اعتبر راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، أن تنظيم “داعش” هو البديل عن إقصاء التيار الإسلامي المعتدل، كاشفا انه طلب من القادة السعوديين القيام بمصالحات في المنطقة العربية وفي مصر.
وقال الغنوشي، في مقابلة مع صحيفة (الخبر) الجزائرية نشرت السبت: “داعش هو البديل عن الاعتدال الإسلامي، في العراق عندما أقصى المكون السياسي المعتدل عن العملية السياسية ظهر داعش، وكذلك سورية عندما أبيد التيار الإسلامي المعتدل قدم داعش نفسه كمدافع عن الطرف المقصي، تونس نفسها لمدة 30 سنة عندما كانت النهضة موجودة لم تعرف تطرفا ولا سلفية وقاعدة وداعش، كل هذا جاء بعد تغييب النهضة في التسعينيات والعشرية الأولى من الألفية بكم هائل من العنف”.
وأكد الغنوشي أن داعش يمكن مواجهته فكريا لان تصورهم للإسلام لا يستقيم من ناحية الدليل، وان الخلل في فكر داعش ومدخل الشر والتطرف هو تكفير المسلم بالذنب، بينما يلح الإسلام على أن الفكر الوسطي والتيار الرئيس في الفكر الاسلامي رفض تكفير المسلم.
وذكر أن هناك خيارين يتصارعان في الوطن العربي هما خيار العنف والإقصاء وخيار الوئام والتوافق ـ مشددا على أن لا حل في المنطقة العربية إلا بتبني الخيار الثاني.
وقال “مصر تغرق في الظلام وقيادتها تدفعها إلى المجهول والى الكارثة، ولذلك دعوت وما زالت أدعو إلى الإعراض عن هذا الخيار الكارثي واللجوء إلى الصلح والحوار، مصر بحاجة إلى جيش تحتاجه الأمة وليس لقمع شعبه والتصور باختفاء الإخوان المسلمين بإصدار مئات أحكام الإعدام تصور خاطئ”.
وتساءل: “فلماذا تضييع الوقت والرهان على الحلول الخاسرة والجواد الخاسر سيظل هناك جيش وسيظل هناك إخوان وستظل هناك كنيسة وقوى ليبرالية ولا مناص أن يعترف الجميع بالجميع″.
وكشف عن انه طالب من كل الرؤساء الذين قابلهم بالتدخل لمنع وقوع الإعدامات في مصر، وانه دعا القادة السعوديين والمملكة السعودية بما لها من وزن روحي واقتصادي أن يقوموا بمصالحات في المنطقة كلها وفي مصر ، متمنيا أن تجد هذه الدعوات استجابة لدى القادة الذين التقاهم في السعودية وتركيا والجزائر.
ونوه الغنوشي إلى أن المستفيد من الهجوم الإرهابي الذي استهدف سياحا أجانب بفندق بمدينة سوسة هم ” أعداء خيار الانتقال الديمقراطي في تونس الذين لا يريدون خيرا ولا ينظرون بإيجابية للخيار التونسي”.
وأضاف ” المستهدف كان النموذج التونسي المبني على الوئام الوطني والتوافق لأنه النموذج الوحيد الذي نجح والمستهدف هو الدولة التونسية لتحويلها إلى دولة فاشلة منهارة، لان ضرب السياحة هو ضرب للاقتصاد لدفع الدولة إلى الفشل والانهيار”، كما أشار إلى خلل فني فادح ستكشف عنه التحقيقات.
ورأي الغنوشي، أن سياسة الحكومة التونسية تميل إلى توظيف الإرهاب في تصفية الحسابات السياسية وأن هناك بعض الأطراف تريد الاستثمار في المصيبة التي حلت بالبلاد وتريد توجيه التهمة لهذا الطرف أو الخصم السياسي بطريقة لا اخلاقية دون مراعاة لا الحقيقة ولا المصلحة العامة التي تقتضي توحد الجميع في مواجهة الإرهاب.
وكشف الغنوشي عن أن حركة النهضة ليست مع إجراء تعديل حكومي في الظروف الحالية، مستطردا بالقول “الدولة تحتاج إلى دعم حتى تتماسك وعندما تكون الدولة في زمن حرب يكون الوقت وقت وحدة وطنية ورص الصف وحشد كل قوى الشعب وراءها، الوضع يقتضي دعم الوحدة الوطنية”، مشددا على رفض فكرة العفو عن المسلحين حتى يجنحوا للسلم.
ولفت رئيس حركة النهضة إلى أن هناك أطرافا داخلية وخارجية تدفع التونسيين والليبيين إلى حالة قطع العلاقات بين البلدين، موضحا أن في ذلك تعريض مصالح التونسيين والليبيين إلى الخطر وأن غلق السفارة التونسية في طرابلس هو إجراء ظرفي ومؤقت.
وقال ” التعامل مع ليبيا بخلفيات إيديولوجية يضر بالمصلحة الوطنية بقطع النظر عمن يحكم ليبيا إلا أن تكون ليبيا محكومة من قوة أجنبية أو إرهابيين، نرفض التدخل الأجنبي في ليبيا وندعم الحوار والحل التوافقي. حاولت ومازالت أحاول تفعيل الحوار وتقريب الليبيين من كل الجهات وإقناعهم بترك السلاح والجلوس على طاولة المفاوضات والبحث عن توافقات”.
وتحدث الغنوشي عن علاقة بلاده بالجزائر، وقال إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حريص على أمن تونس وازدهارها واستقرارها لكي لا يتمكن الإرهاب منها، موضحا أن العلاقة مع الجزائر أولوية قبل كل العلاقات الأخرى. كما أعلن رفضه تركيز أية قواعد عسكرية أجنبية بدعوى أن استقلال تونس ليس مطروحا للمساومة.