توعد عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، بغضب واضح، بتشديد القوانين لتنفيذ العقوبات الجنائية بشكل أسرع ضد المحكوم عليهم، في أول رد فعل على اغتيال النائب العام هشام بركات، الاثنين، في تفجير استهدف موكبه في القاهرة.
وقال السيسي الذي كان محاطا بأقارب بركات بُعيد مشاركته في الجنازة: "يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين.. لن ننتظر هذا.. سنعدّل القوانين التي تجعلنا ننفذ العدالة بأسرع وقت ممكن".
وبركات أرفع مسؤول حكومي يُقتل منذ بدء الهجمات التي تعلن منظمات إسلامية متطرفة تنفيذها ردا على الاعتقالات والأحكام التي صدرت بحق الإخوان المسلمين منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 جويلية 2013 بانقلاب عسكري قاده السيسي.
وأضاف السيسي الذي بدا غاضبا: "خلال أيام تُعرض قوانين الإجراءات القانونية المضبوطة التي تجابه التطوّر الذي نقابله.. نحن نواجه إرهاباً إذن يجب أن يكون هناك قانون يواجه هذا".
وتابع وهو يشير بقبضة يده المضمومة: "لن نأخذ خمس أو عشر سنوات لنحاكم الناس التي تقتلنا".
ومنذ الانقلاب على مرسي وحملة القمع التي شنتها الأجهزة الأمنية ضد أنصاره، قتل الآلاف منهم، واعتقل غالبية قادة الإخوان المسلمين.
في المقابل، قتل عددٌ كبير من رجال الشرطة والجنود في هجمات منذ الانقلاب على مرسي، ولا سيما في شمال شبه جزيرة سيناء. وصدرت أحكامٌ جماعية غير مسبوقة بالإعدام ضد المئات من الإخوان، كما صدرت أحكام بالسجن ضد آلاف آخرين من رافضي الانقلاب، بينهم ناشطون علمانيون. ويمنح القانون المصري المتهمين حق الطعن في الأحكام الصادرة في حقهم في عملية قانونية طويلة ومعقدة تستمر سنوات.
وألغت محكمة النقض أحكاما بإعدام متشددين، ينتمون إلى "داعش"، أدينوا بقتل جنود مصريين في سيناء وكذلك متظاهرين من الإخوان المسلمين أدينوا بقتل ضباط شرطة أو المشاركة في أحداث عنف تلت الانقلاب على مرسي في 3 جويلية 2013.
لكن السيسي قال بحزم وصرامة واضحة لقضاة ووكلاء نيابة التفوا حوله بعد الجنازة: "لا المحاكم بهذه الطريقة وهذه الظروف ستنفع ولا القوانين في هذه الظروف ستنفع.. هذا الكلام ينفع مع الناس العاديين". وتابع: "يصدر حكم بالإعدام سيُنفذ حكم الإعدام. يصدر حكم بالمؤبد سيُنفذ حكم المؤبد.. القانون، القانون!" على حدّ تعبيره، في حين يؤكد متتبعون كثيرون أن "القانون" الذي يتحدث عنه السيسي ليس إلا أداة في أيدي الانقلابيين لتصفية خصومهم، في ظل الانحياز الصارخ لجهاز القضاء إلى صف الانقلابيين.
وخارج المسجد الذي أحيط بحراسة أمنية مشددة، تجمّع قرابة 50 شخصا من مؤيدي السلطة مرددين هتافات "الشعب يريد إعدام الإخوان"، ذلك فيما كانت طائرات مروحية عسكرية تحلق فوق المكان. وفي أجواء غلب عليها الحزن، طالب وزير العدل المصري أحمد الزند، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الإخوان، القضاة بـ"الثأر" لقتل بركات؟
وقال الزند فيما كان جمعٌ من القضاة يلتفون حوله "الكرة الآن في ملعب القضاة. اثأروا للشهيد الصائم بركات بالقانون.. القانون الناجز العادل الذي لا يأخذ خمس سنوات".
وعلّقت معظم المحطات الفضائية بث مسلسلات رمضان الاثنين حدادا على بركات، وحل محل هذه البرامج الترفيهية أخرى سياسية ظهر فيها مذيعون ومحللون طالبوا الدولة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الإخوان المسلمين، وكذا الجهاديين في سيناء.
في المقابل، حذر سياسيون ليبراليون وجماعات حقوقية من الدخول في مرحلة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن مصطفى بكري، رئيس تحرير صحيفة "الأسبوع" والبرلماني السابق المقرّب من الرئيس السيسي قال إنه يتوقع أن يتم تقديم حزمة من القوانين المشدّدة لاجتماع مجلس الوزراء الأربعاء المقبل. وقال بكري لوكالة الأنباء الفرنسية: "أي حقوق إنسان؟ أي توازن؟!".
وبالنسبة إلى المذيع أحمد موسى، المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية، فإن قتل بركات "يجب أن يواجه بإعدام مرسي و999 إرهابي" في إشارة إلى قيادات الإخوان المسلمين. وقال موسى في برنامجه بصوت مرتفع، داعيا إلى المزيد من القمع والدوس على الحقوق والحريات الأساسية: "أريد أن أعرف ما الإجراءات التي ستتخذ؟ أي قوانين سيتمّ سنها؟ كيف نسمح للناس أن تتظاهر مجددا؟ كيف نسمح للناس أن تتحدث عن حقوق الإنسان؟!".