كشف مصدر ليبي رسمي للجزيرة نت عن مفاوضات واتصالات مع جهات أوروبية لاحتواء الأزمة التي نشبت بعد تسرب أنباء عن منع الزعيم الليبي معمر القذافي و150 شخصية أمنية ورسمية من دخول الأراضي السويسرية.
وأوضح المصدر أن هناك اتصالات مع الجانب السويسري أيضا عبر وسطاء أوروبيين لاحتواء الأزمة، خصوصا بعد قرار ليبيا في وقت سابق إيقاف منح تأشيرات الدخول لأراضيها أمام جميع مواطني الدول الأوروبية باستثناء بريطانيا.
وحمل المسؤول الليبي السلطات السويسرية تأزم الموقف بين البلدين داعيا إلى انتظار الساعات المقبلة لوضوح مسار المفاوضات بين مختلف الأطراف.
وكان القرار السويسري الذي نشرته صحف مقربة من سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي أدى إلى تصاعد الغضب الرسمي الليبي.
ونصحت وزارة الخارجية الليبية المواطنين الليبيين والعرب اليوم في بيان على موقعها الإلكتروني بعدم السفر إلى سويسرا تفاديا لما وصفته بإجراءات "تعسفية" تجاههم.
انتقادات
وفي هذا السياق انتقد وزير الإعلام السابق محمد شرف الدين الإجراءات السويسرية واصفا إياها "بالفعل المشين" تجاه القانون الدولي، مؤكدا أنها إجراءات "لا تتوافق مع دولة تزعم رعايتها للقانون الدولي".
واعتبر أن القرار أسلوب "فاضح" وخرق للاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مسائل السلك الدبلوماسي التي تنص عليها اتفاقية فيينا عام 1961 بشأن حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، موضحا أنها بهذا الشكل اخترقت جميع المواثيق الدولية.
وشدد على أهمية علاقة طرابلس مع الدول الأوروبية، مؤكدا أن سويسرا "هي التي لجأت إلى إجراءات قسرية مخالفة للقوانين والأعراف الدولية".
وأضاف شرف الدين، السفير السابق في بلجيكا،"إنه ليس بالمنطقي منع شخصيات رسمية تحمل صفات دبلوماسية من دخول أراضيك"، في إشارة إلى الطرف السويسري.
وأوضح أنه حين قدم الرئيس السويسري في أغسطس/آب الماضي اعتذارا لطرابلس عن ملابسات "عملية القبض غير المبررة وغير الضرورية" على نجل العقيد القذافي هنبعل وعقيلته قبل عام في جنيف، أوضحت ليبيا له حينها أنها ليست في حاجة إلى اعتذاره، بقدر البحث عن تحقيق قضائي مشترك.
وأشار إلى أن الرئيس السويسري تراجع عن فتح تحقيق في القضية، بالإضافة إلى تسريب سويسرا وثائق -لم يكشف عن طبيعتها- إلى وسائل إعلامها.
وقال في ختام تصريحاته للجزيرة نت إن موظفين كبارا في مجالات النفط والاستثمارات تعرضوا لسلوك "عنصري" في سويسرا، داعيا الأخيرة إلى تغيير سلوكها.
مواقف غامضة
ولا يشك الكاتب السياسي أمين مازن في تصريح للجزيرة نت في أنه "إذا ما تأكدت جدية سويسرا في انتهاج هذه السياسة فإنها سوف تعد تناقضا مع دورها الحيادي في قضايا العالم".
ويؤكد مازن أن القرار سوف يقابل برفض رسمي وشعبي مشددا على أهمية معرفة المصالح الكبرى للدولة في ظل التصعيد الحالي، قائلا إنه من الممكن احتواء المواقف "لا عداوات ولا صداقات".
وأشار إلى أهمية التفكير وتدبر الأمور في المصالح الكبرى التي لم يستبعد أن تكون أبرز العوامل للاحتكام إليها لإنهاء الأزمة.
وردا على سؤال للجزيرة نت بشأن مدى تفكير النظام الليبي في تداعيات قراره منع الأوروبيين من دخول البلاد، قال إن القرار قد "لا يكون في مصلحة الليبيين"، موضحا أن "من يتخذ مثل هذه القرارات يتحمل المسؤولية".
وانتقد المحلل السياسي عبد الرازق المنصوري ما أسماه "غموض" تصرفات دولته، قائلا إن "كل من يستطيع أن يكون محللا لتصرفات الدولة الليبية يجب أن يكون من كبار المنجمين في هذا القرن".
وقال للجزيرة نت إنه بالإمكان معرفة ماذا تناول الرئيس السويسري في فطور هذا الصباح"، في إشارة صريحة إلى غياب المعلومات في ليبيا، وتساءل "كيف يستطيع الإنسان أن يكون له رأي في تصرفات الدولة الليبية".