وصف تحالف لقوى معارضة في السودان، فاتحة جلسات الحوار الوطني التي ابتدرت في الخرطوم، السبت،بأنها "مهزلة"و"مسرحية سيئة الإخراج"، وذلك في أعقاب مقاطعة غالب، قوى المعارضة المدنية والمسلحة، علاوة على غياب المجتمع الدولي، والاتحاد الأفريقي عن حضور الجلسة الافتتاحية، وأعلن اعتزامه وضع تعهدات الرئيس بوقف الحرب وإتاحة الحريات على المحك بإخضاعها لاختبارات عملية.
وقال القيادي بحركة "الإصلاح الآن" حسن عثمان رزق، أن مالا يقل عن 60 من قوى المعارضة المدنية والمسلحة حزمت أمرها بمقاطعة مؤتمر الحوار الوطني، علاوة على إحجام جل ممثلي الهيئات الدولية ممثلة في الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي ودول الترويكا، والاتحاد الأفريقي عن المشاركة فيه.
وأشار رزق في مؤتمر صحفي عقده تحالف القوى الوطنية، ومنشقين عن مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية، السبت، إلى أن خطاب الرئيس الذي ألقاه في فاتحة جلسات المؤتمر، تضمن تنازلات واضحة وركونا إلى مطالب المعارضة التي ظلت تثيرها منذ فترة.
وأفاد أن حديث البشير تميز بلغة لينة تجاه الإتحاد الأفريقي، والوسيط الأفريقي ثابو مبيكي، بعد أن ظلت التصريحات السابقة تتسم بالعدائية، واعتبر ذات التحول في لهجة الحكومة تجاه الأفارقة خطوة إيجابية من شأنها الدفع باتجاه عقد المؤتمر التحضيري بأديس أبابا.
ومع ذلك قال رزق أن قوى المعارضة لاتمانع في عقد الملتقى التحضيري داخل السودان، حال رأى الاتحاد الأفريقي ذلك،وأشار إلى أن عدم موافقة الأفارقة على ذلك يجب أن يلزم الحكومة ويدفعها باتجاه تقديم تنازلات تكفل التئام المؤتمر في الخارج للتحضير الجيد للحوار الوطني.
وأوضح القيادي بحركة الإصلاح أن المعارضة ظلت على الدوام تطالب بإيقاف الحرب، وأن البشير أبدى استعدادا لتحويل وقف العدائيات المحدد بشهرين لوقف شامل ، لافتا الى أن تلك التصريحات سيتم اختبارها بالتشاور مع حاملي السلاح.
ومضى رزق الى القول بأن إعلان الرئيس فتح النشاط السياسي أمام الأحزاب وتوجيهه الولايات والمحليات بوضع الأمر قيد التنفيذ، يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتابع" سنضع ذلك على المحك ونطلب إقامة ندوات خارج دور الحزب".
وطالب الأمين العام لتحالف القوى الوطنية فرح عقار، التحالف المعارض بالتشبث بموقفه، وبث تطمينات الى للنازحين واللاجئين والذين اجبروا على التهجير وأولئك الذين يتعرضون للقصف في مناطق الحرب، بأن قوى المعارضة ستحقق لهم طموحاتهم في السلام والعيش الكريم.
من جهته ابدي رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى، دهشته من رفض الحكومة الموافقة على عقد المؤتمر التحضيري، وقال متسائلا " كيف لوسيلة صغيرة أن تعطل هدفا كبيرا.. الوسيلة هي أين يعقد المؤتمر".
وأشار الى أن الحكومة درجت على مدى سنوات طويلة على البحث عن الحلول في العواصم الخارجية مستدلا بتفاهماتها التي وقعتها في كينيا والدوحة وقبلها أبوحا، لافتا إلى عدم وجود اى مبرر لترفض مؤتمرا مجمعا عليه في أديس، داعيا قيادات المؤتمر الوطني ليثوبوا رشدهم.
ووصف مصطفى الحوار الحالي بأنه منقوص، طالما أن القوى الحاملة للسلاح لا تحضره، لافتا إلى أن الهدف الرئيس للحوار هو إيقاف الحرب، وأكد استعدادهم للانخراط في الحوار، حال التأكد من أنه بات شاملا.
وفي السياق أعلن مبارك على إدريس رئيس حركة تحرير السودان، انسلاخ ست قوى من مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية، بعد تجاهل مطالباتهم التي دعت لتأخير إطلاق مؤتمر الحوار أملا في انخراط قوى المعارضة الممانعة، واصفا المجلس بأنه ليس سوى واجهة ديكورية.
