أفتى الشيخ عبد الحي يوسف بعدم جواز التحلل الذي نص عليه قانون الثراء الحرام والمشبوه، واعتبره مدعاة لسرقة المال العام واستنكر الصمت الرسمي على ما يرد في الصحف ووسائط التواصل الاجتماعي بشأن الاعتداء على الأموال العامة، ثم لا يجد الناس أي خبر يفيد بمحاكمة الجناة.
وتورط الملازم شرطة غسان عبد الرحمن، الموظف بمكتب والي الخرطوم السابق، في التربح بأراضٍ بدون وجه حق، وانتهت القضية بالتسوية وإعادة الأموال عبر ما يسمى بالتحلل الذي جوزه قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989 حيث قضت لجنة تحقيق حينها باسترجاع ما قيمته 17 مليون جنيه، قبل أن يلقى غسان حتفه في حادث سير في مايو الماضي.
وبرأ وزير الداخلية هذا الأسبوع مدير الجمارك اللواء سيف الدين عمر ومدير مكتبه العقيد طارق محجوب من شبهات فساد، بعد أن تمت إحالتهما للتقاعد، حيث تداولت وسائط التواصل الاجتماعي على نطاق واسع معلومات مفادها تورط الرجلين في الفساد.
وقال الشيخ عبد الحي وهو خطيب مجمع خاتم الرمسلين بالخرطوم في خطبة الجمعة، "إن ما يشاع عن فقه التحلل إنما هو في حق من تاب من قبل أن يعرف ويقبض عليه فيرد المال من غير أن يفضح نفسه".
وتابع "أما من ثبتت عليه الجريمة فلا يوجد في حقه تحلل، والتحلل في حقه إنما هو إعانة لغيره على السرقة فإن كشف تحلل وإن لم يعرف تمتع بماله وهو ما لا يقول به أحد من أهل العلم".
وقطع عبد الحي بأن التحلل لا أصل له في الدين، وزاد "تجد أحدهم يأكل المال العام ثم يحج ويتصدق ويتكبر عن النصيحة ويعتقد أنه يعمل صالحا.. والله لن يقبل منه"، قائلا "من يأكل المال العام من أجل أن يبني عمارة ويركب سيارة ويأكل أطيب الطعام فهو يسمن بدنه للنار".
وأضاف "أنسان سرق وأكل المال العام وثبتت عليه البينة وأخذ بجرمة كيف نقول له تحلل من هذا المال لا لك وﻻ عليك.. كأننا نقول للناس اسرقوا واختلسوا فإن لم يعلم بكم أحد فهو حلالا لكم وأن علم بكم وانكشفتم ردوا ما أخذتم وانتم أحرار في أمن وأمان حتى تتحينوا فرصة أخرى للسرقة".
واستنكر الصمت الرسمي على ما يرد في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي من أخبار حول أكل المال العام "ثم لا يجد الناس أي خبر يفيد باﻷخذ على يد الجاني أو عقوبة ترده".
يشار إلى أنه جرى ترويج واسع منذ يوم الخميس لخطبة الجمعة التي سيتحدث فيها الشيخ عبد الحي يوسف، أحد أبز رجال الدين السلفيين بالسودان، عن الفساد والاعتداء على المال العام.
وأوضح عبد الحي أن الله قسم لكل إنسان رزقه، وشرع في تبيان المال الحرام، وأحصى منه السرقة من الناس وإغتصاب أموالهم والتعدي على حقوقهم، واستغلال بعض الناس القضاء ﻷكل أموال الناس بالباطل مستفيدين من ضعف حجتهم أو القوانين ووجوهها.
وأشار إلى أن التعدي على المال العام الذي هو ملك لعامة الناس، ورد فيه وعيد شديد في القرآن الكريم، مستدلا بالآية الكريمة: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة".
وأكد الخطيب أنه أينما وجدت الرشوة فهي تعني فساد نظام الحكم والخلل اﻹداري فيه، لأن الناس يلجأون لرشوة المسؤول لنيل حقوقهم ويلجأ آخرون لها لتحقيق باطل ليس لهم فيه حق.
وحذر من التعدي على أموال اليتامى والتحايل لتمرير المعاملات الربوية بتسمية الربا بغير اسمه، منبها إلى أن الله "توعد أكلة الربا بالحرب".