تعرف أسعار النفط تراجعا مستمرا وغير مسبوق، في ظل توقعات انخفاضها إلى دون مستوى 35 دولار للبرميل خلال الثلاثي الأخير من العام الجاري، بعد العودة المرتقبة لإيران للأسواق النفطية، وهو السعر الذي يكون دون مستوى السعر المرجعي الذي تعتمده الحكومة في إعداد موازنتها العامة، ما يعني أن الجزائر في مواجهة مرحلة لن تكون باليسيرة.
يرى رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور أن جميع المؤشرات تؤكد أن أسعار النفط ستعرف تراجعا أكثر من المستوى الذي المسجلة حاليا، سواء في المدى المتوسط أو البعيد، وذلك للتحولات الجذرية في استهلاك الطاقة وإنتاجها التي يعرفها العالم، ففيما يخص الاستهلاك فقد شهدت عدة دول ترشيدا في استهلاك الطاقات التقليدية، وشرعت في التوجه نحو الطاقات المتجددة، وبالتالي فان نمو الطلب على المحروقات منخفض، بكثير مما كان عليه في السابق، وهو نفس الأمر فيما يخص الإنتاج حيث اتجهت الكثير من الدول إلى إيجاد بدائل عن البترول التقليدي كاستغلال الغاز الصخري، ما يعني ارتفاع الإنتاج مقابل انخفاض الطلب، ما يعني أن أسعار النفط ستستمر في الانخفاض في المدى الطويل.
ويعتقد المتحدث أنه مع عودة إيران إلى الأسواق النفطية، بعد رفع العقوبات الاقتصادية عليها، سيتضاعف العرض ما يؤدي إلى تراجع الأسعار، كما يضيف بنت بيتور عامل التناقض "الموضوعي" بين الدول الأعضاء في منظّمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، حيث تهتم بعض الأعضاء بحجم صادراتها من النفط أكثر من السعر، فيما تبقى أخرى رهينة السعر، وهو ما جعل الأولى ترفض تخفيض الإنتاج لكبح انهيار الأسعار.
ومن خلال هذه المؤشرات فلا يمكن ـ بحسب بن بيتور ـ أن نتصور سعر البرميل طيلة العشر سنوات القادمة فوق 70 دولار في أحسن الظروف، في حين أن سعر التوازن في الميزانية الجزائرية يقدّر بـ 100 دولار، ما يعني في نظر رئيس حكومة بوتفليقة بين عامي 1999- 2000، أن الدولة ستعجز حتى عن دفع أجور الموظفين في غضون 2017، منتقدا لجوء الحكومة إلى سياسة "الوهم النقدي" لتغطية العجز المسجل في الميزانية، من خلال تخفيض قيمة الدينار مقارنة بالدولار، حيث فقدت العملة الوطنية أكثر من 30 بالمائة من قيمتها خلال ستة أشهر.
ويضيف المتحدث أن الجزائر فوتت فرصة الأريحية المالية التي فاقت فيها أسعار النفط 120 دولار، ولم تتمكن وضع إستراتيجية لاستغلال الموارد المالية التي توفرت لديها لبناء اقتصاد بديل عن ريع المحروقات، ما يعني بحسبه أن فاتورة تغيير النمط الاقتصادي للبلاد أصبحت جد مكلفة نظرا لتركيبة النظام السياسي القائم.