تشهد العلاقة بين المفوضية القومية للانتخابات في السودان والأحزاب السياسية المعارضة توترا، وذلك إثر مذكرة تقدم بها أكثر من 21 حزبا، وتتعلق بمآخذ متراكمة على المفوضية.
ومن مآخذ المعارضة قضايا خاصة بالتسجيل ولا سيما في كردوفان والجنوب وكذلك ترسيم الدوائر، فضلا عن قضايا تسجيل الجيش.
وتسائل هذه الأحزاب المفوضية عما يعدونه تجاوزات، وينذرونها بموقف موحد قد يذهب إلى حد مقاطعة الانتخابات إذا هي لم تقدم ردا مقنعا على مذكرتهم.
ورغم ذلك تقول المفوضية -وهي هيئة مستقلة أنشئت للإشراف على انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بالتوافق بين الأحزاب السياسية- إنها لم تغير شيئا في نهجها، وإنها ليست لديها مشاكل مع الأحزاب.
لا مشكلة
وأكد مسؤول اللجنة الفنية بالمفوضية الفريق الهادي إن "المفوضية ليست لديها مشاكل مع الأحزاب، وإن الأمر لا يعدو مجرد انتقادات، سترد عليها المفوضية في الأيام القادمة.
وقال الهادي للجزيرة نت إن المفوضية أخذت مذكرة الأحزاب بعين الاعتبار وإنها سترد عليها في كتيب يرد على اعتراضات كل القوى السياسية، وأوضح أنها ليست المذكرة الأولى.
وأضاف أن الأحزاب التي تتهمها بالانحياز إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم ليس لديها دليل على ما تقوله، وأكد أن الانتخابات ستتم في وقتها وأن كل شيء بات جاهزا.
وبدوره دافع المسؤول الإعلامي في الحزب الحاكم ربيع عبد العاطي عن المفوضية قائلا إنها "هيئة مستقلة ونزيهة أنشئت طبقا للدستور الانتقالي وبالتوافق".
وقال للجزيرة نت إن حزبه ليس طرفا في مشكلة مع المفوضية، وإنهم يبدون ملاحظتهم لها مثل جميع الأحزاب الأخرى، وطالب الأحزاب باحترام التوجيهات التي تصدرها المفوضية "لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات".
مشكلة
ولكن كمال عمر المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الشعبي اعتبر أن "كلام المفوضية ليس له أساس، ولدينا مشكلة مع المفوضية"، وعزا ذلك لما قال إنه ابتعاد المفوضية عن الالتزام بقانون الانتخابات وبالقواعد الأخلاقية العامة.
وحمل عمر المفوضية مسؤولية ما يتوقع أنه سيحدث من فوضى في السودان إذا تمت الانتخابات بصورة غير نزيهة، وضرب مثالا بمشكلة تسجيل الناخب من الجيش في مقر العمل بدلا من مقر الإقامة، وهو ما رأى أنه يفقد الناخب حرية الاختيار.
وقال للجزيرة نت إن المفوضية تجاوزت القانون وتحولت إلى مشرع، حين قلصت فترة سحب الترشيحات، وفسر ذلك التقليص بأنه مساعدة لحزب المؤتمر لأنه يمنع المرشحين من التكتل.
أجندة
وقال يوسف حسين عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني الناطق الرسمي باسمه إنهم لاحظوا أن المفوضية "غير نزيهة وتعمل لخدمة أجندة المؤتمر الوطني الحاكم"، وذهب إلى وصفها بأنها "أسوأ من المطلوبات الأمنية".
وأوضح حسين في حديث للجزيرة نت أن 21 حزبا شاركت في تقديم مذكرة للمفوضية، وإذا لم تجد هذه الأحزاب ردا إيجابيا فإنها ستتخذ موقفا موحدا قد يذهب إلى حد المقاطعة.
ومن جانبها أبدت مساعد الأمين العام لحزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي استياء كبيرا من توجيه المفوضية بفرض إخطار بأي عمل سياسي يقوم الحزب به، حتى ولو كان في مقر عمله، وأوضحت أن ذلك يتنافى مع الحريات ولاسيما في زمن الحملة الانتخابية.
وتأسفت المهدي في حديثها للجزيرة نت على ما أصبح عليه الحال من عدم ثقة في المفوضية، وأبدت استياءها من الطريقة التي استقبلت بها المفوضية مذكرة الأحزاب حين رفضت استقبالها بداية بحجة الانشغال، ثم استقبلتها في النهاية بفتور شديد.
ضغوط
ورغم ما تهدد به الأحزاب السياسية من موقف قوي، هوّن المحلل السياسي إسماعيل آدم من التوتر بين المفوضية وتحالف جوبا، حسب تعبيره، ورأى أن الأمر لا يعدو ضغطا على المفوضية من أجل تحقيق مكاسب انتخابية.
وقال للجزيرة نت إن الدليل على صدق ما يراه هو أن المعارضة قدمت مذكرتها في مسيرة مأذونة، في بادرة لم تقع قبل في السودان، وأن الأحزاب كلها ماضية في حملتها.
وأكد أن الانتخابات ماضية، خاصة أن الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الرئيس في الحكم تنظر إلى هذه الانتخابات باعتبارها مفتاح استفتاء الجنوب، ولذا فهي لا تريدها أن تتأخر