أدى انشقاق رئيس المخابرات السابق في حركة الشباب، زكريا اسماعيل أحمد هرسي، إلى فتح نقاش حول برنامج العفو الذي تتيحه الحكومة الصومالية للمسؤولين الذين ينوون الإنشقاق عنها.
وكان هرسي الذي يرد اسمه على قائمة المطلوبين للحكومة الأميركية مقابل مكافأة بقيمة 3 ملايين دولار قد سلم نفسه للقوات الصومالية المنتشرة بمنطقة جيدو في 27 كانون الأول/ديسمبر. وقد انشق عن حركة الشباب مع البعض من رجاله قبل أيام على إنتهاء مدة العفو التي أعلنها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وقال المتحدث باسم الحكومة، رضوان حاج عبدالولي، لصباحي يوم الجمعة، 2 كانون الثاني/يناير، "أستطيع أن أؤكد أن منذ أيام قليلة زكريا اسماعيل أحمد هرسي موجود بعهدة الحكومة [الفيدرالية] وهو الآن لدى الأجهزة الأمنية بمقديشو".
وأضاف عبدالولي أنه لا يعلم ما إذا كان العفو الذي أعلنه الرئيس سيستمر في العام الجديد، لكن إعلاناً جديداً حول هذه المسألة سيتم في وقت لاحق.
ويشكل استسلام هرسي، كما يرى محللون أمنيون، فرصة أمام الحكومة الصومالية لتوسيع قدرتها للوصول إلى طرق العمل الداخلية للحركة المتشددة والدفع بعناصر آخرين فيها للانشقاق.
ويعدّ أيضاً فرصة للحكومة لإعادة تقييم تعاطيها مع المنشقين عن الحركة، بحسب ما يرى العقيد أحمد عمر جعال الذي خدم كنائب رئيس المخابرات في جيدو على عهد نظام محمد سياد باري.
وترك هرسي الحركة قبل بضعة أشهر بعد خلاف بينه وبين زعيم الحركة السابق أحمد عبدي غودانيالذي قتل في ضربة جوية أميركية في أيلول/سبتمبر، من دون أن يتمكن من الحصول على فرصة للإنشقاق إلى صف الحكومة الصومالية، بحسب ما أكد جعال.
وأضاف "قيل لي من أقارب له إنه يريد أن يسلم نفسه منذ فترة لكنه كان خائفاً ولم يكن يثق بإعلان العفو الذي أصدرته الحكومة".
وحين أعلن الرئيس أن الحكومة ستمدد برنامج العفو أمام المنشقين من الحركة، كان يجب أن يكون هناك خطة لخرق الحركة وجمع المعلومات ونشر المعلومات بين المقاتلين حول كيفية الإنشقاق، وفقاً لجعال.
ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية الصومالية كان يجب أن تكون على معرفة بالخلاف بين هيرسي وغوداني والتواصل معه لكي يطلب العفو.
ورأى أن إنجاح برنامج العفو في المستقبل يتطلب من الحكومة أن تعتمد ثلاثة إستراتيجيات.
وأوضح، "تقضي الأولى بإستخدام المال لتشجيع الكثيرين على الانشقاق عن الحركة، والثانية باستغلال أي نزاع يطرأ بين الحركة و[العناصر] الذين يريدون التجسس عليها. وتقضي الثالثة بزرع عناصر وطنيين ضمن الحركة حتى يتمكنوا من إنقاذ وطنهم".
وذكر جعال أن تلك الخطوات سهل إتباعها وتتيح الفرصة لجمع معلومات مخابراتية قيّمة وهزم الحركة. وأكد أنه "حين تملك المعلومات فأنت متفوق على عدوك".
دروس مستقاة من انشقاقات سابقة
ومن جانبه، اعتبر الأستاذ يحيى علي ابراهيم، وهو رئيس جامعة الصومال الدولية، أن الحكومة الصومالية يجب أن تتابع التزامها للترحيب بالمنشقين عن الحركة ترحيباً كبيراً.
وقال ابراهيم لصباحي "إن الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة مع زكريا وغيره ستحدد ما إذا كان المزيد من قادة الشباب ومقاتليها سيستسلمون"، مضيفاً أن قادة الحركة الذين يستسلمون للحكومة يلقون معاملة جيدة وأن المئات من المقاتلين الذين كانوا قد ضللوا من قبل الحركة سيتشجعون على الانشقاق عنها.
وأوضح أن استسلام القيادي السابق في الحركة ببونتلاند، شيخ محمد سعيد "أتوم" في حزيران/مايو والقيادي في حزب الاسلام شيخ حسن ضاهر عويس قبل عام، مثالين على النهج الذي يجب اتباعه.
