تشهد المستشفيات الجزائرية هذه الأيام حالة طوارئ غير مسبوقة، لتوافد عدد كبير من المصابين بأنفلونزا حادة، وما أثار مخاوف المواطنين هو تناقل وسائل الإعلام ثلاث وفيات في ولاية تيزي وزو بسبب أنفلونزا الخنازير، وتسجيل 10 وفيات بالأنفلونزا الموسمية في أقل من أسبوع، ما دفع المختصين إلى دعوة كل مواطن يصاب بالزكام إلى التوجه العاجل للمستشفيات، مؤكدين أن الجزائر تشهد نوعا جديدا وخطيرا من الأنفلونزا الحادة المسببة للوفاة.
حذر أطباء من تسجيل نوع غريب وخطير من الأنفلونزا الموسمية، تتميز بتدمير الجهاز المناعي للمصاب وسرعة العدوى، وهذا ما شهدته مصالح الاستعجالات في مختلف ولايات الوطن، أين استقبلت حالات لمصابين من مختلف الأعمار تلقفتهم الوفاة في مدة قصيرة بعد إصابتهم بأنفلونزا حادة.
وحسب الطبيب المشرف على حالة الشاب الذي فقد حياته أمس بمستشفى مفتاح "30 سنة" أكد في تصريح للشروق اليومي أن المصلحة الاستشفائية لم تستطع تحديد نوع الأنفلونزا، خاصة وأن الأعراض كانت تشير إلى أنفلونزا من نوع آخر أكثر خطورة...
ومن جهتهم، استغرب الطاقم الطبي الذي استقبل سيدة "57 سنة" بمستشفى مصطفى بن بولعيد بالبليدة للوفاة السريعة للمريضة بعد إصابتها بأنفلونزا حادة فقدت على إثرها الحياة في مدة لم تتجاوز 24 ساعة.
وبمستشفى تيزي وزو توفيت ثلاث نساء بعد إصابتهن بأنفلونزا حادة، تضارب الأطباء حول مصدرها، فمنهم من أكد أنها تتعلق بأنفلونزا الخنازير وهو ما تناقلته وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، في حين قال آخرون أنها تتعلق بالأنفلونزا الموسمية، وأمام تضارب وتخوف الأطباء حول نوعية الأنفلونزا التي تجتاح الجزائر هذه الأيام، أعلنت وزارة الصحة حالة الطوارئ بولاية تيزي وزو للتحقيق في طبيعة الحالات المسجلة.
مرضى لا يفرقون بين نزلات البرد والأنفلونزا
يجهل عامة الناس أن هناك فرقا شاسعا بين نزلات البرد والأنفلونزا، كما أن العديد من المواطنين يخلطون بين الزكام العادي والفيروس الذي يصيب المريض، نظرا إلى التشابه في الأعراض، وهو ما يؤدى إلى إهمالها والتعرض لمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة في أحيان كثيرة مثل ما تم تسجيله مؤخرا في تيزي وزو. فالأنفلونزا الموسمية ليست من أنواع الفيروسات البسيطة، حيث يجمع كافة الأطباء أن هذه الأخيرة قد تؤدي إلى الهلاك لا سيما لدى الأطفال الصغار أو ناقصي المناعة وكبار السن في حالة حدوث مضاعفات أو إهمال المرض.
وأوضح في هذا الشأن الدكتور سعيد الحلاق، رئيس قسم التوليد بمستشفى القبة، ومختص في طب الأطفال، أن الأنفلونزا مرض تنفسى يؤثر على أجهزة الجسم كافة وعلى الجهاز التنفسي العلوي بشكل خاص وقد ينزل إلى الجهاز التنفسي الأسفل وهنا تكمل الخطورة ـ حسبه ـ في حالة الهبوط إلى الرئتين مرورا بالقصبة والقصيبات والرغامة المعروفة بالقصبة الكبرى التي تكون المجاري الهوائية السفلى، فالزكام العادي أو نزلات البرد تقتصر على الجهاز التنفسي العلوي فقط تشمل الأنف وتوابعه ولا يمكن لها أن تنزل إلى الرغامة والقصبة الهوائية عكس الأنفلونزا الذي يعتبر فيروسه "الإيموفيلس الإنفلونزي" الأخطر على الإطلاق ويمس بدرجة أكبر فئات الأطفال صغار السن، كالرضع وناقصي المناعة وكذا كبار السن وذوي الأمراض المزمنة ومرضى الكلى والقلب والسكر.
