للأسبوع الثالث على التوالي، منع أنصار إمام مثير للجدل عزلته السلطات مؤخرا، إقامة صلاة الجمعة في جامع سيدي اللخمي في مدينة صفاقس (وسط شرق)، وطالبوا بإعادته.
وكما حصل في الاسبوعين السابقين، منع انصار رضا الجوادي، اماما جديدا عينته وزارة الشؤون الدينية من اعتلاء المنبر وإلقاء خطبة الجمعة.
وعندما همّ الإمام الجديد باعتلاء المنبر الجمعة، شرع مئات من انصار الامام المعزول بينهم نساء، بالهتاف بصوت واحد “الله اكبر” ما اضطر الامام الى الانسحاب.
وتجمع هؤلاء لاحقا امام مقر “المنظمة التونسية للشغل” (نقابة عمال) الذي يبعد نحو 100 متر عن الجامع، وشرعوا في ترديد شعارات مناهضة لوزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ مثل “يطيخ ارحل”، وأخرى من قبيل “الشعب مسلم ولن يستسلم” و”الشعب يريد الجوادي من جديد” و”بالروح بالدم نفديك يا جوادي”.
وخطب احد المتظاهرين في البقية قائلا “نريد توجيه رسالة الى رئيس الحكومة الحبيب الصيد، نقول له انه يتعين الحفاظ على الهدوء في صفاقس. القرارات القمعية والظالمة لا تحقق السلم في هذه المدينة”.
وغداة مقتل 38 سائحا أجنبيا في هجوم في 26 حزيران/يونيو الماضي على فندق في ولاية سوسة (وسط شرق) تبناه تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف، قرر رئيس الحكومة الحبيب الصيد غلق 80 مسجدا اتهمها بـ”التحريض على الارهاب” وعزل أئمة وصفتهم وسائل اعلام محلية بـ”الوهابيين” و”المتطرفين” وبينهم الجوادي.
وإثر الاطاحة مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان يفرض رقابة صارمة على دور العبادة، سيطر “تكفيريون” على “أكثر من 1000 مسجد” استرجعت السلطات معظمها، حسب ما اعلنت وزارة الداخلية في 2014.
ووفق الوزارة، تم في المساجد التي خرجت عن السيطرة التحريض على قتل قوات الامن والجيش، وجمع تبرعات مالية لتنظيمات “ارهابية”، وتجنيد شبان “حديثي العهد بالتدين” وارسالهم لقتال القوات النظامية في سوريا.
ومنذ ان تسلمت حكومة الصيد مهامها في 6 شباط/فبراير الماضي تم عزل نحو 20 إماما “من أصل 18 الفا في البلاد” وفق سليم بالشيخ المسؤول في وزارة الشؤون الدينية الذي قال ان “المساجد مرفق عام يخضع لاشراف الدولة وليست قطاعا خاصا”.
ورضا الجوادي عضو “المنظمة التونسية للشغل” التي أسسها في 2013 لسعد عبيد المنشق عن “الاتحاد العام التونسي للشغل” (المركزية النقابية).
والمنظمة والجوادي محسوبان على حركة النهضة الاسلامية التي قادت حكومة “الترويكا” من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014.
وكانت وزارة الشؤون الدينية في حكومة الترويكا عينت في 2012 رضا الجوادي امام جمعة في جامع سيدي اللخمي أكبر جامع في صفاقس.
وقد عزلته الوزارة في ايلول/سبتمبر الماضي بسبب تنظيمه “اجتماعات نقابية” في الجامع.
ومساء الخميس اطلقت السلطات سراح الجوادي مع اخرين بعد ان كان تم توقيفهم الثلاثاء بتهمة “جمع اموال من دون ترخيص (قانوني) في جامع سيدي اللخمي” على ان يمثلوا لاحقا امام القضاء.
وأعلن مسؤول بوزارة الشؤون الدينية الجمعة في تصريح للإذاعة الرسمية ان الملاحقين في هذه القضية جمعوا تبرعات من المصلين، واموالا من مواطنين مقابل “إشهار عقود الزواج بالجامع″ و”هذا مخالف للقانون”.
واضاف ان هؤلاء تصرفوا في الجامع و”كأنه ملك خاص” وقاموا بـ”بيع ممتلكات الجامع″ من دون علم الوزارة و”كأننا بدولة داخل الدولة”.
“تصفية حسابات”
ومساء الخميس اعلن رضا الجوادي بعيد الافراج عنه ان التهم الموجهة اليه “كيدية”.
وقال أحد المتظاهرين ويدعى صابر لفرانس برس “الامام الجوادي ضحية مظلمة كبيرة، سوف آتي هنا كل جمعة ان لزم الامر (للمطالبة باعادته)، لسنا دعاة عنف او فتنة لكننا سنساند إمامنا الى الآخر”.
وتساءل بوراوي الذي كان يقف أمام أحد الابواب الكبيرة لجامع سيدي اللخمي “لماذا تعارض السلطات ارادة آلاف الاشخاص، بينهم محامون واطباء ومهندسون وتجار؟” معتبرا عزل الجوادي عملا “سياسيا” والتبعات القضائية بحقه “تصفية حسابات”.
من ناحيتها قالت فاطمة التي سبق لها الدراسة عند الجوادي ان الاخير “داعية معتدل ومتسامح”.
والجوادي مدرس مادة التربية الاسلامية بالمدرسة الثانوية النموذجية في صفاقس.
المشتبه بهم “اعترفوا”
وقال المتحدث باسم وزارة الشؤون الدينية في تصريح للاذاعة الرسمية “تؤكد الوزارة ان التهم التي تم توجيهها الى رضا الجوادي ومن معه ليست تهما كيدية وليست سياسية هي افعال ثابتة اعترف بها المظنون فيهم (..) والوزارة متمسكة بتتبعهم قضائيا”.
وقال مسؤول اخر بالوزارة لفرانس برس “الوزارة تأسف لمنع صلاة الجمعة للاسبوع الثالث على التوالي، هذا امر مرفوض شرعا وقانونا، وتعبر عن استيائها مما حصل”.
واضاف ان الوزارة “لن تتراجع عن موقفها” وانها “متمسكة بالامام الجديد” الذي قال انه “سليل عائلة علم ودين”.
وكان الامام الجديد امّ الناس في صلاة الجمعة في ثلاث مناسبات وفي صلاة عيد الاضحى عندما كان الجوادي في السعودية يؤدي مناسك الحج، وفق المسؤول.