على الرغم من أن أغلب العمليات “الإرهابية” تتركز في محافظة شمال سيناء، إلا أن تشييع جثامين ضحايا تلك الهجمات يوزع الحزن بعدة محافظات خلال وداع أبناءها.
ورصد مراسلو وكالة الأناضول جنازات شعبية شيع فيها الأهالي في ست محافظات ذويهم من جنود وضباط الجيش، الذين قتلوا الجمعة، في هجوم استهدف نقطة تفتيش عسكرية بشمال سيناء، وأسفر عن سقوط 30 قتيلا و31 مصابا.
فرج محمد عطوة ” 21 عاما ” ابن محافظة الدقهلية “دلتا النيل/شمال” أحد الجنود القتلى الذين لقوا حتفهم في الهجوم.
المشهد، كما رواه مراسل الأناضول في قريته، كان مأساويا، فالأم رفضت تشييع الجنازة إلا بعد إلقاء نظرة الوداع عليه ووضع قبلة علي جبينه، والأب ظل متعلقا بنعشه وشقيقاه دخلاا في حالة بكاء هيستري وطالبا القصاص لشقيقهما.
وفي قرية أخرى بنفس المحافظة، كان الأب يبكي فراق ابنه، أحمد صادق علي (24 سنة)، والذي كانت تفصله عن نهاية خدمته العسكرية 25 يوما.
وقال الأب والدموع تتدفق من عينيه لمراسل الأناضول: “كان من المفترض أن نبدأ في الترتيب لزواجه، ولكن بدلا من أن يرتدي بدلة الزفاف، ارتدى الكفن”.
أما الأم فقد سقطت مغشيا عليها بعد أن وضعت قبلة الوداع علي جبينه وبجوارها نساء أهل القرية وقد تعالت أصواتهن بالصراخ.
وفي قرية ثالثة بالمحافظة، خرج المئات في تشييع جنازة تامر ماهر رجب، والذي اشتهر بأخلاقه الطيبة بين أبناء القرية، وتحولت جنازته إلى مسيرة منددة بالإرهاب والإرهابيين.
ومن محافظة الدقهلية إلى محافظة أخرى، وهي الشرقية، بدلتا النيل، يثبت “الإرهاب” أنه لا يفرق بين الأديان، فقد كان ضحايا الحادث أحدهما مسيحي والآخر مسلم.
وعكست كلمة الانبا تيموثاؤس، أسقف مدينة الزقازيق، عاصمة المحافظة، هذا المعنى، وقال بعد صلاة القداس علي جثمان كرلس فاضل حبيب (23 سنه) “الإرهاب الأعمى لا يفرق بين المسلم والمسيحي”، مؤكدا أن هذه العمليات لن تزيدهم إلا تماسكا.
وخرجت الآلاف بقرية أحمد سعيد إبراهيم (23 سنه) لتوديع جثمانه، مرددين هتافات منددة بالإرهاب.
ومن دلتا النيل، إلى محافظة الفيوم، وسط البلاد، سيطرت حالة من الحزن على مدينة سنورس، مسقط رأس، عبد الرحمن شعبان محمد (20 سنة).
والد عبد الرحمن ما أن علم بالفاجعة حتى دخل في حالة من الصمت ورفض الحديث مع أحد مكتفيا بالقول: “أنا في انتظار الجثة لأدفن ابني واستودعه عند الله”.
أما الأم، فلم تتوقف عن البكاء منذ سماعها الخبر رافضة تصديقه، ودخلت في حالة من البكاء الهيستيري لم يتوقف.
ومن وسط مصر إلى جنوبها، استقبل مطار المنيا، خمسة جثامين لشهداء الواجب من أبناء المحافظة والذين قتلوا جراء الهجوم.
وكان في استقبال الجثامين قيادات المحافظة، وأعلن اللواء صلاح الدين زيادة محافظ المنيا تنكيس الإعلام بالمحافظة لمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح القتلى.
وفي محافظة دمياط، شمالي مصر، شيع الآلاف من أهالي مدينتي فارسكور والزرقا، جثماني رامي زيدان ومحمود عصام فوزي، وسط أجواء حزينة.
وفيما تحولت الجنازة لمظاهرة غاضبة تندد بـ”الإرهاب” وتطالب بالقصاص العاجل من الجناة، قالت إيمان حفيلة، والدة رامى، إن أول ما جال بخاطرها لدى سماع نبأ مقتل نجلها، أنه تمنى أن يموت شهيداً وأن يتقبله الله فى جنته.
بينما قال أيمن محمد، إن ابن اخيه محمود عصام، ابن مدينة الزرقا، “كان في آخر إجازه قبل استشهاده يبدو سعيدا بشكل لافت وكأنه كان يشعر بقرب لقاءه بربه شهيدا من أجل الوطن”.
ومن أقصى جنوب مصر، في محافظة الأقصر انطلقت جنازة شعبية مهيبة، بمشاركة مسؤولين محليين، شيع خلالها الأهالي جثمان محمد حجاج حيث تعالت هتافتهم أثناء التشييع “لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله”.
وقال عادل مهران، سكرتير عام محافظة الأقصر، إن “شعب الأقصر بكافة طوائفه يدين هذا الحادث الإجرامى الذي يهدف إلي تعطيل المسيرة الديمقراطية للبلاد وخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار”.
وشهدت مصر الجمعة، هجوما استهدف نقطة تفتيش عسكرية، بمحافظة شمال سيناء، أسفر عن سقوط 30 قتيلا، و31 مصابا، وفق حصيلة رسمية غير نهائية، وهو الأمر الذي أعلن على إثره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحداد 3 أيام، وفرض حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر مرفوقة بحظر تجوال طوال ساعات الليل، بمناطق في المحافظة.
القدس العربي