هوّن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لارشي، من مخاوف عودة العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى التوتر في المستقبل القريب، في حال أحكم اليمين الفرنسي قبضته على مفاصل الدولة في بلاده، في الانتخابات الرئاسية المرتقبة بعد أقل من سنتين.
وأوضح رئيس الغرفة العليا للبرلمان الفرنسي (اليميني) أن العلاقة بين الجزائر وباريس لا يمكن أن تتأثر بمجرد انتقال السلطة من اليمين إلى اليسار أو العكس لكونها تنطوي على كثير من الخصوصية، وهو ما دفعه إلى الحرص على إدراج العضو البارز في الحزب الاشتراكي، جون بيار شوفنمان (رئيس جمعية فرنسا الجزائر)، ضمن الوفد الذي يرأسه خلال الزيارة، كما قال.
ويعتبر لارشي من رموز اليمين الفرنسي، وهو أحد الفاعلين في حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية سابقا، الذي أصبح يعرف بـ "الجمهوريين" حاليا، والذي يقوده الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، وكان قد تربع على رئاسة مجلس الشيوخ في العام 2008 ليعود إليه في 2014، بعد خسارة اليسار للأغلبية البرلمانية في الانتخابات الأخيرة.
ومعلوم أن العلاقات الجزائرية الفرنسية شابها الكثير من التوتر عندما كان اليمين مستحكما في دواليب الدولة الفرنسية، فهو الذي سن قانون تمجيد الاستعمار، وعرّض العلاقات الثنائية للكثير من المطبّات بسبب تصريحات بعض رموزه، وفي مقدمتهم الرئيس الحالي لحزب الأغلبية، ساركوزي، المرشح بقوة للعودة إلى سدة قصر الإيليزي.
وغلب الطابع الاقتصادي على حديث جيرار لارشي في الندوة الصحفية التي عقدها صبيحة أمس بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومدين، قبل مغادرته عائدا إلى بلاده، وكالعادة كان الانشغال المتعلق بالقاعدة الاستثمارية 49/51 حاضرا بقوة، حيث نقل تدمر بعض المستثمرين الفرنسيين، من هذه القاعدة، التي تضمنها قانون المالية التكميلي لسنة 2009، مؤكدا بأنها أخذت قسطا من محادثاته مع المسؤولين الجزائريين خلال الزيارة.
وقال لارشي: "قابلت بعض مسؤولي المؤسسات، وقد عبروا لي عن رغبتهم في الاستمرار في نشاطاتهم الاستثمارية بالجزائر، في بعض القطاعات، على غرار الصناعات الغذائية والسيارات والخدمات، غير أنهم بدوا غير متحمسين بسبب القاعدة الاستثمارية 49 / 51، التي تحوّل المستثمر إلى مجرد مناول"، مشيرا إلى أن المسؤولين الجزائريين يدركون هذا الانشغال، وقد عبّر عن ذلك الوزير الأول، عبد المالك سلال، في زيارته الأخيرة لفرنسا، يقول لارشي، الذي تمنى أن يجد الطرف الجزائر حلا لهذه المسالة، مؤكدا في الوقت ذاته استعداد بلاده، بعد ذلك، للذهاب بعيدا في مساعدة الجزائر من أجل إخراج اقتصادها من التبعية لقطاع الطاقة.
وفي سياق آخر، قال لارشي إنه تباحث مع الرئيس بوتفليقة حول عدد من المسائل الإقليمية، وفي مقدمتها الأزمة في مالي، التي لعبت الجزائر دورا في جمع الفرقاء على طاولة الحوار وقيادتهم للتوقيع على اتفاق أنهى الاقتتال بين الإخوة الفرقاء، كما تباحثا حول الأزمة الليبية، وحث الطرف الجزائري على مساعدة الفرقاء في هذا البلد من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية، وهو الأمر الذي وصفه بالصعب، لكنه ضروري، كما قال، من أجل إنهاء فتنة باتت تهدد الجميع.