تحامل تقرير أمريكي على وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، بكثير من المزاعم المغلوطة والادعاءات التي لا أساس لها من الصحة، واتهمها بالتساهل في محاربة ظاهرة العبودية، ليضاف بذلك إلى العديد من التقارير الأمريكية السابقة المنتقدة لوضعية حقوق الإنسان في البلاد.
التقرير الذي أفرجت عنه كتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية، وضع الجزائر في مقدمة الدول التي لا تبذل جهودا على صعيد محاربة العبودية، وفق معايير القانون الذي وضعه الكونغرس الأمريكي لمكافحة الاتجار بالبشر.
ويعد هذا التقرير المنتقد للجزائر، الثاني من نوعه في ظرف أقل من شهر، ويأتي بعد نحو أسبوعين من صدور تقرير انتقد بدوره الوضع العام لحقوق الإنسان في الجزائر، وهو التقرير الذي أثار حفيظة السلطات الجزائرية، التي سارعت عبر وزارتها للخارجية، إلى استدعاء سفيرة أمريكا بالجزائر، قبل أن ترد بعنف عليه، معتبرة إياه "تضمّن مغالطات وأحكاما تم بناؤها على استنتاجات مغرضة"، بحسب الرد.
ويقسم التقرير الخاص بتقييم السنة المنصرمة والمتعلق بظاهرة الاتجار بالبشر، دول العالم إلى ثلاثة مستويات، المستوى الأول يضم حكومات الدول المتوافقة تماماً مع الحدود الدنيا لمعايير قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر والقضاء على هذه الظاهرة، بينما شمل المستوى الثاني الحكومات التي لا تتوافق مع المعايير الدنيا للقانون المذكور، لكنها تبذل جهودا متميزة من أجل الوصول إلى مستوى التوافق مع هذه المعايير، أما المستوى الثالث فيضم الحكومات التي لا تتفق مع معايير القانون الذي وضعه الكونغرس الأمريكي لمكافحة الاتجار بالبشر.
وغابت الدول العربية عن المستوى الأول، فيما توزعت على المستويين الثاني والثالث، وكان لافتا وجود الجزائر في المستوى الثالث إلى جانب دول مثل أريتريا والكويت وليبيا وموريتانيا وسوريا واليمن، في حين ضم المستوى الثاني كلا من السودان وتونس وسلطنة عمان والعراق والأردن والبحرين والمملكة المغربية وجيبوتي والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وقطر.
ويتكون التقرير من 384 صفحة، ويعرّف معدوه الاتجار بالبشر بأنه "ظاهرة باتت تثير قلقاً دولياً وينتج عنها ضحايا من البالغين والأطفال من جنسيات أجنبية ومواطنون يسافرون مسافات طويلة، سواء عبر قنوات مشروعة أم غير مشروعة، ليتعرضوا إلى الاستغلال إضافة إلى أولئك الذين يتعرضون إلى الاستغلال دون مغادرة أوطانهم".
ووصف وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في الكلمة التي ألقاها بمناسبة الإعلان عن التقرير، المتاجرين بالبشر بأنهم "قساة وبلا رحمة" . وقال إنهم "يقتاتون على أكثر الناس انكساراً ويستهدفون الضعفاء والقانطين والمعزولين ويرددون وعوداً كاذبة وينقلون ضحاياهم عبر الحدود ليعملوا دون جوازات سفر أو هواتف في أماكن لا يتكلمون لغتها".
ويرى متابعون أن الولايات المتحدة لا تتوفر على أهلية الحكم على الآخرين في قضايا حقوق الإنسان، طالما أن يديها ملطختان بدماء الأبرياء في بقاع العالم، والأمثلة على ذلك كثيرة وأبعد من أن تحصر، بسبب الحروب التي خاضتها ضد شعوب ودول، كما حصل في أفغانستان والعراق والصومال، وهي الحروب التي خلفت دمارا وتشريدا لعشرات الملايين من البشر.