وأشار ابراهيم "بحسب ما رأينا حتى الآن، فإن شيخ توم وحسن ضاهر عويس لقيا معاملة جيدة ونأمل أن يلقى زكريا [المعاملة] ذاتها".
ودعا ابراهيم الحكومة إلى تمديد مدة العفو للاستفادة القصوى من الصعوبات التي تمر بها الحركة.
وتابع مؤكداً "إن على الحكومة أن تولي الإهتمام للرجال الذين ينتظرون في الصف [للانشقاق] وإعطائهم المزيد من الوقت. وسيكون من الصعب على شخص أن يترك خلال شهر أو شهرين لأن القنوات التي عليه أن يمر من خلالها كثيرة حتى يتمكن من ذلك".
ودعا ابراهيم الحكومة الصومالية إلى الإعتماد على الشيوخ التقليديين للتفاوض مع أبناء العشائر المنضمين للشباب حتى يقنعوهم بالانشقاق عنها.
وأكد "على سبيل المثال، فإن زكريا استسلم في المنطقة التي يتحدر منها مع أنه كان يستطيع أن يستسلم في منطقة أخرى. وذلك إذا دل على شيء فهو أنه يثق بقبيلته".
وأضاف "لكن على الحكومة أن تتوخى الحذر حول من يعملون [كعملاء مزدوجين] ويدعون أنهم استسلموا فيما يواصلون العمل لصالح الحركة. وهذه المسألة تستدعي مراقبة عن كثب".
ومن ناحية أخرى، وجد ابراهيم بيرو ابراهيم، ويبلغ 32 عاماً وهو من سكان مقديشو، أن ما من شك بأن هرسي يجب أن يحصل على عفو رئاسي تماماً كما حصل مع عويس وأتوم.
"هذا الرجل هو مثلهم، والعفو الذي تم تمديده يشمل عناصر الشاب الذين انشقوا عن الحركة وقد تقدم للإستفادة من العفو"، بحسب ابراهيم.
ودافع ابراهيم عن عرض العفو للمنشقين عن الحكومة معتبراً أنهم لا يختلفون عن أمراء الحرب الذين ارتكبوا جرائم شنيعة خلال الحرب الأهلية والذين سلموا أسلحتهم ويعملون الآن في إدارات الدولة الفيدرالية والمحلية.
وقال "لأكثر من 20 عاماً كانت الصومال في حرب، وشارك الكثير من الناس بتلك الحروب وإذا كان أمراء الحرب قد خضعوا لمحاكمة فليمثل هرسي وغيره أمام القضاء"، مضيفاً أن على الحكومة أن تلتزم بالعفو حتى تتمكن البلاد من المضي قدماً.
لا مفر من العدالة
أمّا بدرالدين أحمد عقال، ويبلغ 28 عاماً وهو من سكان مقديشو، فكان له نظرة أقل تسامحاً من ابراهيم. وقال إن ما من سبب للعفو عن قادة الشباب الذين ألحقوا دماراً هائلاً بالصومال وشرق أفريقيا.
وقال لصباحي "كيف يمكن العفو عن شخص قتل كل هؤلاء الأشخاص بلا أي سبب؟ ألن يعني ذلك أن أي شخص آخر يمكنه القيام بالشيء ذاته غداً وأن يحصل على العفو؟ يجب عقاب هؤلاء حتى يرتدع آخرون عن إلحاق الأذى بالمجتمع".
ولفت عقال إلى أن كل مواطن متساو تحت القانون وأن أي شخص يرتكب جريمة ما يجب أن يمثل أمام القضاء وأن يحصل على الجزاء العادل.
وتابع مؤكداً "هذا الشخص لم يرتكب جريمة ضد رئيس أو وزير، بل ألحق الأذى بأطفال وأمهاتهم وأبائهم وقتلهم ويتم أطفال ورمّل شابات كن قد بدأن للتو حياتهن. كيف يمكن للرئيس أن يعفو عن شخص كهذا؟"
وأضاف "كان زكريا رئيس المخابرات في جهاز أمنيات الذي يعد أكبر وحدة في حركة الشباب والتي ارتكب مجازر بحق أبرياء. وأنا أرى أن العدالة لا مفر منها ويجب تنفيذ العدالة بحق زكريا وغيره".
سؤال: كيف يجب أن تتعامل الحكومة الصومالية مع رئيس المخابرات في حركة الشباب زكريا اسماعيل أحمد هرسي ومنشقين آخرين عن الحركة؟ شاركنا رأيك وتعليقاتك أدناه.
الصباحي