لحقت كيانات كتاب السودان ومثقفيه بقائمة الأحزاب السياسية السودانية من تكتلات تخطت مرحلة البحث عن كيان إبداعي جامع إلى الانزواء في بيوتات ومنتديات تعددت أشكال وألوان بعضها حسب توجهاتها السياسية والفكرية المتنوعة.
ويبدو أن طبع الشعب السوداني متعدد الأعراق والثقافات والقبائل سيغلب تطبعه باتجاه الكيان الواحد مهما فعل المثقفون وغيرهم من فئات المجتمع السوداني المختلفة.
وبينما يتبادل بعض الكتاب والمثقفين الاتهامات حول الانتماء للحكومة ومعارضتها، اعتبر آخرون أن تعدد الكيانات الثقافية والأدبية مدعاة للتطور والتلاقح.
ظاهرة صحية
وقال رئيس اتحاد الكتاب السودانيين عالم عباس الذي وصف الظاهرة بالصحية، إنها تعمل لأجل إثراء التنوع القائم في البلاد، مؤكدا أن "أي ثقافة ولغة تجعل أهل السودان يعبرون عن ذاتهم وأفكارهم وقضاياهم يجب أن تتاح لها الفرصة الكافية".
وقال للجزيرة نت إن اتحاد الكتاب ورغم الرحابة الكبيرة التي يتميز بها لا يستطيع أن يمثل الثقافة السودانية باختلاف مشاربها ورؤاها السياسية والثقافية.
وذهب إلى أن الثقافة والكتابة عمل فكري يضم في غالبه المتجانسين فكريا، ما يدفعهم لتشكيل كيان خاص بهم، ""كما يوجد آخرون لهم أطروحات مختلفة يفترض الأمر أن يكونوا ضمن تنظيم آخر يلبي أفكارهم وطموحاتهم".
واعتبر أن تعدد الكيانات حق إنساني طبيعي للبشر، "ومن التعسف الكبير صوغ كل هذه الكيانات في نظام واحد شأنه شأن ما تقوم به الأنظمة الشمولية التي تسعى لتدجين الفكر وصوغه في قالب واحد".
دافع للنمو
أما الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب السودانيين الشاعر الفاتح حمدتو فرفض مبدأ الاعتراض على تعدد المسميات والكيانات الثقافية، مشيرا إلى أنها ربما تدفع بالمبدعين نحو الأجود والأفيد، حسب قوله.
وقال للجزيرة نت إن تعدد كيانات الكتاب والمثقفين والشعراء والأدباء في السودان "لن يشكل سوى دافع للآخر كي ينمو ويتطور".
كما اعتبر رئيس رابطة الكتاب السودانيين الشاعر عبد الله شابو تعدد الكيانات الثقافية أصلا من أصول العمل الثقافي المستقل، مشيرا إلى أنها مسألة صحية مرغوبة.
ودعا للتنافس في الكيانات الثقافية والأدبية حول مزيد من العطاء والتجويد، مشيرا إلى عدم التواصل المباشر بين الكيانات الثقافية المتعددة لوجود الكثير من التوجس بين أفرادها.
انتقاد
من جهته انتقد الشاعر عبد القادر عبد الله الكتيابي تعدد الكيانات الثقافية بالبلاد، حيث رأى أنها تشابه تعدد الأحزاب السياسية والحركات الجهوية والبيوتات الطائفية والرياضية.
وقسم الكتيابي الكيانات الثقافية إلى فريقين، الأول ذو علاقة مباشرة بنظام الحكم "يستطيع أن يملأ خزائنه باسم القومية ويمنح الحصانة غير المعلنة ويوفر الضمانات بسبب موالاته ويضع العراقيل أمام منافسيه".
أما الفريق الثاني –حسب الكتيابي- فعادة يلجأ إلى التعهد بتنفيذ أجندة المانحين من خصوم النظام في الداخل والخارج ليتحول إلى خلية معارضة سياسية، "وهذه هي حقيقة المشهد الثقافي في البلاد اليوم".
وقال للجزيرة نت إن هناك خلافات في مجالس الأدب والثقافة هنا وهناك "ما أدى إلى الحالة الماثلة من الانقسامات، لأن ارتباط الكيان الثقافي بالسياسي الذي بدأ بسوابق كثيرة ماضية أصبح سنة عبر الأجيال الأدبية والسياسية".