بعد رحيل شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إلى جوار الله في المملكة العربية السعودية، ثار جدل بشأن خلافته في منصب يعادل رئاسة الوزراء في مصر.
وقد ووري جثمان الشيخ الفقيد الثرى في البقيع بالمدينة المنورة، في حين قال أحد العاملين في مكتبه إن الدكتور محمد واصل وكيل شيخ الأزهر سيتولى إدارة شؤون المؤسسة مؤقتا حتى تعيين شيخ جديد.
وتداولت تقارير إعلامية بعض الأسماء المحتملة لخلافة طنطاوي، مثل رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب الدكتور أحمد عمر هاشم، ووكيل الأزهر الحالي الدكتور محمد واصل والمفتي الحالي الدكتور علي جمعة.
واعتذر عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي في حديث للجزيرة نت عن توقع الأسماء التي من المحتمل أن يخلف أحدها الشيخ طنطاوي.
التعيين واقع
غير أنه يرى أن شيخ الأزهر سيكون إما عضوا في مجمع البحوث أو ممن هم في مستوى أعضاء المجمع من المتخصصين في الدراسات الإسلامية أو المدرسين في الجامعات أو ممن شغلوا وظائف القضاء والإفتاء.
وأضاف أن من يتولى مشيخة الأزهر لا بد أن يكون "ورعا تقيا مراقبا لربه سليما من كل ما يعيبه أمام المسلمين ويكون قدوة واسع الصدر وكثير الحلم هادئ النفس، وذا عقل راجح وخبرة بأمور الدعوة الإسلامية وعليما بمسائل تجديد الخطاب والفكر الديني ومعروفا بالاجتهاد".
وأعادت وفاة الشيخ طنطاوي إلى ساحة الجدل مسألة التعيين أو الانتخاب في اختيار شيخ الأزهر، وذلك بعد أن أصبح هذا المنصب بالتعيين بدلا من الانتخاب بموجب تفعيل قانون الأزهر العام 1961 وألغيت هيئة كبار العلماء.
ويرى وكيل وزارة الأوقاف المصرية الدكتور سالم عبد الجليل أن مسألة التعيين أو الانتخاب "أصبحت منتهية، لأن الأزهر أضحى جزءا من المؤسسات التعليمية التي تخضع للقانون المصري وينفق عليها من ميزانية الدولة".
وأضاف في حلقة أمس من برنامج "ما وراء الخبر" على شاشة الجزيرة أن قضية انتخاب شيخ الأزهر "أصبحت أحلاما وأمنيات"، وأن "التعيين هو النتيجة الطبيعية للتطورات التي شهدتها إدارة الأزهر".
وقال إن كون شيخ الأزهر يعينه الرئيس المصري بقرار جمهوري فإن ذلك "لا يعني أنه سيكون بالضرورة ممالئا للسلطة"، وأكد أن شيخ الأزهر "يستأنس في قراراته بآراء أعضاء مجمع البحوث"، وأن "مسألة التعيين أو الانتخاب هي فقط شكلية"، وأشار إلى أن "السلطة في مصر عندما تختار تكون مدركة لخطورة هذا المنصب فلا تختار إلا من هو أهل له بالفعل".
أمل يجب تحقيقه
أما الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين محمد سليم العوا فاعتبر أن "الانتخاب أمل يجب العمل على تحقيقه والوصول به إلى مرتبة الواقع".
وقال في البرنامج نفسه إن "القانون رقم 103 لسنة 1961 يجعل اختيار شيخ الأزهر من بين أعضاء مجمع البحوث باقتراح منهم، وحتى إذا لم يتم الاختيار منهم فإن هذا القانون يشترط أن يكون شيخ الأزهر مستوفيا لشروط عضوية مجمع البحوث".
وتمنى العوا أن "يعود الأمر إلى مجمع البحوث ليرشح من يراه مناسبا للمشيخة ويصدر القرار الجمهوري بتعيينه، وأكد أن "انتخاب شيخ الأزهر من مجمع البحوث خير من أن يأتي الرئيس بمن يشاء وبمن تشاء الإدارة المصرية".
وأوضح أن "التعيين يجعل المعين أقرب ما يكون إلى تحقيق أغراض وأهداف وآمال ومصالح من عينه"، بينما يكون المنتخب "أقل امتثالا وأقل رغبة في تحقيق مصالح السلطات التي عينته".
جدل من سيصبح الشيخ الـ46 للأزهر أو الإمام الأكبر كما يسميه القانون بعد طنطاوي ربما لن يدوم طويلا، لأنه سيحسم بقرار من الرئاسة المصرية، غير أنه من المحتمل أن تنتظر عودة الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي أجرى عملية جراحية في الأيام الأخيرة في ألمانيا