“الرسالة”، ذاك هو الاسم الذي اختاره المسؤولون في مدينة “لومومباتشي”، الواقعة جنوبي الكونغو الديمقراطية، والتي تعدّ 30 ألف مسلم، إطلاقه على الإذاعة التي شرعت في البثّ منذ حوالي عام ببرامج دينية موجّهة للمسلمين..
منبر إعلامي فريد من نوعه، ناطق بإسم مسلمي الكونغو كنشاسا، تمكّن –على حداثته- من أن يصبح من العناصر اليومية القارة في حياتهم، ويبثّ، في الآن ذاته، “رسالة” سلام وتآخي بين مجمل طوائف البلاد.
وتطمح الإذاعة التي تبث على موجات 93.2 ميغاهيرتز أن تصبح المنارة الثقافية والروحية للطائفة المسلمة في “لومومباتشي”، عاصمة إقليم “كاتانغا” الذي يضم 18 إذاعة محلية.
“الحاج أوزيني نغوي”، ممثل المسلمين بـ “كاتانغا” يقول في حديث للأناضول عن هذه المنارة الإعلامية: “لقد رغبنا في إنشاء هذه الإذاعة لكي تكون صوتنا المسموع. نحن لا نريد البقاء منغلقين على أنفسنا، وهدفنا هو أن يسمع ويطّلع ويفهم الجميع معاني القرآن لكي يتعرّفوا إلى ديننا عن كثب”.
وأضاف أنّ إذاعة “الرسالة” تخصص مساحة بث لتعليم اللغة العربية، لتمكين المسلمين من قراءة القرآن بلغته الأصلية، و”مع كل ليلة، نبث برامج لتعليم المسلمين اللغة العربية مع ترجمة باللغة السواحلية، وهو امتياز لا يمكن أن نجده في أي إذاعة أخرى، كما أن بث تلاوة القرآن الكريم لا تمنعنا من بث موسيقانا التي تتمتع بخصوصية”.
“نغوي” أكّد أنّ “الأصداء التي وصلت عن هذه الإذاعة كانت إيجابية للغاية، فضلا عن أن جمهور مستمعيها لا يقتصر على المسلمين فقط، وإنّما يشمل جميع سكان “لومومباتشي”، و”هو ما يجعلنا منفتحين على الجميع، كما أنّ هذه التجربة شجعتنا على التطلّع إلى افتتاح قناة تلفزيونية في غضون بضعة أشهر من الآن”.
ولفت إلى أنّ هذه الإذاعة ليست “موجهة إلى المسلمين فقط ولكن أيضا إلى المنتمين إلى ديانات أخرى، لا سيما المسيحيين، فلقد مكّن راديو الرسالة من تقريب المسلمين والمسيحيين عبر النقاشات التي تقوم بتنظيمها بين ممثلي الطائفتين”.
“باتيون كاهينغا”، من السكان المسيحيين للمدينة، وهو أيضا من المستمعين لهذه الإذاعة، قال، في تصريح للاناضول: “أتابع النقاشات التي تنتظم كل ليلة في إذاعة الرسالة، والتي تتيح لنا سبل فهم موقف الإسلام من التعميد و ما يمثله عيسى المسيح في الدين الإسلامي. أنا شديد الإعجاب بهذه النقاشات ولا أفوت الاستماع إلى أي حلقة، لأنه من المهم جدا أن تستمع إلى مسلم ومسيحي في نفس الاستوديو يتحاوران بشأن الحرية والمسؤولية وخلاص الإنسانية. هذا التقارب يدفعك إلى التفكير في أن الديانات ليست مجالا للحروب، بل تمثل مساحة عقائدية لا أكثر، وأنا أشجع مبادرة المسلمين هذه، رغم أني مسيحي”.
وفضلا عن هذا التقارب بين جميع هذه الطوائف، فإن راديو “الرسالة” يرمي أيضا إلى بث رسالة سلام في بلد تتهدّده الصراعات والنزاعات المسلّحة في كلّ حين. فخلال إحدى البرامج الإذاعية بعنوان “سؤال – جواب”، قال “ديالو ماسودي” إن الإذاعة تسعى إلى “دعم السلام عبر تحسيس الشباب وتوعيتهم بعدم اللجوء إلى العنف، نقوم بتذكير الشباب بأن الإسلام لا يدعو بأي حال من الأحوال إلى الإرهاب وان المسلم الحق ليس عنيفا. بوكو حرام لا تمت إلى هذا الدين بصلة، أعتقد أن الرسالة قد مرت وان الناس يفرقون بين الغث والسمين”.
ممثل الطائفة المسلمة بـ “كاتانغا” قال إن الحلم اليوم يتمثل في مد بث إذاعة الرسالة على كامل إقليم كاتانغا كي تصل رسالة الرسول محمد ولدعم التفاهم بين الطوائف الدينية عبر مبادلات مثمرة وبناءة”.
القدس العربي