تباينت آراء شخصيات ليبية مقربة من الزعيم الليبي معمر القذافي والابن الثاني سيف الإسلام إثر تهديدات الأب يوم الخميس لسويسرا، وتحميل سيف الإسلام السبت ليبيا جزءا من المسؤولية عن الأزمة القائمة مع الغرب
ودعا القذافي أمام حشد من رؤساء الدول العربية والإسلامية إلى مقاطعة بضائع سويسرا وطائراتها وسفنها وسفاراتها، ووصفها "بالملة الكافرة الفاجرة المعتدية على بيوت الله".لكن سيف الإسلام قال لمجلة تايم إن الخلاف بين طرابلس وبيرن دليل على وجود قضية أكثر خطورة وإلحاحا داخل ليبيا، وهي التعاطي مع الديمقراطية والقيم الغربية بعد سنوات من العزلة.
ليست تهديدات
ويعتقد القيادي في اللجان الثورية محمد الشحومي أن العقيد القذافي لم يطلق تهديدات صريحة على سويسرا، وأكد دعوته للشعوب الإسلامية إلى ضرورة الانتباه للظروف السياسية المحيطة بها.قال الشحومي للجزيرة نت إن أوروبا لا تقوم سياستها إلا بإظهار القوة، وأوضح أنه "إذا اختلفت مع دولة أوروبية تعمد تلك الدولة إلى وسائل الضغط وممارسات القوة".
وأكد أن الدول الأوروبية في حاجة إلى مواجهة، وبهذه المواجهة، حسب الشحومي، تعترف بأن هناك قوة مضادة لها، ونبه إلى أنه ليس من مصلحة بلاده استعداء أحد، وكذلك ليس من مصلحة سويسرا كسب عداوة ليبيا. وتحدث كذلك عن نموذج إيطاليا بعد اعترافها بالحوار مع الجماهيرية ونجاحها في برامج تعاونية بعيدة عن سياسات إظهار القوة، وأكد أهمية مواجهة سويسرا بالقوة "بعد أن وصلت الإهانات إلى ما وصلت إليه".
مخرجات الأب
ويقول مصدر مقرب من سيف الإسلام فضل عدم الكشف عن اسمه إن تصريحات القذافي الأخيرة شكلت "صدمة" للعالم الذي كان يعتقد أن ليبيا تغيرت.وأوضح أن ردود الأفعال جاءت عكسية "حتى من العالم الإسلامي" ولا تتناسب مع حجم تحريض القذافي، وأضاف أن تصريحات سيف الإسلام كشفت عن أزمة حقيقية في عدم القدرة على التأثير في "مخرجات الأب".ودعا المصدر في حديثه للجزيرة نت إلى ترقب المرحلة المقبلة بعد انتهاء القمة العربية في نهاية الشهر الجاري، وتوقع أن "أزمة المسار إلى أين؟" سوف تتحول إلى برنامج عمل لإصلاحات داخلية.
وبدوره أيد رئيس رابطة أنصار هنبعل القذافي محمد الطويل ما جاء في خطاب القذافي يوم الخميس.وقال للجزيرة نت إن القائد -في إشارة إلى الزعيم القذافي- دعا إلى اتخاذ موقف موحد ضد ما تقوم به سويسرا من انتهاكات لحرية الأديان وتجاوزات حقوقية وإنسانية. وأوضح أن القذافي أطلق هذه الدعوة بوصفه قائد القيادة الشعبية الإسلامية العالمية، وتوقع ظهور بوادر ما دعا له القائد في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف في مدينة بنغازي
ولم ير الطويل تباينا بين وجهتي نظر الأب والابن، وإن كان يرى دعوة القذافي أكثر فعالية لكونها تضع سويسرا في موقف محرج مع دول الاتحاد الأوروبي، خاصة أن أي إجراءات ليبية ضد سويسرا ستشمل بقية دول شنغن، ما سيؤثر على المشاريع ورؤوس الأموال الأوروبية الضخمة في الجماهيرية. وأكد المحلل السياسي مصطفى الفيتوري أن القذافي عبر في خطابه عن وجهة نظر شريحة عريضة من المسلمين، وأكد جدية الموقف الليبي في مواجهة إجراءات سويسرا "العنصرية".
وتحدث الفيتوري للجزيرة نت عن تراجع الطرف السويسري -بعد اعتذار الرئيس السويسري لليبيا في أغسطس/آب الماضي- عن فتح تحقيق بشأن وقائع تسريب صور اعتقال هنبعل وعقيلته قبل عام في مكتب حكومي بجنيف.وقال إن سويسرا استخدمت وسائل ابتزاز وصفها بأنها رخيصة بتعطيل حصول الليبيين على تأشيرات شنغن. ورأى الفيتوري أن ليبيا لا تسعى إلى التصعيد، ورجح أن الأزمة القائمة لن تتطور أكثر من ذلك لتدخل أطراف أوروبية. وأيد الفيتوري تصريحات سيف الإسلام، وقال إن ليبيا جزء من المشكلة مع الطرف السويسري، مع ملاحظة أنها جزء من الحل أيضا، وأردف أن تصريحات سيف الإسلام لا تتناقض مع تصريحات الأب.