يعالجون بالأعشاب ويقتنون الأدوية دون زيارة الطبيب
الجزائريون يعتبرون الأنفلونزا مرضا بسيطا..!
يجهل أغلبية الجزائريين خطورة الانفلونزا، خاصة عندما تعالج بصفة طبيعية، حيث أكد أطباء أن الخطأ في تشخيص نوع الأنفلونزا يؤدي في حالات كثيرة إلى الموت..
قامت الشروق باستطلاع لمعرفة كيفية تعامل الجزائريين مع الأنفلونزا، حيث أكد طالب جامعي سنة ثانية حقوق أنه في فترة الامتحانات أصيب بزكام خفيف، ولأنه تعذر عليه الذهاب إلى الطبيب حتى لا يتخلف عن اجتياز الامتحانات، نصحه زميله بتناول "قريباكس" المضادة للزكام ومشروب الليمون، خاصة وأن صحته تدهورت بعد إصابته بالتهاب القصبات الهوائية، وبعد أيام من الإصابة تعقدت حالته أكثر ما دفعه الى زيارة الطبيب الذي وصف له بعض الأدوية.. وقصت خالتي فتيحة علينا قضية وفاة جارتها عجوز مسنة تجاوزت الثمانين من العمر مرضت بالزكام فرفضت الذهاب إلى الطبيب وبقيت في المنزل تحتسي المشاريب الساخنة "مختلف أنواع التيزانات" إلى أن تدهورت صحتها وأصيبت بالتهاب حاد في الرئتين كان سببا في وفاتها. أما حنان، أم ماكثة في البيت، فقد تحدثت عن استهزائها في أخذ ابنها البالغ 5 سنوات إلى الطبيب ما كاد يودي بحياته، موضحة أنه قبل سنتين أصيب ابنها بزكام فبقيت في المنزل تقدم له الوصفات الشعبية التي نصحتها بها والدتها، وبعد 10 أيام بدأت أعراض أخرى تظهر على ابنها، فالحمى لم تنخفض رغم إعطائه الدواء المناسب بالإضافة إلى إصابته بضيق شديد في التنفس، الأمر الذي استدعى أخذه إلى المستشفى، حيث بقي ماكثا فيها تحت الرقابة الطبية حوالي شهر، وقد أصيب بالربو الذي إلى يومنا مازال يعالج منه.
وفاة شاب بالزكام الموسمي الحاد بمستشفي مفتاح
سجل مستشفى مفتاح الجامعي حالة وفاة لشاب يبلغ من العمر 30 سنة بعد إصابته بالزكام الموسمي الحاد، الذي أدى إلى وفاته مباشرة بعد يومين من دخوله إلى المستشفي، حيث أوضح الدكتور المختص في أمراض التنفس الذي وقف على حالته لـ"الشروق" أن الشاب دخل المستشفي ليلة الجمعة في حالة صحية متدهورة، ما ألزم المصلحة الإستشفائية التى شككت في حالته وضعه في جناح عازل، وأضاف الطبيب أن المريض تم عزله خوفا من انتقال العدوى، خاصة وأن نوعية الزكام لم تحدد إن كانت أنفلونزا موسمية أو معدية.
وأضاف الطبيب أن الحالة كانت ستحول إلى مستشفى القطار يوم السبت، غير أن تدهور وضعية الشاب الذي فقد القدرة على التنفس عجلت بوفاته، مشيرا أن المصلحة الاستشفائية لم تستطع تحديد نوع الانفلونزا، خاصة وأن أعراضا كانت تشير الى أنلفونزا من نوع آخر أكثر خطورة.
من جهة أخرى، شدد الدكتور على أهمية التشخيص المبكر لحالات الانفلونزا بكل أنواعها قبل أن تتأزم حالة المرض بعد وصولهم إلى المستشفى.
الشروق