يبدو أن الاستثمارات العربية ستتجه أخيرا لمعانقة أرض جنوب السودان قبل أن يقرر مواطنوه مصيرهم في البقاء ضمن الدولة السودانية الموحدة أو الانفصال وتشكيل دولتهم الجديدة.
فعلى الرغم من الخوف والحذر اللذين ظلا يسيطران على جميع المهتمين بالسودان من أن يتخذ الجنوبيون قرار الانفصال، فإن ظهور الجامعة العربية ومستثمرين وبيوتات عربية ربما يساهم في تحقيق رغبة الأغلبية العظمى ببقاء السودان موحدا.
وفي حين بدت التساؤلات بشأن ضمان حقوق المستثمر العربي حال انفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة، دفع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت بكثير من التطمينات بل قطع بإمكانية بقاء جميع الروابط الاقتصادية والثقافية بين الشمال والجنوب بجانب عدم تأثر الاستثمارات العربية العاملة في الجنوب وأنه سيستمر الترحيب بالمستثمرين وباستثماراتهم.
بقاء الجنوب
وقال سلفاكير -الذي كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العربي للتنمية والاستثمار في الجنوب- إن جنوب السودان سيظل ثابتا ضمن العالم العربي "وإنه لو حدث الانفصال فإن الجنوب لن ينتقل إلى المحيط الهندي أو شاطئ الأطلسي بل ستستمر العلاقات بين الجانبين".
وأكد أن اتفاقية نيفاشا للسلام نصت على ضرورة جعل الوحدة جاذبة لأهل جنوب السودان، واحترام إرادتهم، وبالتالي فإن على الجامعة العربية التي كانت شاهدة على تلك الاتفاقية أن تعمل لأجل تحقيق ذلك، معربا عن أمله في تدفق استثمارات عربية لجميع المجالات.
أما الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقد أعلن قرار الجامعة العربية بتوفير منح دراسية للطلاب من جنوب السودان بجانب رغبة رجال الأعمال ومجتمع الأعمال العربي في المشاركة في مسيرة تنمية جنوب السودان.
مجالات متنوعة
وقال موسى في كلمته إن المستثمر العربي سيتجه للعمل في مجالات الصناعة والزراعة والنقل والمشروعات التنموية الأخرى.
وأضاف موسى للصحفيين بمجرد وصوله إلى مطار جوبا الدولي أن نحو سبعين من المستثمرين ورجال الأعمال العرب سيعملون على وضع اللبنة الأولى للاستثمار العربي بالجنوب.
واستحسن موسى مناخ وظروف الاستثمار في الجنوب، مشيرا إلى عدم وجود عقبات وشروط غير مقبولة من حكومة الجنوب، مضيفا "نحن لم نأت بحكومات بل بقطاع خاص، وعدد من المنظمات العربية المتخصصة الناشطة في مجال التنمية".
ومن جهته أكد وزير التجارة بحكومة جنوب السودان بنجامين بول أن حكومته ستعمل على تحسين وضع الاستثمار في الجنوب، مؤكدا أحقية المستثمرين المحليين والأجانب في امتلاك كثير من المؤسسات الاستثمارية.
وأشار بول إلى اهتمام حكومة الجنوب بحماية حقوق الملكية، وتوفير المعلومات للمستثمرين، وتسهيل تحويل أموالهم ودعمهم لجهة المساهمة في وضع البنية الأساسية للتنمية والتعدين والبترول والنقل والاتصالات، والإعلام والإلكترونيات والبنوك التجارية والتأمين والصيدلة والطب والزراعة.
وتعليقا على تأثير هذا الاستثمار العربي المتأخر، تساءل الخبير الاقتصادي عبد الله الطيب عن نتائج هذه الاستثمارات العربية أولا في شمال السودان وما إذا كانت ناجحة أم لا؟ متوقعا فشل الاستثمارات العربية في الجنوب "لأنها ستكون مبنية على المجاملة السياسية".
بنية تحتية
وأشار الطيب في حديثه للجزيرة نت إلى عدم وجود بنية تحتية للاستثمار في الجنوب، مشيرا إلى ما سماه بالتظاهرات السياسية.
أما الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج فاعتبر الخطوة محاولة عربية لدفع الاستثمار في الجنوب، رغم تأخرها وظهورها في ظروف سياسية معقدة.
وقال للجزيرة نت إن الجامعة العربية ورغم تأخرها في حل قضية الجنوب ودارفور وتأييدها للحكومة في كافة قضايا الصراع السودانية "لن يمكنها من تحقيق نواياها إلا إذا ما اختار الجنوب الوحدة وحلت قضية دارفور".