قدرت مصالح وزارة المالية، خسارة الجزائر جراء "أزمة البترول" عند نهاية السنة الجارية في مداخليها 32.2 مليار دولار، الأمر الذي سيؤدي إلى سوء تغذية لصندوق ضبط الإيرادات، الذي يعتبر "عكاز" الجزائريين، حيث ستنخفض التدفقات على الصندوق بـ1099.8 مليار دينار، فيما ستتراجع احتياطات الصرف الجزائرية إلى 151.5 مليار دولار بنهاية الخمسة أشهر القادمة، وهو ما يمثل قدرة وطنية على الاستيراد لمدة 26 شهر فقط.
رفعت وزارة المالية للحكومة تقريرا حمل أرقاما رهيبة عن الوضعية المالية للجزائر، أرقاما ترهن المشاريع التنموية وتجعل الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد على كف عفريت، ومنذ بداية "الأزمة النفطية" لأول مرة تتعمق مصالح عبد الرحمان بن خالفة في انعكاسات انهيار أسعار البترول في السوق العالمية، حيث حددت الخسارة عند 32.2 مليار دولار من مداخيل صادرات المحروقات، في حال استقر متوسط سعر برميل البترول الجزائري في مستوى 60 دولار بناء على تقديرات مشروع قانون المالية التكميلي لهذه السنة، فبعد أن كان متوقعا أن تصل مداخيل صادرات المحروقات عند نهاية السنة 66 مليار دولار، حسب توقعات قانون المالية الأولية المبنية على معدل سعر البترول بـ 100 دولار أعيد تقدير هذه المداخيل والتي لن تتعد حدود 33.8 مليار دولار.
وعلى اعتبار أن الجزائر تعول بصفة مباشرة على صندوق ضبط الإيرادات في تغطية عجز الميزانية المسجل بصفة دورية فقد أكدت وزارة المالية تراجع مستوى تغذية صندوق ضبط الإيرادات إلى 710.8 مليار دينار بعد أن كان في مستوى 1810.6 مليار دينار في 2014 أي بتراجع قدره 1099.8 مليار دينار وما يمثل نسبة 60.7 بالمائة، وهو ما يمثل بحسب المتابعين للشأن الاقتصادي خطرا على استمرار تواجد هذا الصندوق وأدواره.
وأول مظاهر خطورة تراجع تمويل هذا الصندوق انعكاسات تغطية هذا الأخير لعجز الخزينة العمومية والمقدر في 2015 في حدود 2037.4 مليار دينار بمعنى أن تغذية الصندوق بموارد مالية جديدة هذه السنة سيكون ضعيفا بالمقارنة مع ما سيتم استهلاكه منه، حيث يمثل ما سيدخل للصندوق أقل من 34.9 بالمائة مما سيتم صرفه من الصندوق على اعتبار أن مداخيل الصندوق لن تتعدى 710.8 مليار دينار في مقابل نفقاته ستكون عند حدود و 2037.4 مليار دينار، وهذه الحركة السلبية من شأنها أن تقلص من عمر محتويات الصندوق التي بلغت في نهاية سنة 2014 حوالي 4408.5 مليار دينار، ناهيك عن أن حركة الموارد المالية للصندوق ستكون سلبية هذه السنة على اعتبار ان الموارد المقرر أن تدخل الصندوق خلال السنة الجارية (710.8 مليار دينار) فقط وهي قيمة مالية لا تغطي سوى 34.8 بالمائة من الموارد المالية المقرر صرفها من الصندوق خلال السنة الجارية.
ومن بين أهم الحقائق التي صارحت بها وزارة المالية الحكومة، خلال إعدادها لمشروع قانون المالية التكميلي وجعلت عملية مناقشة النص التشريعي الذي سيصدر بأمرية رئاسية في ظل انصراف البرلمان بغرفتيه على العطلة عجز الميزان التجاري وتراجع احتياطي الصرف، عجز الميزان التجاري يتوقع أن يكون عند نهاية السنة الجارية أكثر من 24.5 مليار دولار كون واردات السلع ستستقر في حدود 57.3 مليار دولار وصادرات المحروقات ستنخفض إلى 33.8 مليار دولار هذا الوضع سيؤدي لا محالة إلى الإسهام في تراجع احتياطي الصرف إلى حدود 151.5 مليار دولار، وهو ما يمثل في لغة التجارة الخارجية قدرة وطنية على الاستيراد مدتها 26 شهرا فقط.