبي التحول الديمقراطي وتقرير مصير الجنوب، وهو ما يرفضه نظام الحكم الذي كان قائما في السودان.
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن الجميع لا يرى مستقبلا إيجابيا للسلام في السودان رغم إيقافه للحرب، "لأن المؤتمر الوطني لا يرغب بذلك".فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين أن إبعاد القوى السياسية من المشاركة في تحقيق السلام يمثل جزءا من الأزمات التي ما تزال تعترض تنفيذ الاتفاق حتى الآن.
وقال إن الشريكين ظلا يعتقدان أن كلا منهما يحاول الكسب علي حساب الآخر، "وبالتالي لا بد من الوقوف أمام طموحاته ما أدى في نهاية الأمر إلى عدم تحقيق السلام وفق الطموحات الداخلية والخارجية".وأكد في تعليق للجزيرة نت أن عامل الثقة ما يزال مفقودا بين طرفي اتفاقية السلام، "بل ما يزال المجتمع الدولي متخوفا من انهيار السلام والعودة إلى الحرب في أي لحظة". واعتبر الأمين أن السودان لم يحقق شيئا منذ استقلاله، "ويبدو أنه رجع القهقرى ولم يتقدم قيد أنملة بسبب سياسات خاطئة لأبنائه".