دعت منظمة الشفافية الدولية الاثنين البرلمان التونسي الى “عدم المصادقة” على مشروع قانون “المصالحة” الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، محذرة من أنه “سيشجع″ على الفساد و”اختلاس المال العام” في حال تمريره.
ومنتصف تموز/يوليو الماضي، تبنت حكومة الحبيب الصيد “مشروع قانون اساسيا يتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي” وأحالته على “مجلس نواب الشعب” (البرلمان) للمصادقة عليه.
ويقضي مشروع القانون بوقف محاكمة رجال اعمال وموظفين كبار في الدولة متورطين في جرائم فساد مالي شرط ان يعيد هؤلاء الاموال المستولى عليها.
واعلنت الشفافية الدولية ومنظمة “أنا يقظ” التونسية لمكافحة الفساد (غير حكومية) في بيان مشترك ان مشروع القانون “يقضي بالعفو عن الجرائم السابقة للأشخاص المورطين في اختلاس المال العمومي وغير ذلك من الأموال المشبوهة”.
وقالت المنظمتان انه “ينبغي” على البرلمان “أن يرفض هذا المشروع بصيغته الحالية” لانه “يشكل تدخلا صارخا في عمل السلطة القضائية وانتهاكا جسيما لقيم المساءلة والشفافية المكرسة في الدستور التونسي، إذ سيشجع كل من تسول له نفسه على اختلاس المال العمومي في المستقبل”.
ولم يحدد البرلمان تاريخا للنظر في مشروع القانون الذي رفضته المعارضة ومنظمات غير حكومية و”هيئة الحقيقة والكرامة”، وهي هيئة دستورية مستقلة مكلفة تطبيق قانون “العدالة الانتقالية” الذي صادق عليه البرلمان في 2013.
واعلنت سهام بن سدرين رئيسة “هيئة الحقيقة والكرامة” ان “محاسبة” المتورطين في الفساد المالي واجراء “مصالحة” معهم هي “صلاحية (قانونية) حصرية” للجنة “التحكيم والمصالحة” وهي احدى لجان الهيئة.
وحذرت بن سدرين من ان مشروع القانون الذي قدمه الرئيس التونسي “تطغى عليه الرغبة في تبييض الفساد، و(تكريس) الإفلات من العقاب، ولا يضمن عدم تكرار جرائم الفساد بل يشجع الفساد”.
وطالب مشروع القانون بأن “تلغى جميع الاحكام المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام” من قانون “العدالة الانتقالية” الذي صادق عليه البرلمان التونسي في 2013 وأحدثت بموجبه هيئة الحقيقة والكرامة.
وقال رئيس منظمة الشفافية الدولية خوزيه أوغاز ان “مشروع القانون الجديد سيُميّع المفهوم النبيل للحقيقة والكرامة. فهو سيخول لكبار المتحيلين الذين كدسوا الثروات تحت لواء الديكتاتور السابق (زين العابدبن) بن علي التهرب من العدالة مقابل ضخ بعض ما حققوه بطرق غير مشروعة في عجلة اقتصاد البلاد، ولن يزيد ذلك الفاسدين إلا سطوة ونفوذا”.
و”لا يتضمن (مشروع القانون) أي فصل يجبر المورطين في الفساد على الإفصاح عن أتباعهم أو المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى الذين ساعدوهم على اختلاس الأموال وبذلك، سيمكن الفاسدين من الإفلات من العدالة” وفق بيان المنظمتين.
كما “لا ينص بوضوح على كيفية التصريح بالمبالغ المنهوبة كاملة، ولا يحدد طرق مكافحة التحيل، ويترك بذلك الفرصة سانحة أمام الفاسدين للتستر على ثرواتهم” بحسب المصدر نفسه.
وكان فساد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته وأصهاره، من ابرز اسباب الثورة التي اطاحت به في 14 كانون الثاني/يناير 2011.