أثار مشروع قانون المصالحة الوطنية في تونس جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية.. ويتضمن مشروع القانون إجراءات تهدف إلى تبرئة رجال أعمال وموظفين قاموا خلال فترة ما قبل الثورة بالاستيلاء على المال العام مقابل إعادتهم لتلك الأموال لخزينة الدولة.
هذا وتحولت مبادرة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي حول إبرام صلح بين الدولة ورجال أعمال تعلقت بهم تهم فساد ونهب للمال العام قبل الثورة تحولت إلى مشروع قانون بعنوان المصالحة الوطنية صادق عليه مجلس الوزراء وأحيل على البرلمان للمصادقة عليه.
ويقضي هذا القانون بإيقاف التتبعات العدلية ضد كل رجل أعمال يعيد إلى الدولة مانهبه منها.. ويعد القانون حسب بعض المراقبين نوع من المصالحة بين القوى السياسية.. لكن المعارضة تعتبره انقلاباً على الثورة.
وفي حديث لمراسلتنا أشار القيادي بالجبهة الشعبية التونسية نزار عمامي القانون بأنه "انتكاسة كاملة وانقلاب كامل.. وحتى أكثر من ذلك، وهو بالحقيقة التفاف على الثورة التونسية ويأتي في إطار محاولات الإنهاء والقضاء التام على مسار الثورة في تونس."
وتواجه حركة النهضة المشاركة في الحكومة غضب جزء هام من قواعدها بسبب تصالحها مع المنضومة القديمة.. ولم تعلن الحركة بعد موقفها الرسمي إزاء قانون المصالحة لكنها تصر على استمراها في سياسة التصالح مع كل مكونات المجتمع في تونس.
وصرح رئيس الكتلة النيابية لحركة النهضة نورالدين البحيري لقناة العالم قائلاً: نحن مع المصالحة مبدئياً ودافعنا ومازلنا ندافع عنها مهما قيل، لكن هذه المصالحة يجب أن تكون منضبطة ضمن الشروط الدستورية والقانونية ولا يتحمل أحد تبعات كل ما حصل.
ودفع مشروع قانون المصالحة هيأة الحقيقة والكرامة إلى اعتباره محاولة لضرب مسار العدالة الانتقالية، كما أجمع عدد من رجال القانون على أنه غير دستوري.
وفي هذا الشأن قال رجل القانون والنائب في البرلمان التونسي غازي الشواشي لمراسلتنا إن "القانون مخالف للدستور التونسي، باعتبار أن الدستور التونسي نص في الفصل 148 على التزام الدولة باحترام وضمان مسار العدالة الانتقالية، كما أن القانون يعتبر بمثابة السطو وافتكاك جزء هام من صلاحيات هيأة الحقيقة والكرامة."
وهناك انعكاسات منتظرة لقانون المصالحة الوطنية، قد يكون توحيد صف المعارضة أول نتائجها.. وقد يفتح قانون المصالحة الوطنية إذا تمت المصادقة عليه باباً آخر أمام عودة رجال العهد القديم إلى المشهد العام في تونس، لكنه سيوفر أموالاً هامة لخزينة الدولة التي تعاني منذ الثورة متاعب مالية جمة.