ستلقي إجراءات التقشف التي أقرتها الحكومة بسبب انهيار أسعار البترول وتراجع عائدات البلاد، بظلالها على الدخول الاجتماعي لهذه السنة، وستكون عدة وزارات في مأزق مواجهة "قنابل موقوتة"، حيث من المنتظر أن تستهل شريحة واسعة من الطبقة العاملة ومواطنون دخولها الاجتماعي بـ"طوفان" من الاحتجاجات، في عدة قطاعات هامة، في مقدمتها السكن، الوظيف العمومي، الصحة والتربية.
الوضع الاقتصادي المفاجئ فرض على الحكومة إقرار جملة من إجراءات التقشف مست عديد القطاعات، وهو ما سيخلط حسابات الحكومة التي اعتادت على التعامل مع موجة الاحتجاجات التي صاحبت الدخول اجتماعي في السنوات الماضية، بأريحية نظرا للبحبوحة المالية التي كانت تتمتع بها الخزينة العمومية، مع إطلاق حزمة اجراءات لشراء السلم الاجتماعي.
وبحسب ما كشفت عنه قيادات تنظيمات نقابية بمختلف القطاعات، فإن الدخول الاجتماعي لهذه السنة لن يمر بردا وسلاما، نظرا لبرامج الحركات الاحتجاجية وموجة الإضرابات التي ستصاحبه، حيث سيكون مستخدمو مختلف الإدارات العمومية الذين يمثلون حوالي مليونا عاملا، على رأس موجة الغضب موازاة مع الدخول الاجتماعي، بسبب خيبة أمل هؤلاء على خلفية "تتفيه" قرار إلغاء المادة 87 مكرر، وما ترتب عنه من بقشيش لم يرض الطبقة العمالية جملة وتفصيلا.
وفي هذا السياق، أشار عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، عبد القادر فاطمي، إلى أن الحكومة ستتحمل تداعيات خيبة الأمل التي أصابت حوالي مليونا عاملا، بعد أن تحايلت - حسبه - في إلغاء المادة 87، وما ترتب عنها من زيادات مالية محتشمة تمثلت في "بقشيش"، ناهيك عن أنها لم تمس إلا شريحة قليلة من مستخدمي الإدارة العمومية، وعلى ذلك أكد فاطمي عزم "سناباب" للعودة إلى الشارع، غير مستبعد شل عدة قطاعات التي تنتمي إليها شريحة واسعة من الأسلاك المشتركة كالتربية، الصحة ومختلف الإدارات العمومية، كخيار لإجبار الحكومة على التراجع عن تحريف إلغاء المادة 87 مكرر.
فئة عقود ما قبل التشغيل والشباب حاملي الشهادات، أحد أهم الملفات التي سيستعصى امتصاص غضبها هذه السنة، بسبب قرار تجميد المسابقات في إطار إجراءات التقشف، وهو ما ترفضه المنظمة الوطنية للشباب حاملي الشهادات على لسان الأمين العام زبشي خالد، الذي أكد أن "الضغط سيولد حتما الانفجار"، مستنكرا أن يتم إقرار إجراءات التقشف على عقود ما قبل التشغيل والشباب حاملي الشهادات بدل المهرجانات والحافلات.
كما أوضح المتحدث أن المجلس الوطني للمنظمة في انتظار رد من مصالح الوزير الأول، بخصوص المطالبة بإلغاء قرار تجميد المسابقات، ليتقرر فيما - يضيف - الفصل في خيار النزول إلى الشارع.
ولعل من بين الملفات التي ستضع حكومة سلال على كفتي عفريت، ملف السكن، بسبب تجميد عديد المشاريع السكنية الجاهزة وتأخر توزيعها بعدة ولايات من الوطن، بقرارات من الولاة ورؤساء الدوائر وتواطؤ الأميار.
أما قطاع التربية سيشهد هو الآخر من دون شك انطلاقة استثنائية، والسبب القرار غير المتوقع من قبل الوزيرة نورية بن غبريت، التي أقرت التدريس باللغة العامية في المرحلتين الأوليين من الطور الابتدائي، وهو ما فجر "فتنة" وسط النقابات والشخصيات الوطنية والسياسيين وأولياء التلاميذ، أضف إلى ذلك مطالب نقابات القطاع التي لازالت عالقة.
قطاع الصحة لا يختلف عن القطاعات الأخرى، فبالرغم من أن الوزير عبد المالك بوضياف فتح مجال الحوار مع النقابات، نتج عنه تسوية عديد الملفات العالقة، حسب ما أكده رئيس النقابة الوطنية لشبه الطبي، غير أن بقاء بعض المطالب التي لم تستجيب لها الوصايا مع عدة أسلاك في القطاع كالأطباء العامون، الأخصائيون النفسانيون، أعوان التخذير، سيدفع موظفو القطاع لانتهاج أسلوب الاحتجاج.
أما قطاعات الشؤون الدينية والتضامن الوطني، هي الأخرى معنية بمباشرة دخول اجتماعي ساخن، فبخصوص الأولى لازالت مطالبها عالقة مع مصالح الوزير محمد عيسى، وهددت بالدخول في حركة احتجاجية، أما عمال قطاع التضامن الوطني - بحسب - ما أكده ممثل من "سناباب" فانه لا خيار لهم إلا العودة إلى الإضراب في حال لم يتم التكفل بمطالبهم.