اعتبرت المملكة المغربية ضرب الاقتصاد الجزائري هدفا هاما يسمح تحقيقه بمنع الجزائر من التفكير في مهاجمة المغرب، في ظل امتلاك الجيش الوطني الشعبي الجزائري لتجهيزات حربية تفوق تلك التي هي بين يدي المغرب في الوقت الراهن، بالموازاة مع عصرنة التجهيزات المغربية واقتناء إمكانات أخرى "كمية" مع استغلال الأزمة الاقتصادية لشراء بعض الأسلحة الأوروبية التي تعاني أزمات.
وحددت دراسة قام بها الجيش المغربي تحت عنوان "من أجل إستراتيجية دفاعية جديدة متكاملة للمغرب" ورفعت شعار "من أجل الحصول على السلام يجب التحضير للحرب" قائمة الأسلحة التي تمتلكها الجزائر وما يجب اقتناؤه من الجانب المغربي للتمكن من المواجهة، وقالت من جانب آخر أنه من غير الممكن تثبيط العدو، دون ضربة فعالة واقتصادية تجعل العدو يعاني بما يجعله لا يفكر في الحرب ويجعل تفكيره منصبا على كيفية تفادي وقوع الحرب، وهو أمر يتم من خلال إستراتيجية للتثبيط.
وحددت المغرب بالمقابل أهداف التسلح التي قالت أنها تسعى من خلالها أنه وفي حال التهديد، يتم إقناع "العدو" بأن الجيش المغربي لديه ما يرد به وأن يضرب بقوة إمكانيات "العدو" العسكرية والاقتصادية، وفي حال الهجوم أيضا يتم ضرب بقوة وعمق إقليم العدو لهدم المنشآت العسكرية والاقتصادية، وذكر في السياق الجزائر واسبانيا كعدوين محتملين.
ولاحظ في السياق أن الأزمة الاقتصادية جعلت عديد الدول الأوروبية تبيع جزءا من أسلحتها للدول السائرة في طريق النمو، ما سيغير موازين القوى ويجعل الصين أول قوة اقتصادية وعسكرية، "والصين هو حليف يمكن أن يعتمد عليه المغرب في تبادل الخبرات والتكوين العسكري"، وتوصل التقرير إلى أهمية تنويع المغرب لممونيها بالسلاح لتسيير أي خطر يمكن أن يحدث أو هجوم محتمل من قبل الجزائر أو اسبانيا، وأشار إلى "حرب الرمال" التي قال أنها يمكن أن تحدث في أية لحظة، وبالموازاة مع بقاء الرؤية غير واضحة بخصوص الدعم الفرنسي والأمريكي ما يستدعي حسب معدي التقرير تطوير نسبة استقلالية التسلح من خلال الشروع في اقتناء أكثرها بساطة.
وفي مخطط العمل الذي تم تحديده في الوثيقة المسربة التي حصلت "الشروق" على نسخة منها، اعتبرت المغرب حادثة "جزيرة ليلى" والإمكانيات العسكرية التي يتوفر عليها الجيش الجزائري، منطلقا لمخططها العسكري، حيث حددت قائمة من التجهيزات العسكرية التي تنوي اقتناءها أو عقدت صفقات لجلبها، سواء كانت جوية، بحرية أو برية، من ضمنها فرقاطة من صنف "fremm" بتنقل يقارب 6 آلاف طن مجهزة بمضادات أسلحة تحت البحر، وقذائف مضادة للسفن يمكن أن تصل 180 كيلومتر، وتقديم طلب لاقتناء ثلاث فرقاطات وزن خفيف وطائرة هيلكوبتر بالإضافة إلى برنامج لعصرنة 25 هيلكوبترا وتقديم طلب لاقتناء 24 طائرة تدريب لتكوين الطيارين المتربصين.
وتحدث التقرير عن إنشاء قاعدة بحرية جديدة على مستوى قصر الصغير، وذكر أن ذلك يتم بالموازاة مع دعم الجيشين الجزائري والإسباني لقواتهما واحتساب محدودية الميزانية العسكرية المغربية مقارنة بجيشي البلدين المذكورين، واقترحت تخصيص 4 ملايير دولار يتم صرفها على مدار 5 سنوات للاستجابة للنقص المسجل في تسليح الجيش المغربي، معتبرا أنه على الجيش المغربي امتلاك عدد كبير من الأسلحة والتركيز على الكمية مقارنة بالإمكانات الكبيرة التي تتوفر عليها الجزائر واسبانيا.
واعتبر التقرير أنه وبالنسبة للمواجهة تحت البحر، فإن الجزائر تعد القوة الأولى عربيا، وتعد القوة الأكثر تهديدا للجيش الملكي المغربي، حيث يمكن أن تشكل القوات البحرية الجزائرية المكونة بشكل جيد، خطرا حقيقيا على المنشآت الاقتصادية بالشرق والجنوب المغربيين.
"حرب الرمال" قد تتجدد في أي وقت
وأشار التقرير إلى أن الأولوية تم توجيهها للمخاوف والتهديدات التي يشكلها العدو "القادم من الشرق" -يقصد الجزائر-، وأن التجهيز الحربي، التكوين وتنظيم الوحدات للقوات العسكرية الملكية أصبحت موجهة في هذا الإطار "لمواجهة محتملة مع الجزائر"، وعاد إلى حرب الرمال، التي وقعت في أكتوبر 1963 بين الجزائر والمغرب، إذ ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا يعتمد التنظيم والتكتيك الخاص بالجيش الملكي على هذه المحاور خوفا من حدوث هجوم من "العدو" الذي يمتلك تقنيات رقمية عالية -حسب التقرير دائما-، وأشار إلى أن هذه المواجهة "حرب الرمال" كانت منعرجا حاسما للجيش المغربي الذي تمكن من تكوين نواته ومضاعفة عدد قواته وخبراتهم، وقال أن المواجهة لم تكن سهلة بسبب عدم تمكن الجيش المغربي من التحكم في الطبيعة الصحراوية وذلك بسبب ضعف إمكانياتها اللوجستية خلال تلك الفترة، بالموازاة مع توفر إمكانيات حربية لدى "العدو" خصوصا ما تعلق بترسانة "دي.سي.ا" وبالتحديد "سام 6" وإمكانياته المتعلقة بالتدمير على الجيش المغربي، عندما كان القناصون في تلك الفترة لا يتوفرون على إمكانيات الرد بالنسبة للجيش المغربي، واعتبر التقرير أن إنشاء الجدار عام 1982 مكن من وقف النزيف وفقدان المزيد من الإمكانيات. وأشار إلى أن حرب الرمال بينت مدى أهمية الإمكانيات اللوجيستية في كسب أو خسارة الحرب في محيط صحراوي، ومدى ضرورة تجنيد وحدات مضادة لعدو غير معروف في إقليم واسع.
الشروق