أعلن الجنرال المالي ألهجي أغ آمو، تأسيس دولة “أربندا” في الشمال المالي التي لا تقبل سوى أبناء قبيلته “إمغاد” وحلفائهم، وقال في رسالة صوتية وجّهها لمناصريه: إن “أربندا” اليوم أصبح دولة مستقلّة لإمغاد لا تقبل سواهم، ومن دار في فلكهم، ولهم مطلق التصرّف فيها، مبدياَ استعداده لكل ما يكلّف إقامة هذه الدولة “أملا في نشر الأمن بدولة إمغاد وجيرانهم وضعفائهم”.
وتشهد أربندا (منطقة جنوب النهر) تطورات متلاحقة بسبب توغل الجيش المالي فيه ومحاولة بسط سيطرتها عليه، تمهيدا لبدء عمليات مهاجمة “أوظا” (المنطقة الممتدة شمال النهر)، وتعتزم الانطلاق من “بير” مستهدفة مناطق سيطرة الحركات الأزوادية. وبرر أغ آمو مساعيه لإعلان دولة أربندا، بإعادة المكانة الاجتماعية لقبيلته، وقال “أربندا لم يكن معروفاَ إلا بمحاسن الأحوال، فهذه المحاسن هي التي نسعى لاستعادتها، بما في ذلك إعادة المكانة الاجتماعية لزعامات “أربندا” سواء كانوا طوارقا أو عربا أو فلاتا” . وأبدى “أغ آمو” في حديثه الدوافع الداعية لهذا التحرك مبينا أن “واقع المنطقة الآن يشهد تنافسا باسم توماست لاستقطاب الآخرين من أجل المصالح القبلية الخاصة كإضعاف قبيلة بعينها أو إهانتها، وهذا ما نرفضه فنحن هدفنا المساواة مع الجميع من حدود الجزائر إلى بوركينا فاسو وإلى الحدود الموريتانية غربا”.
وبخصوص التعامل مع أهالي “اربندا” أوضح أغ آمو أن “التواصل بالجيران مهم لكن لا يمنع ذلك من حماية اللقب المتوارث، وتحريض كل فرد على المشاركة في رفع المهانة عن إيمغاد في جميع البلدان” مؤكدا أن “ثورتنا لا تقصي أحدا” ومضيفا أن “برنامجنا محاولة جمع كلمة إيمغاد لحماية أنفسهم بعد تشريدهم واستعمالهم من قبل خصومهم للإضرار بأبناء جلدتهم، وهذا ما نسعى ونحارب من أجل منعه” موجها تحيته “لإمغاد المنتمين لغاتيا”. ولفت “أغ آمو” إلى أن الانتماء لمالي لا يعيب تحركهم “لأن مالي اسم بلدنا ونعتز به ولنا فيه تاريخ نظيف منذ الاستعمار، فنحن فقط من قاوم المستعمر بجانب (إيموشاغ) ونفتخر بذلك، وهذا يدعونا إلى عدم الخجل حين يعيرنا البعض بالانتماء لمالي، فكوننا إمغاد أولا وكل مالي ثانيا يشكل ثنائي فخر لنا” داعيا جمهور “غاتيا” إلى الاستعداد لحماية “إمغاد” في كل مكان، كما حث جمهوره على مواكبة الأحداث إعلاميا وعدم التفريط في الإعلام ، تفاديا للتضليل المستمر والممنهج من الخصوم”. ولقي حديث “ألهجي أغ آمو” رفضا قاطعا من زعماء ينتمون لقبيلة “إمغاد”. وأبدى مسؤول المنسّقيات في الحركة الوطنية لتحرير أزواد عبدالكريم أغ موتفا (الذي ينحدر من القبيلة نفسها ومن “أربندا” تحديدا، بينما ينتمي الجنرال ألهجي إلى عشيرة إمغادية لا تقطن أربندا، بل في بادية قريبة من منكا شرق أزواد) في رسالة صوتية رفضه لتصريحات ألهجي، وأوضح “أغ موتفا” في حديثه أن “اختلاف الرؤى ألقى بظلاله على المنطقة وأن الرأي الصائب هو الأقل حضورا وتنفيذا في هذه السجالات والأحداث” مبينا مدى تأثير ذلك على كافة الأزواديين من كلتماشق والعرب والفلان والسنغاي قبل قدوم فرنسا للمنطقة لافتا إلى أن “الأزواد سابقين لوجود مالي وسكانه أيضا سابقين لها، وكانوا قبل مالي أنموذجا للتعايش السلمي والتكامل الإيجابي ولم تكن العرقيات إلا وسيلة للتعارف”. وذكر مسؤول المنسقيات في الحركة أن “أهل أربندا في مقدمة الثوار المطالبين بحرية أزواد منذ الحروب الأولى مع فرنسا وحتى هذه الثورة ضد النظام المالي، وراية الثورة مرفوعة من جيل إلى جيل كلما خفضت ارتفعت مرة أخرى، وذلك كله لأجل البحث عن كرامة الشعب الأزوادي، وأولى معارك هذه الكرامة معركتنا مع المستعمر في حدود أزواد مع مالي اليوم، وشارك فيها جميع جميع طوائف كلتماشق والفلان والسنغاي” نافيا “وجود جيش خاص بإمغاد فقط بل حتى إنهضن مشاركين في تلك الحروب والجميع مشارك لأجل الكرامة والحرية والإسلام”.
ولفت “أغ موتفا” إلى عدم تمييز عداء مالي بين مكونات الشعب الأزوادي وأن “ما قتلته مالي من إمغاد يفوق ما قتل من “يفوغاس” مثلا بل وقتلت حتى جنودها من كلتماشق فضلا عن البدو، وإذا نظرنا إلى اللاجئين فسنجد فيهم إمغاد وغيرهم من كلتماشق”. ودعا الأزواديين إلى عدم التأثر بكلام “ألهجي ” والمحافظة على ترابطهم وتجاورهم وتعاونهم مشددا على أن “كرامة كلتماشق واحدة، مهما تعددت آراؤهم” مضيفا أننا “لا نستغرب استغلال مالي لبعض الطوارق لإيذاء بعضنا أسوة بفرنسا أيام الاستعمار والجزائر أيضا”. كما أفاد “أغ موتفا” أن “أربندا سكانه خليط “تدمكت” الذي تدخل فيه جميع القبائل الأظوادية، ولو اطلعت على وثيقة اتفاقية “كل سريري” مع المستعمر الفرنسي لوجدت أنها ضمت أغلب قبائل “أربندا”، وهذا طبيعة “أربندا” من “تين هابو” إلى “تيسي” فالجميع متعايشون بأمان، ونحن نسعى لاستعادة هذا الأمان مع الكرامة”. وعن دعوة “ألهجي ” قال “أغ موتفا” أنه “إذا كان يدعو لاستعادة كرامة إيمغاد فقط فما هو الرابط بين ذلك وبين عرقية البنبارا” متسائلا: “أليس كلتماشق أولى به منهم؟، وما هو الشيء الذي سيجمع إيمغاد مع البنبارا ولا يجمعهم مع إدنان وإيفوغاس؟ . وحث في ختام حديثه كافة الأزواديين الحرص على الوصول إلى الهدف السامي دون المساس بالعلاقات التاريخية لأن جميع الأمور ستعود إلى نصابها قريبا، مذكرا بأن أربندا لا يحتاج إيمغاد إلى استعادته حيث أنه لم يخرج من أيديهم أساسا.