واعتبرت رئيس الحزب اللبرالي ميادة سوار الذهب، الحوار الحالي بأنه مسرحية "هزيلة وسيئة الإخراج" تساهم في تمزيق البلاد. وترمي فقط لتثبيت أركان حكم المؤتمر الوطني ولشراء الوقت.
من جهته قال القيادي في التحالف محمود عبد الجبار، أن المقاطعة الواسعة التي ميزت مؤتمر الحوار، ينبغي أن تدفع الحكومة لتقديم مزيد من التنازلات، وان تسعى جديا لعقد صفقة سياسية مع معارضيها وتنفذ مباشرة إلى تكوين لجنة مع الحركات المسلحة لمباشرة ترتيبات وقف العدائيات.
وقال أن المعارضة عليها، حال تعنت الحكومة، التحرك باتجاه المجتمع الدولي والتواصل مع قوى الخارج لشرح موقفها ، ووضع ميثاق يوحد كافة أطياف المعارضة.وأضاف "لايوجد خيار ثالث بعد الآن " الحوار أو الثورة".
البعث : وعود البشير بلا قيمة
وفي المقابل رأى حزب البعث العربي الاشتراكي، في تصريحات الرئيس السوداني ، وعودا مكرورة سيما حديثه حول الإفراج عن المعتقلين وقال أنها باتت أمرا "لاقيمة له"، وشدد على أن حل أزمة السودان لن يتأتى الا بإسقاط النظام .
وقال المتحدث باسم الحزب محمد ضياء الدين في تعميم صحفي، أن خطاب البشير أكد بأن النظام الديكتاتوري ليس حريصا عن إيجاد أي مخرج وطني سلمي ﻷزمة البلاد عبر الحوار الوطني.
وأضاف "لقد خيب خطاب البشير وأسقط آمال ورهانات البعض الذي كان يأمل ويراهن علي مخرج يأتي عبر حوار يقوده المؤتمر الوطني ".
ونو الى أن الحديث بشأن العفو عن المعتقلين وإطﻻق سراحهم صار إمرا ﻻ قيمة له إذ جرت العادة بعد إطﻻق سراح المعتقلين السياسين أن يتم إعتقال آخرين.
وتابع " لذلك طالبنا ليس بإطﻻق سراح المعتقلين فحسب بل بإلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة التي تبيح الاعتقال وتمنع العمل السياسي علي أن تلتزم الدوله ومؤسساتها الأمنية خاصة بالحريات التي يكفلها الدستور ."
وأفاد ضياء الدين بأن معتقلات الأمن مازالت تضم عدد من المعتقلين من بينهم بابكر موسي عيسي ( معتمد).
ولفت الى أن جدية الرئيس كان ستتضح حال أعلن إسقاط الأحكام الصادرة بحق المحكومين السياسيين وقادة الحركات المسلحة وتابع " بل كان عليه أن يعلن عن إطﻻق سراح الأسري عبر إجراءات مشتركة مع الحركات المسلحة ..والأهم من ذاك الاعلان عن فتح ممرات آمنه عاجله لإغاثة المنكوبين جراء الحرب ".
ونوه المتحدث الى أن خطاب البشير لم يتطرق للاشتراطات التي تقدمت بها المعارضة من أجل تهيئة مناخ الحوار ، وعد تجاهلها يعني بوضوح رفض النظام لشروط المعارضة وإصراره علي المضي علي ذات نهجه الديكتاتوري ألآحادي ألإقصائي .
وقال أن البشير تجاهل في خطابه الأزمة الاقتصادية وانعكاسها علي الواقع المعيشي للمواطنين باعتبار أن هذه الأزمة تمثل أهم القضايا التي تهم المواطن السوداني بالإضافة لتحقيق الأمن والسلام .
وأضاف " كل ذلك يشير بوضوح الى إفلاس النظام وعجزه عن تقديم أي مساهمات جادة نحو حل الأزمة الوطنية الشاملة .
وأكد أن الحوار مع النظام لن يقود اﻻ لمزيد من تأزيم الواقع السياسي في البلاد وتحريف لطبيعة الصراع ودفعة خارج مسار أهدافه الرئيسة.
وقال أن التمسك بالحل السياسي الجذري لأزمات الوطن لن يأتي بالحوار ، بل يجب أن يقوم ويتأسس علي إسقاط النظام بإعتباره أس وأساس الأزمة السودانية .