مع مقتل زعيم حركة الشباب السابق وإستهداف مراكز الحركة بغارات جوية وانشقاق أعداد كبيرة من مقاتليها يؤكد محللون أن أمام الحكومة الصومالية وحلفائها فرصة للاستفادة من حالة الضعف التي تعانيها الحركة.
وقال عبدالرحيم عيسى آدو، وهو مدير إذاعة مقديشو الرسمية والمتحدث السابق باسم إتحاد المحاكم الإسلامية، الذي تفرعت عنه حركة الشباب، "إن الخسائر التي تكبدتها الشباب خلال العامين الماضيين تبدو الآن وكأنها تهدد وجود الحركة".
وأضاف آدو لصباحي، "إن إشارات حول تفكك الحركة واضحة، ولا يمكن لأي جماعة أن تستمر حين تخسر دعم المجتمع الذي تقوم فيه".
ومع العمليات العسكرية التي تشنها الحكومة الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (الأميصوم)، خسرت الحركة مصدر الدخل الذي كانت تعتمد عليه من مدن بارزة من براوي و كيسمايو وبولو بردي وآل بور.
وذكر آدو أن النزاعات الداخلية في الحركة والتي أصبحت مستشرية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، جعلت من السهولة تفكك قياداتها.
وأوضح أن الإنقسامات ضمن الحركة عميقة جداً وقد أدت في نهاية الأمر إلى أن يوعز زعيمها السابق أحمد عبدي غوداني بتصفية الكثير من القياديين السابقين وبينهم ابراهيم ميعاد الآفغاني الذي شارك بتأسيس الحركة، والجهادي الأميركي الأصل أبو منصور الأمريكي ومعلم برهان، وفقاً لآدو.
ولفت إلى أن "بعد تلك الأحداث، انشق عدد كبير من العناصر من الحركة وبينهم مختار روبو ووحسن ضاهر [عويس] وزكريا [اسماعي أحمد هرسي] الذي سلم نفسه مؤخراً إلى الحكومة".
ورأى آدو أن الحركة لم تستعد قوتها بعد التقهقر الذي برز في صفوف قياداتها، لا بل زادت معاناتها مع الغارات الجوية التي أدت إلى مقتل القياديين المتبقين فيها.
وفي مثال هو الأخير لضربة جوية ناجحة ضد قيادة الحركة، قتل رئيس المخابرات في الشباب، عبدالناصر حسن بركوبي، المعروف باسم عبد الشكور وتحليلي، يوم 29 كانون الأول/ديسمبر قرب ساكو بمنطقة جوبا الوسطى بالصومال.
وأتى مقتل عبد الشكور بعد يومين من إستسلام رئيس الاستخبارات هرسي في الحركة إلى السلطات الصومالية.
وقبل مقتل عبد الشكور، لم يكن الكثير يعرف عنه سوى أنه في العقد الثالث من العمر وهو من عائلة بارزة في منطقة بونديري بمقديشو. وكان أحد المسؤولين في اتحاد المحاكم الإسلامية التي أعلنت عام 2007 انضمامها للحركة.
ويعتقد أن عبد الشكور كان قريباً جداً من غوداني وأفيد بعد مقتله أنه كان مسؤولاً عن وحدة أمنيات الاستخباراتية.
فرصة للقضاء على حركة الشباب
واعتبر عبدالرزاق محمد قيلو، الذي كان المتحدث باسم إتحاد المحاكم الإسلامية قبل أن ينضم للحكومة الصومالية وأصبح المتحدث باسم وزارة الإعلام في الحكومة الفيدرالية الانتقالية على عهد الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد، أن أمام "الحكومة الصومالية فرصة ضخمة للقضاء على الحركة بمساعدة حلفائها".
وأردف "يجب تمديد مدة العفو وإعطاء الفرصة لمن لم يرتكبوا جريمة خطيرة، كالفتيان، وأن يفتح المجال أمامهم لمتابعة تعليمهم أو إيجاد وظيفة وضمان أمنهم، حتى يبتعد كل من لا يزال تابعاً للحركة عنها".
وأشار قيلو إلى أن عناصر الشباب يمكن توزيعهم ضمن ثلاث مجموعات.
