وارى مئات المشيعين في العاصمة الليبية طرابلس بعد ظهر السبت جثمان القيادي السابق في تنظيم القاعدة نزيه الرقيعي المكنى “أبو أنس الليبي” والذي أعلن عن وفاته في 2 كانون الثاني/ يناير في مستشفى في نيويورك قبل أيام من بدء محاكمته.
وافاد مصور لفرانس برس ان جثمان أبو أنس الليبي ووري الثرى في مقبرة بوشوشة في طريق الشط، بعد الصلاة عليه في ميدان الشهداء.
وقال عبدالله نزيه الرقيعي لوكالة فرانس برس إن جثمان والده وصل إلى طرابلس الليلة البارحة عبر مطار معيتيقة الدولي قادما من تركيا. وقال مصدر قريب من عائلته إن العائلة طلبت عدم تشريح الجثة.
وفي كلمة خلال التشييع، طالب محمد عطية الجازوي “وزير” الشهداء والجرحى في حكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر على طرابلس منذ اب/ أغسطس الماضي “السلطات الأميركية بالكشف عن تفاصيل الوفاة”، قائلا إن حكومته ستسعى للتحقيق فيها.
كما طالب السلطات الأميركية بالكشف عن وضع المتهم في قضية الاعتداء على مقر القنصلية الأميركية في بنغازي في أيلول/ سبتمبر 2012، القيادي الإسلامي أحمد بوختالة الذي أعلن عن اعتقاله من قبل وحدة اميركية خاصة في بنغازي منتصف العام الماضي.
وكان ابو انس الليبي (50 عاما) على لائحة مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) لاهم المطلوبين لاتهامه بالمشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في افريقيا في 1998، عندما اعتقله عناصر من القوات الاميركية الخاصة في عملية في تشرين الاول/اكتوبر 2013 في طرابلس.
وقال ابنه إن والده “اختطف في 2013، من قبل قوة أمريكية خاصة بمساعدة ليبية، في طريق عودته من أداء صلاة الفجر بطرابلس″.
واعلن محاميه برنار كلينمان وفاة ابو انس الليبي وهو مهندس كمبيوتر في مستشفى بنيويورك بعد تدهور صحته لاصابته بسرطان الكبد.
وكان من المتوقع ن تبدأ محاكمة هذا القيادي في القاعدة ورجل الاعمال السعودي خالد الفواز في 12 كانون الثاني/ يناير بشأن الهجومين على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا اللذين قتل فيهما 224 شخصا وجرح اكثر من خمسة آلاف عام 1998.
ودفع أبو انس الليبي والفواز ببراءتهما من التهم التي وجهت اليهما. الا ان متهما ثالثا هو المصري عادل عبد الباري اقر بمسؤوليته في هذين الهجومين.
وأكد عبدالله الرقيعي لفرانس برس ان والده كان في غيبوبة قبل وفاته وان العائلة تحمل الحكومة الأمريكية “المسؤولية الكاملة” عن وفاته. وكان محتجزا في سجن في مانهاتن منذ اكثر من عام.
وأفاد المركز المتخصص في مراقبة المواقع الإسلامية (سايت) بأن تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، الفرع اليمني في شبكة القاعدة، دعا إلى الثأر لأبو أنس الليبي.
وأبو انس الليبي الذي كان مصابا ايضا بالتهاب الكبد سي قال لمحكمة فدرالية في مانهاتن في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي انه كان ينفذ اضرابا عن الطعام عندما استجوبه رجال مكتب التحقيقات الفدرالي وادلى بافادة تدينه.
نقل الليبي بعد اعتقاله في طرابلس على ايدي قوات خاصة امريكية الى السفينة الحربية الامريكية في المتوسط سان انطونيو حيث اخضع للاستجواب من دون محام. وسلم بعدها الى عناصر من الشرطة الامريكية نقلوه بالطائرة الى نيويورك في الثاني عشر من تشرين الاول/ اكتوتبر 2013.
واثارت عملية الكوماندوس هذه غضب السلطات الليبية التي اعتبرت في الامر مساسا بسيادتها، كما نددت منظمات حقوق الانسان بهذه العملية.
ويتهمه الامريكيون خصوصا بانه نفذ اعتبارا من 1993 عمليات مراقبة، “وقام بتصوير” السفارة الاميركية في نيروبي، ثم درس عدة اهدف محتملة لاعتداءات مع اعضاء اخرين من القاعدة، وبينها السفارة الاميركية في نيروبي والوكالة الاميركية للتنمية الدولية في المدينة نفسها و”اهداف بريطانية وفرنسية واسرائيلية في نيروبي”.
ثم قامت مجموعته بنقل هذه المعلومات الى أسامة بن لادن في السودان.
واتهم في نيويورك في العام 2000 امام محكمة مانهاتن الفدرالية مع عشرين عضوا اخر من تنظيم القاعدة خصوصا بالتآمر لقتل مواطنين أمريكيين والتآمر لتدمير مبان واملاك للولايات المتحدة خصوصا اعتداءي تنزانيا وكينيا. والعديد من هؤلاء المتهمين بينهم اسامة بن لادن، قتلوا منذ ذلك الحين.
واكد محاميه كلينمان انه بريء وانه قطع علاقاته مع تنظيم القاعدة قبل هجمات 1998.
وفي 1990 كان الليبي ينتمي الى “الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة” التي حاولت الاطاحة بنظام القذافي واقامة دولة اسلامية.
وبعد قمع القذافي للاسلاميين في مطلع التسعينات، فر ابو انس الليبي الى السودان حيث انضم إلى تنظيم القاعدة وتقدم بسرعة في صفوفها بفضل درايته في مجال المعلوماتية وانظمة الاتصالات. كذلك عاش في افغانستان واليمن قبل حصوله على اللجوء السياسي في بريطانيا حيث اقام في مدينة مانشستر حتى العام 2000.
وعندما وجهت اليه محكمة أمريكية تهما بالتورط في تفجير السفارتين في 1998، فر مرة اخرى ليجد ماوى له في افغانستان وباكستان.
ويعتقد انه عاد إلى ليبيا مع بداية الثورة ضد القذافي، وشارك في القتال مع الثوار السابقين.
القدس العربي