يبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الاثنين، زيارة تستغرق أربعة أيام إلى كل من إيطاليا وفرنسا، تهدف إلى تطوير العلاقات السياسية والتجارية مع الدولتين، وبحث أبرز القضايا محل الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بقضايا منطقة الشرق الأوسط واستعراض ملف الإرهاب وتداعياته على دول المنطقة، ومناقشة التهديدات التى تواجه ليبيا.
وتعتبر هذه هى أولى زياراته الأوروبية منذ تولية الرئاسة ، ومن المقرر أن يصل الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم العاصمة الإيطالية روما وتستمر زيارته لمدة يومين، يجرى خلالهما محادثات مع رئيس الوزراء ماتيو رينزى، حول زيادة فرص الاستثمار فى مصر و مكافحة الارهاب وسيتم عقد اجتماعات مع عدد كبير من رؤساء الشركات الإيطالية ، كما انه من المقرر أنه سيلتقى البابا فرنسيس فى الفاتيكان فى أول زيارة لرئيس مصرى منذ ثمانى سنوات.
وبعد انتهاء زيارته لإيطاليا سينطلق للعاصمة الفرنسية باريس ، حيث يلتقى نظيره الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند ، فضلا عن كبار المسؤولين لبحث دفع العلاقات المصرية الفرنسية ، ومناقشة بعض القضايا من أهمها النزاع فى ليبيا حيث تقاتل ميليشيات إسلامية وحلفاء لها حكومة ضعيفة ولكن تحظى بدعم دولى .
وسيلتقى الرئيس أيضا، برئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ، كما سينظم مجلس رجال الأعمال الفرنسيين لقاء حول فرص الاستثمار فى مصر وسيبحث فيه الوفد الاقتصادى المرافق عن سياسة مصر الجديدة للاستثمار والعمل على تشجيع الشركات الفرنسية بالعمل فى السوق المصرية وسيتم تقديم كل المقترحات بشأن ما يمكن أن تقدمه فرنسا فى السوق المصرية فى السنوات القادمة.
وتعكس زيارة الرئيس لفرنسا أهمية خاصة بالنسبة لمصر باعتبارها من أهم الشركاء التجاريين في دول الاتحاد الأوروبي ، وأن البلدين يمكنهما القيام بدور مؤثر لتفعيل التعاون بين دول شمال وجنوب المتوسط.
وتتميز العلاقات المصرية - الفرنسية بالمتانة والحرص على التشاور المستمر بين القيادة السياسية في مصر وفرنسا لبحث كافة القضايا الدولية والإقليمية، حيث شهدت فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي العديد من الزيارات واللقاءات، الأمر الذي يؤكد اهتمام البلدين بدعم التنسيق والتعاون المشترك، حيث تعتبر فرنسا من أهم الدول الأوروبية المستثمرة في مصر من حيث حجم استثماراتها.
وعلى الجانب الاقتصادي، تعتبر العلاقات الاقتصادية بين البلدين جيدة؛ فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا عام 2013 2.5 مليار يورو ، و أن حجم الاستثمارات بين البلدين خلال عام 2013/2014 بلغ 4.2 مليار يورو و ان حجم الصادرات المصرية لفرنسا بلغ 1.2 مليار يورو و حجم الصادرات الفرنسية لمصر بلغ نحو 1.3 مليار يورو ، كما أن هناك نحو 80 شركة فرنسية تعمل حالياً فى مصر .
أما بالنسبة لإيطاليا فهى تعد ثانى شريك اقتصادي لمصر على مستوى العالم ، والشريك الأول لها على الصعيد الأوروبى ، وتعد من أكبر الدول المستثمرة في مصر، حيث بلغت الاستثمارات الإيطالية في مصر أكثر من 1.5 مليار دولار خلال الفترة من 1970 وحتى نهاية فبراير 2014، بإجمالي عدد شركات 879 شركة عاملة بمصر .
وقد بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وإيطاليا خلال 2011 نحو 1.8 مليار يورو، فيما بلغ خلال الربع الأول من 2014 فقط نحو 1.3 مليار يورو ، ويتركز ذلك فى الصناعات التحويلية وصناعات الأغذية والغزل والنسيج والمنتجات الزراعية .
كما أن حجم التبادل التجارى فى مجالات الأغذية، بين مصر وإيطاليا، زاد بنسبة 2% لصالح مصر و3.7% لصالح إيطاليا، بإجمالي 37 مليون يورو ، بالإضافة إلى أن الاستثمارات الإيطالية فى مصر لم تتراجع أو تتأثر خلال الفترة من 2011 إلى منتصف 2013 بسبب توتر الأوضاع الاقتصادية بمصر وسوء الحالة الأمنية فى مصر .
