تواصل أمس انشغال الموريتانيين بالوضعية الأمنية الداخلية وذلك بعد أن هزت البلد قبل يومين حادثة اختطاف واغتصاب وقتل طفلة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات تسمى زينب.
ومع أن الأمن الموريتاني اعتقل الشبان الثلاثة المتورطين في هذه الجريمة، فإن ذلك لم يخفف من حالة القلق من الانفلات الأمني داخل العاصمة نواكشوط، كما عبر عن ذلك كثيرون.
وكانت الحكومة الموريتانية قد قسمت العاصمة إلى ثلاث ولايات تتمتع كل واحدة منها بما يلزم من وسائل لتسهيل ضبط الأمن في مدينة توسعت في العشرية الأخيرة بشكل مذهل.
وتزامنت جريمة مقتل الطفلة زينب مع صدور حكم بإعدام الشاب محمد الشيخ ولد امخيطير بجريمة «الردة» التي ارتكبها بعد إساءته للرسول عليه السلام في ثنايا مقال طرح فيه قبل أشهر قضية تهميش شريحته الاجتماعية وهي شريحة «لمعلمين» (الصناع التقليديين)، مقارنا بين «معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم ليهود الحجاز ومعاملة مجتمع الزوايا الموريتاني لشريحة «لمعلمين» اليوم.
كما تزامنت الحادثة مع المحاكمة المثيرة للجدل لمجموعة حقوقيي الحركة الانعتاقية الناشطة في مجال محاربة الرق التي بدأت الأربعاء الماضي وعلقت لتستأنف بعد غد الاثنين.
وقد عم ارتياح كبير في موريتانيا، بعد صدور حكم إعدام ولد امخيطير وتظاهر المئات في شوارع العاصمة أمس مطالبين بالإسراع في تنفيذ الحكم الصادر في حق الشاب.
وحذر مدونون من تقاعس السلطة التنفيذية أو تراخيها في تنفيذ الحكم الذي يطالب به الكثيرون منذ عدة أشهر.
وتناول خطباء جوامع العاصمة نواكشوط في خطبهم هذه الأحداث مجتمعة مع التركيز على حادثة اغتصاب ومقتل الطفلة زينب.
وكتبت مئات المقاولات والتدوينات حول هذه الحادثة، حمل أغلبها الحكومة المسؤولية عن تدهور الأمن.
وانتقدت الصحافية المعارضة والمدونة النشيطة منى بنت الدي تنظيم حفلة زفاف ابنة الرئيس ولد عبدالعزيز تزامنا مع حادثة مقتل زينب قبل أن تضيف «..لو كنت مكان محمد ولد عبدالعزيز لما أقمت حفلا فخما لعرس ابنتي وأنا رئيسة بلد فجع جميع سكانه قبل يومين بجريمة بشعة أدمت قلوبهم وآلمت أكبادهم وهي جريمة اغتصاب الطفلة زينب وحرقها».
وتابعت «.. فكيف يفرحون ويقيمون الحفلات الباذخة وأهل زينب مفجوعون بانفلات أمني هم (أي الحكام) من تسبب فيه، كان الأولى بهم إلغاء المظاهر الاحتفالية والاكتفاء بعقد القران بصورة عادية جدا».
وتناولت بنت الدي في تدوينة أخرى القبض على قاتلي زينب فأكدت «أن قتلة زينب ومغتصبيها تم القبض على ثلاثة منهم بجهود خاصة لضابط شهم مع عناصر تابعة لفرقته».
وأكدت «أن سبب انفلات الأمن في العاصمة نواكشوط هو قيام الرئيس ولد عبدالعزيز بمحاربة وتهميش جهاز الشرطة مع تقسيم مهمته بين عدة جهات غير مؤهلة وهو ما تسبب في انتشار الجريمة بكافة أشكالها».
وأضافت «جريمة اغتصاب زينب وحرقها دليل على غياب العدالة وانتشار الجريمة، وهي الجريمة التي هزتنا وأرعبتنا جميعا بما في ذلك ضباط الشرطة الذين هبوا للثأر لها والقبض على الوحوش الذين اغتصبوا الطفولة وأحرقوا البراءة واقتلعوا السكينة والأمان من قلب كل موريتاني وموريتانية».
وتناول المدون النشيط محمد الأمين الفاظل في عدة تدوينات حادثة قتل الطفلة زينب حيث كتب «.. كم هو فظيع أن تجتمع كل هذه الجرائم (اغتصاب وحرق وقتل) في جريمة واحدة، وكم هو فظيع أن تكون ضحية هذه الجرائم البشعة هي طفلة صغيرة في عقدها الأول.. وكم هو مقلق ومخيف أن تُرتكب هذه الجريمة، أو الثلاث جرائم على الأصح، في حي سكني، وأن ترتكب والضحية كانت في طريقها من منزل أهلها إلى المحظرة».
«إن في العاصمة، يضيف الفاضل، عشرات الآلاف من الفتيات اللاتي يخرجن في كل يوم من بيوت أهلهن إلى المدرسة، وإن كل واحدة منهن مهددة ـ لا قدر الله – بمصير زينب».
القدس العربي