أعرب كثير من مواطني جنوب أفريقيا عن قلقهم لأن الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى للبرلمان) أصبحت " خارج السيطرة" في ظل اتهام بعض النواب بخرق القواعد ورئيس البرلمان بمحاباة الحزب الحاكم.
"أعطينا أصواتنا لأعضاء البرلمان لكي يمثلونا بطريقة محترمة ولكن ما نشهده يدعو للدهشة للغاية".. هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول محمود محيي الدين وهو أحد سكان جوهانسبرغ. وفي وقت سابق من هذا الشهر تم استدعاء رجال الشرطة إلى مقر البرلمان بعد أن نعت أحد نواب المعارضة الرئيس جاكوب زوما بـ"اللص" احتجاجا على قرار برلماني بتبرئة الرئيس من أي اتهامات لإنفاقه ما يقدر بنحو 246 مليون راند (22.4 مليون دولار) من الأموال العامة لتجديد منزله الريفي. علاوة على ذلك فقط تعطلت الإجراءات البرلمانية عدة مرات منذ انطلاق الدورة الأولى للجمعية العامة في يونيو/ حزيران الماضي. وفي أغسطس/ آب الماضي قاطع نواب من حزب "المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية" المعارض زوما عندما كان يخطب في البرلمان واتهموا الرئيس باستغلال الأموال العامة لتحديث مقر إقامته الشخصية. وكان نواب حزب "المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية" الذين غالبا ما يرتدون ثياب عمال (أوفرول) حمراء، لإظهار تضامنهم مع العمال قاطعوا زوما مطالبين بأن "يسدد الأموال". من جانبه قال أندريه دوفينهاغ أستاذ العلوم السياسية في جامعة "نورث ويست" جنوب أفريقيا: "أصبح البرلمان خارج نطاق السيطرة. والناس يشعرون بالقلق". وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: "رئيسة البرلمان باليكا مبيتي لا يمكنه السيطرة على ما كان يحدث في المجلس". وأشار دوفينهاغ إلى أن حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم الذي يشغل نوابه 249 من أصل 400 مقعدا في البرلمان، يسيئون استخدام أغلبيتهم لحماية الرئيس. في شهر مارس/ آذار الماضي اتهمت النائب العام في جنوب أفريقيا ثولي مادونسيلا الرئيس جاكوب زوما بـ"استخدام مبالغ طائلة من الأموال العامة لتجديد منزله الريفي". وقالت في تقرير إدانة يتألف من 400 صفحة "إن النفقات التي تكبدتها الدولة (لإجراء التجديدات).. غير معقولة ومغالى فيها وسببت اختلاس الأموال العامة". وكان من المفترض أن يكلف تحديث المنزل ميزانية الدولة نحو 2.5 مليون دولار لكن التجديدات الفخمة بحسب ما ذكرته مادونسيلا التي تشمل: حوض السباحة، وحظائر الماشية ومركز استقبال الزوار رفعت التكلفة الإجمالية إلى ما يقرب من 23 مليون دولار. وعلى الرغم من نفي زوما المشاركة في مراحل التشييد وشراء متطلبات تجديد المنزل لكنه رفض تسديد هذه الأموال ما جعل هذه القضية تتصدر حملات المعارضة الانتخابية في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة. وفي بيان صدر مؤخرا قال حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" إن سكان البلاد"راقبوا بحالة من الصدمة والرعب انزلاق الجمعية الوطنية إلى سيرك فوضوي بسبب سلوك بعض الأعضاء الخارج عن السيطرة". وأعرب الحزب عن قلقه إزاء الآثار الطويلة الأجل لفقدان البرلمان نزاهته واحترامه اللذان يحظى بهما حاليا في المجتمع. وعلى الفور ردت المعارضة على لسان هيلين زيلي القيادية في"التحالف الديمقراطي" حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، التي قالت "إنها قراءة خاطئة لهذه الأحداث لوصف البرلمان باعتباره مؤسسة في أزمة عميقة وجوهرية". وأشارت "زيلي" إلى أن دور حزبها خلال السنوات الخمس المقبلة سيكون منع حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" من تحويل مشاكله الداخلية إلى أزمة من أجل الديمقراطية في جنوب أفريقيا.
ليبيا المستقبل