ويرجع تاريخ العلاقات المصرية الإيطالية خاصة التجارية منها إلى العصور الوسطى، حينما كانت إيطاليا مقسمة إلى عدة دويلات أو جمهوريات بحرية وقد تنامت هذه العلاقات، وتشعبت إلى عدة مجالات غير التجارة، مع بداية عصر "الأمير محمد على"، أى فى أواخر القرن الثامن عشر/ أوائل القرن التاسع عشر الميلادى.
وقد بلغ عدد أعضاء الجالية الإيطالية فى مصر قبيل الحرب العالمية الثانية "1939- 1945" 55 ألفاً، وتركزت إقامتهم فى القاهرة والإسكندرية ، وكانت تعد ثانى أكبر جالية أجنبية فى مصر بعد الجالية اليونانية ، إلا أنها بدأت تنكمش فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى.
وبدأ تبادل السفراء بين الدولتين عام 1914، وتوقفت هذه العلاقات خلال الفترة من عام 1940 حتى عام 1945، وهى تقريباً كل الفترة التى استغرقتها الحرب العالمية الثاني.
وأظهرت الزيارات المتبادلة بين البلدين مدى توطد العلاقات وتحسنها ، ففى شهر أغسطس الماضى استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى بالقاهرة ماتيو رينزي رئيس وزراء إيطاليا و الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي و بحث الجانبان العديد من القضايا والأزمات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وتوسيع التعاون بين البلدين في مختلف المجالات فضلا عن بحث سبل دعم مختلف جوانب العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وإيطاليا.
وقد قام رئيس الوزراء الإيطالى السابق "سيلفيو برلسكونى " بثلاث زيارات لمدينة شرم الشيخ فى يناير عام 2009 لحضور القمة التى دعا لها الرئيس السابق حسنى مبارك لوقف إطلاق النار على غزة وقتها و للمشاركة فى مؤتمر دعم و إعمار غزة.
أما بالنسبة للعلاقات المصرية الفرنسية فترجع إلى أيام حكم الملك فاروق، فقد كان يتحدث الفرنسية بطلاقة، وخلال فترة حكم الملك فاروق أتضح النفوذ الثقافى الفرنسى فى مصر فمن خلال الصحافة عام 1937 كانت تصدر فى القاهرة 200 جريدة ومجلة باللغة العربية و65 بالفرنسية، وفى الإسكندرية كانت تصدر 20 بالفرنسية مقابل 31 بلغات أجنبية أخري.
وعادت العلاقات المصرية الفرنسية لمسارها الصحيح فى ابريل 1963 بعد انقطاع دام 6 سنوات وفى عام 1965 أصبحت اللغه الفرنسية لغه أجنبية أولى فى المدارس مثلها مثل الإنجليزية وفى العام نفسه استقبلت باريس المشير عبدالحكيم عامر .. إنها أول زيارة رسمية يقوم بها رجل دوله مصرى منذ 38عاما، وبعد تولى الرئيسالاسبق حسنى مبارك تحسنت العلاقات وتوطدت بين البلدين و افتتح مع رئيس الوزراء جاك شيراك الشق الأول من مترو القاهرة فى سبتمبر 1987.
وتوالت الزيارات بين البلدين فى الفترة الماضية ففى شهر سبتمبر الماضى قام جان إيف لو دريان وزير الدفاع الفرنسي بزيارة لمصر حاملاً رسالة شخصية من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، استعرض الجانبان مجمل العلاقات الثنائية بين الدولتين وسبل تعزيزها في كافة المجالات بما في ذلك مجال مكافحة الإرهاب، كما تم تبادل وجهات النظر حول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها الأوضاع في الشرق الأوسط وخاصة التطورات التي تشهدها كل من العراق وسوريا وليبيا.
وقد التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى نظيره الفرنسى فرنسوا أولاند على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى وتناول اللقاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
و تميزت العلاقات السياسية بين البلدين بالعمق والمتانة فى ضوء التقدير الكبير الذى يُكنه المسؤولون الفرنسيون للدور القيادى الذى تقوم به مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى ، فضلاً عن حرصهم على التشاور المُستمر مع القيادة السياسية فى مصر للتعرف على رؤية القاهرة لتطورات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى الموضوعات الدولية الأخرى. وقد شهدت الفترة السابقة العديد من الزيارات الرئاسية والوزارية المتبادلة، الأمر الذى يؤكد اهتمام البلدين بدعم التنسيق والتعاون المشترك، ولاسيما فى ضوء توليهما معاً الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط.
الدستور