"المجموعة الأولى هي القدامى، وبعضهم ارتكب جرائم عديدة ضد الشعب الصومالي، ولن يتمكن هؤلاء من الاختفاء داخل المجتمع الصومالي ولا يمكن للحكومة أن تصدر أي قرار بحقهم وحدها إذا سلموا أنفسهم لأنهم ارتكبوا جرائم ضد العالم. لذا سيحاولون القتال حتى الرمق الأخير"، بحسب قيلو.
وتابع "المجموعة الثانية هي الرجال غير المعروفين جيداً من الناس، لكن ممن لديهم نفوذ داخل الحركة. هؤلاء أمامهم فرصة للإستسلام وإدانة النشاطات التي شاركوا فيها داخل الحركة. والمجموعة الثالثة هي العناصر الفتية من الحركة الذين يحملون السلاح. هؤلاء يسلمون أنفسهم يومياً ويخضعون لإعادة تأهيل".
وشدد قيلو "إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن زوال الحركة حتمي".
وتعاني الحركة من صعوبات في التمسك بالمقاتلين الأجانب وتجنيد غيرهم، وذلك دليل آخر على تقهقرها.
وأوضح "ما عدنا نسمع مؤخراً عن عناصر أجانب يقاتلون إلى جانب الشباب، وأعتقد أن الكثيرين منهم غادروا البلاد وانضموا للقتال المستمر في دول عربية مثل ليبيا واليمن وسوريا. وهذا الأمر أضعف من قوة الحركة التي كانت تملك في البداية الدعم الفكري والمالي لتنظيم القاعدة".
وقال "من الممكن أنه بعد مقتل فاضل عبدالله محمد الذي كان مسؤولاً عن القاعدة في شرق أفريقيا بكمين نصبه له غوداني والرسالة التي رفعها ابراهيم الأفغاني [الذي قتله غوداني أيضاً] قد أبعدت دعم القاعدة وتنظيمات أخرى [للشباب]".
محاربة فكر الشباب
ومن جانبه، لفت المحلل السياسي حسن شيخ علي، إلى أن الهزائم التي تعرضت لها الحركة مؤخراً أدت إلى تفكك قياداتها وإضعاف تنظيمها، لكن الفكر المتشدد الذي تنشره الحركة سيبقى في الصومال لسنوات.
واعتبر أن "الحركة تسير نحو النهاية منذ ثلاث سنوات، لكن مقتل مسؤولين كبار فيها مؤخراً سيساهم في تدمير القدرات العسكرية للحركة وقوتها ومعنوياتها قريباً [بشكل نهائي]. أمّا فكر الشباب فسيبقى لفترة طويلة ويجب محاربته بفكر آخر".
وأضاف أن "الحركة تعاني لأن المقاتلين الأجانب الذين كانوا ينضمون إليها لأداء الجهاد أصبحوا يتجهون إلى سوريا والعراق. ومن هنا فإن على الحكومة الفيدرالية الصومالية والإدارات والولايات الإقليمية والمجتمع الدولي أن يستفيد من حالة الضعف التي تعيشها الحركة".
وذكر "إذا أرادت الحكومة تحقيق ذلك، فعليها تفادي النزاعات السياسية التي تقوض من قدرتها على التصرف".
ولا يمكن لحركة مثل حركة الشباب أن تستمر من دون قيادة قوية، بحسب ما أكد أمين عام جمعية وحدة الشباب الصومالي، مختار حاج كاستارو لصباحي. وقال "إن [أساس] حركة الشباب قد دمر. وشهدت الأشهر الأخيرة مقتل الكثير من كبار قادتها، لذا على الحكومة ألا تضيع هذه الفرصة".
وأضاف "بعض الخطوات التي يمكن للحكومة والأميصوم أن تتخذها هي السيطرة الفورية على المناطق التي تتواجد فيها الحركة من دون السماح لها بإعادة تنظيم صفوفها، والدخول في محادثات مع قادتها المعتدلين والاستمرار في [قتل] واستهداف بعض العناصر الأكثر تشدداً المتبقين".
"وفي حال تم ذلك، سنرى حركة الشباب تلفظ نفسها الأخير خلال 12 شهراً"، وفق ما قاله.
الصباحي