أوقف في تونس الجمعة مقدم تلفزيوني وكوميدي مشهوران بتهمة إهانة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وحُدد يوم 25 آذار/مارس الحالي لمحاكمتهما، في حين نفت رئاسة الجمهورية “علاقتها” بهذه القضية.
وقال سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية لفرانس برس “تم توقيف (المقدم التلفزيوني) معز بن غربية و(الكوميدي) وسيم الحريصي بتهمة ارتكاب أمر موحش (إهانة) ضد رئيس الدولة، والتحيّل (الاحتيال)، ونسبة (انتحال) صفة”.
وأضاف ان القضاء حدد يوم 25 آذار/مارس الجاري لمحاكمة المتهمين اللذين “سيبقيان موقوفين” حتى محاكمتهما.
وقبل الثورة التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، اشتهر معز بن غربية بتقديم برامج تلفزيونية رياضية.
وبعد الاطاحة ببن علي، اشتهر بتقديم برنامج حواري سياسي عنوانه “التاسعة مساء” على تلفزيون “التونسية” الخاص. وكان المقدم يستعد لاطلاق تلفزيون خاص باسم “التاسعة”.
ويقدم الكوميدي وسيم الحريصي المعرف في تونس باسم “ميغالو” برامج ساخرة في إذاعة “موزاييك إف إم” الخاصة، وقد اكتسب شهرة واسعة بفضل إجادته تقليد أصوات شخصيات سياسية وفنية ورياضية تونسية عدة.
ورفض الناطق الرسمي باسم النيابة العامة اعطاء تفاصيل عن التهم الموجهة الى بن غربية والحريصي قائلا “لا ندخل في التفاصيل (…) لأن مصلحة البحث (التحقيق القضائي) تستدعي ذلك”.
وأفاد ان المتهمين يلاحقان بموجب الفصول 32 و67 و159 و291 من القانون الجزائي التونسي. ويفرض الفصل 67 عقوبة السجن ثلاثة أعوام نافذة على “كل من يرتكب أمرا موحشا (إهانة) ضد رئيس الدولة”، والفصل 159 عقوبة السجن عامين نافذين على “كل من ينسب لنفسه لدى العموم أو بالوثائق الرسمية صفات”.
أما الفصل 291 فيفرض عقوبة السجن خمس سنوات نافذة على “كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة، أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها اقناع الغير بوجود مشاريع لا اصل لها في الحقيقة أو نفوذ (…) وهمي (…) ويكون قد تسلم أو حاول ان يتسلم اموالا (…) واختلس بهذه الوسائل او حاول أن يختلس الكل او البعض من مال الغير”.
وقال المحامي والحقوقي غازي مرابط لفرانس برس انه يجب “إصلاح” القانون الجزائي التونسي لأنه “صدر عام 1913 ويحتوي على قوانين تجاوزتها الثورة”.
واضاف ان “البلدان الديموقراطية” لا تفرض عقوبات بالسجن من اجل اهانة رئيس الدولة.
وتابع “الحكومات تتعاقب (في تونس منذ الثورة) ولا أحد منها أراد أخذ مسؤولية إصلاح القانون الجزائي”.
من ناحيتها وصفت آمنة القلالي ممثلة منظمة هيومن رايتس ووتش في تونس استمرار العمل بقوانين تفرض عقوبات بالسجن بتهمة إهانة رئيس الدولة بأنه “انحراف”.
واعلنت رئاسة الجمهورية في بيان الجمعة “على إثر ما تم تداوله بخصوص إصدار بطاقة إيداع بالسجن (مذكرة توقيف) ضد الإعلاميين وسيم الحريصي ومعز بن غربية، توضح رئاسة الجمهورية أنه لا علاقة لها بالإجراءات القضائية المذكورة وأن الأمر يبقى موكولا للسلط القضائية المعنية دون غيرها”.
وأضافت ان “حرية الإعلام والتعبير مكسب قد تعهد رئيس الجمهورية (الباجي قائد السبسي) بالدفاع عنه، وهو الذي يمثل ضمانته الأساسية”.
وأوردت إذاعة موزاييك إف إم ان رجل اعمال تونسيا يدعى حمادي الطويل قالت انه هارب في الخارج وصدرت بحقه مذكرة جلب دولية، اتصل بمعز بن غربية وطلب منه التدخل لمصلحته لدى رئاسة الجمهورية، فقام وسيم الحريصي بالاتصال برجل الاعمال مقلدا صوت الباجي قائد السبسي ومقدما نفسه على انه الرئيس التونسي.
وأوضحت ان رجل الاعمال الذي كان على علاقة بأصهار للرئيس المخلوع يلاحقون في قضايا فساد، هو الذي اقام دعوى قضائية ضد معز بن غربية ووسيم الحريصي.
يذكر أن معز بن غربية أجرى مقابلة لمصلحة التلفزيون الرسمي مع الباجي قائد السبسي بعد انتخابه رئيسا لتونس نهاية 2014.
وقد تعهد قائد السبسي في تلك المقابلة بالحفاظ على حرية الصحافة الوليدة في البلاد والتي قال انها “مكسب من مكاسب الثورة ولا رجوع عنها”.
كما تعهد في المقابلة بعدم رفع أي قضية ضد أي صحافي قائلا “هذا عندي فيه التزام كتابي”.
القدس العربي