أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف خلال زيارة رسمية إلى المغرب السبت أن بلاده ستقلد قريبا مدير المخابرات الداخلية المغربية وساما، وهو الذي سبق وأن استدعاه القضاء الفرنسي بسبب ادعاءات بارتكابه التعذيب مما تسبب في نشوب أزمة دامت قرابة سنة بين البلدين.
ولكن الاعلان الفرنسي اثار ردود فعل شاجبة في باريس من جانب المدعين على مدير المخابرات المغربية الداخلية عبد اللطيف الحموشي. وقال المحامي باتريك بودوان وكيل الدفاع عن احد المدعين لوكالة فرانس برس إن فرنسا “ستفقد روحها” اذا ما منحت الحموشي وساما.
وجاءت تصريحات كازنوف خلال ندوة صحافية عقدها السبت مع نظيره المغربي محمد حصاد في العاصمة الرباط، وفي وقت استأنفت فيه الرباط وباريس علاقاتهما بشكل طبيعي بعد قطيعة دامت قرابة السنة.
وجمد المغرب التعاون القضائي والأمني مع فرنسا منذ 20 شباط/ فبراير الماضي حين أقدمت الشرطة الفرنسية على استدعاء عبد اللطيف الحموشي مدير المخابرات المغربية الداخلية، من مقر اقامة السفير المغربي في باريس، خلال زيارة رسمية، وذلك ليمثل أمام القضاء اثر تقديم شكوى ضده تتهمه بالتعذيب من قبل ملاكم مغربي مقيم في فرنسا.
وأعلنت وزارة العدل الفرنسية في 31 كانون الثاني/ يناير ان وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا ونظيرها المغربي مصطفى الرميد قررا تفعيل التعاون القضائي، وتبع هذا الإعلان قيام الملك محمد السادس بزيارة الى فرنسا التقى خلالها بالرئيس فرنسوا أولاند.
وتحدث كازنوف خلال الندوة الصحافية مع نظيره المغربي عن تعرض التعاون الأمني بين البلدين للاهتزاز ابان الأزمة، مشيدا ب”الخبرة” و”الكفاءة” المغربيين “في مجال تبادل المعلومات”.
واعلنت الرباط عن ارتفاع عدد قضايا الإرهاب المعروضة على القضاء في اراضيها بنسبة 130% كما تم ايقاف 323 شخصا تم عرضهم على القضاء بتهم الإرهاب.
وأضاف وزير الداخلية الفرنسي “أريد الإشادة خصوصا بجهود المديرية العامة لمراقبة التراب الأراضي (محاربة التجسس الداخلي)”، والتي “يعد دورها حاسما في تعاوننا في مجال مكافحة الإرهاب”.
وخص الوزير الفرنسي بالشكر عبد اللطيف الحموشي “في المقام الأول”، موضحا انه “سبق لفرنسا بالفعل أن كرمت السيد الحموشي خلال 2011 وقلدته وساما من درجة فارس″، مؤكدا أن فرنسا “ستقلده مجددا وساما، كشهادة جديدة على التقدير الذي يحظى به”.
وأوضح كازنوف، الذي يعد اول مسؤول فرنسي يزور المغرب بعد طي صفحة الأزمة، ان “للبلدين دورا خاصا يلعبانه بلا هوادة في محاربة الإرهاب وعدم التسامح”.
وفي باريس قال المحامي باتريك بودوان الذي يشغل ايضا منصب الرئيس الفخري للفدرالية الدولية لروابط حقوق الانسان ان “ادنى درجات الحذر تفرض عدم منح مثل هذا الوسام” لشخص هو موضع تحقيق “بافعال خطرة الى هذه الدرجة”، مضيفا ان القرار الفرنسي “يبدو لي فضيحة حقيقية، انه عار على فرنسا” التي “سيصعب عليها بعد ذلك ان تظهر بمظهر الدولة التي ترفع في كل مكان لواء الدفاع عن حقوق الانسان”.
بدوره قال المحامي جوزف بريهام الذي يمثل مدعين آخرين يزعمون انهم تعرضوا للتعذيب في المغرب ان قرار منح الحموشي وساما يسقط عن وجه الدولة الفرنسية “قناع حقوق الانسان”، مضيفا ان “الضحايا يعرفون الآن الى اي اتجاه تميل الدولة حين يتعلق الامر بالتعذيب”.
وتخوض باريس والرباط حربا على الإرهاب باعتبار أن اكثر من 1500 مغربي يحمل بعضهم الجنسية الفرنسية، يقاتلون في صفوف تنظيمات ارهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
واتفق محمد السادس وأولاند خلال لقائهما في الإليزيه في التاسع من شباط/ فبراير على “برنامج مكثف للزيارات الوزارية” للتحضير “لاجتماع قريب رفيع المستوى” بين الحكومتين من المقرر ان يعقد قبل الصيف برئاسة رئيسي الوزراء الفرنسي مانويل فالس والمغربي عبد الاله بن كيران، وفق ما اوضحت اوساط الرئيس الفرنسي.
وتعتبر باريس الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، والشريك التجاري الثاني بعد اسبانيا، كما ان ما بين 60 و80 الف فرنسي يعيشون فوق الأراضي المغربية في حين يقيم 1,3 مليون مغربي في فرنسا.
القدس العربي