لم تكن لتمرّ مناسبة زفاف إحدى بنات الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، من نجل النائب البرلماني، محمد ولد عية، التي أقيمت على الطريقة المغربية بنواكشط، دون أن تُثير موجةٌ عاتية من الجدل والانتقاد داخل أوساط إعلامية وسياسية بالجارة الجنوبية، ما رأوا فيه "اعتداءً صارخاً" على تقاليدهم، فيما عدّه بعض منهم شأناً خاصّاً يدخل في خصوصيات أسرة الرئيس.
وأظهرت صور، مصحوبة بشريط فيديو، وتناقلتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات من حفل الزفاف يغلب عليه الطابع المغربي التقليدي، حيث ظهرت ابنة ولد العزيز العروسة وهي ترتدي "تكشيطة" في لون أبيض وأخرى بالأزرق، قبل أن يتم حملها فوق "العمارية" وهي محاطة بـ"النكافات"، فيما تقدم العريس بجلباب مغربي أبيض مخطط بالحرير المذهب، وهي الأجوء التي صاحبتها أهازيج ومنوعات غنائية مغربية شعبية.
وذهب عدد من النشطاء الموريتانيين بالقول إن قرار إدخال الطابع المغربي على حفل الزفاف الموريتاني، جاء بناءً على رغبة وإصرار من والدة العروسة، التي هي عقيلة الرئيس الموريتاني المسماة "تكيبر بنت ماء العينين"، والتي توصف بـ"المرأة الحديدية" ويشاع أنها تنحدر من أصول مغربية، مشددين على أنها اختارت بذلك "الاعتداء على التقاليد الموريتانية بإقحام غير مفهوم للعادات المغربية في الأعراس".
وانتقد الكاتب الصحفي والناشط الموریتاني محمد محمود ولد الصيام، في تصريح "لهسبريس" ما وصفه بالتدخل في الشؤون الخاصة لأسرة رئيس بلاده "يحشرون أنوفهم حتى في خصوصيات الآخرين.. ما المشكل في أن تُزفّ كريمة الرئيس وهي في الزي المغربي.. وأن تنتشي والدتها فرحا فترقص بهذه المناسبة السعيدة كغيرها من الأمهات" ، مشيراً أن الزفاف المذكور يعد من رغبات وخصوصيات الرئيس "التي تقتضي احترامها.. فالأمر عادي جدا".
وقال الصيام إن هذا النوع من الأعراس يُعدّ الأوّل من نوعه في موريتانيا، "الأصل أن تقاليد البلاد تفرض أن ترتدي العروسة ملحفة وأن يتزيّن العريس بدراعية معها عمامة سوداء تلف عنقه وغيرها من العادات المصاحبة"، مستدركا بالقول "لكن إن أرادوا الاحتفال وفق تقاليد مغربية لا يهم ولا يستدعي الأمر كل هذا الجدل".
واستبعد الصيام، الإطار المهندس المقيم بالمغرب، أن يكون هناك من فرض هذه الطقوس من داخل القصر الرئاسي بنواكشط، "الواقع أن القضية اجتماعية ولا علاقة لها برسالة سياسية تُبعَث للمغرب"، مضيفا أن الرئيس الموريتاني لا يحتاج إلى مثل تلك الطرق "ليعبر عن عمق العلاقات المغربية الموريتانية.. في نهاية المطاف نحن شعب واحد داخل دولتين".
من جهة أخرى، استبعد الصيام أيضا الجدل الموريتاني الذي يذهب بالقول إن زوجة الرئيس الموريتاني، تتحكم في تسيير البلاد، "صحيح أن عقيلة الرئيس هي السيدة الأولى في البلاد لكن لا أتفق مع من يصفها بالمرأة الحديدية"، فيما خلص كون التقارب الأخوي بين البلدين يجب أن يستمر بشتى الطرق الاجتماعية والسياسية والثقافية "لأن موقف البلدين أخوي بالمقام الأوّل".
العالم